قضايا وآراء

دلالات ورسائل

| ميسون يوسف

في لحظة غابت عن توقع المراقبين، وفي توقيت بالغ الدقة والخصوص، قام الرئيس بشار الأسد بزيارة طهران وعقد لقاء قمة مع قيادتها، زيارة ولقاءات لم تكن فقط من أجل تقديم التهاني شخصياً وباسم سورية بالعيد الأربعين لانتصار الثورة الإسلامية، بل كانت أيضاً بدافع من ظروف تشكلت في الآونة الأخيرة، ورغبة في توجيه رسائل لمن يعنيه الأمر.
فمن حيث الظروف تأتي الزيارة بعد أن ظهر التردد والإرباك الأميركي شديداً من باب التقلب في مسألة الانسحاب من سورية، فأميركا التي تعتدي وتنتهك السيادة السورية باحتلالها لأرض سورية لا تستقر على موقف يتصل بهذا الاحتلال، فهي تدعي يوماً بأنها ستنسحب ثم تعلن بأنها ستؤجل ثم تنتهي للقول إنها تنسحب جزئياً، تقلب وتردد يفرض على أقطاب محور المقاومة المزيد من التنسيق لمواجهة التلاعب الأميركي خاصة أن قرار تحرير كامل الأرض السورية من أي إرهاب وأي احتلال قرار لا رجعة فيه سورياً ولا تراجع في دعمه إيرانياً.
إلى هذا التقلب الأميركي يضاف التلون والغش والخداع التركي، حيث يبدي رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان التزاماً عند لقاءات القمة مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني، ثم يعود إلى أنقرة وينقلب على ما التزم به ليثبت بأنه أجير أميركي يخدم المصالح الأميركية ضد سورية ووحدتها، فإذا كان السلوك الأميركي يعقد مسألة تحرير شرقي الفرات فإن السلوك التركي يطيل أمد الوجود الإرهابي في إدلب ويضع العوائق أمام التحرير.
وأيضاً لا يمكن أن يغيب عن البال في تعداد أهم الظروف التي أملت مثل هذه الزيارة ما يتردد عن استعداد وخطط إسرائيلية ضد سورية وضد الوجود العسكري الإيراني، استعدادات يريد منها نتنياهو أن تتحول إلى ورقة قوة ليستعملها في الانتخابات المقبلة.
في بيئة هذه بعض عناصرها تأتي زيارة الرئيس الأسد إلى طهران لتوجه 3 رسائل أساسية لهؤلاء ومن يتعلق بهم:
الأولى إلى أميركا وفيها القول إن محور المقاومة ماضٍ قدماً في تماسكه وإن كل الحروب التي شنت عليه لم تزده إلا تماسكاً، أما الاحتلال الأميركي فلن يكون شأن سورية فحسب، بل كما كان الدفاع عن سورية منذ سنوات مسؤولية محور المقاومة إلى جانبها فإن تحرير شرقي الفرات لن يخرج عن القاعدة.
ورسالة إلى تركيا مفادها أن التلون والخداع سيكون له حد في نهاية المطاف وأن محور المقاومة لن يصبر طويلاً على بقاء الإرهاب في إدلب حيث ستكون معركة تحريرها في وقت أقرب مما يتوقع التركي وسواه.
أما إسرائيل فإن نصيبها من الرسائل ليس قليلاً وأقله القول إن سورية وحدها من يقرر من يكون على أرضها ومن تعقد التحالف معه، وإن هناك قواعد اشتباك ومعادلات ردع جديدة في الميدان وإن شاءت إسرائيل أن تجرب فلتفعل ولتنتظر ساعة الندم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن