ثقافة وفن

المؤسسة العامة للسينما تعرض فيلمها في التوقيت غير المناسب … «عزف منفرد».. إيقاظ الروح الإنسانية والمشاركة والتعاون بين البشر.. ولا طريق للسلام إلا بالحب

| وائل العدس - تصوير طارق السعدوني

أطلقت المؤسسة العامة للسينما الفيلم الروائي الطويل «عزف منفرد» من تأليف وإخراج عبد اللطيف عبد الحميد، وذلك في عرض خاص في صالة سينما سيتي، علماً أنه حصل على جائزة الجمهور في مهرجان الرباط لسينما المؤلف العام الماضي.
وأدى أدوار البطولة كل من فادي صبيح ورنا شميس وجرجس جبارة وأمل عرفة وكرم الشعراني وبيدروس برصوميان وعبد الرحمن قويدر وفايز أبو شكر والشاب ورد عجيب.
ويضم الطاقم الفني مدير الإنتاج باسل عبد الله ومدير التصوير باسل سراولجي وفي التعاون الفني محمد عبد العزيز والمخرج المنفذ رواد شاهين، وفي الاستشارة الدرامية حسن سامي يوسف وعادل محمود والأزياء للاريسا عبد الحميد والمونتاج لرؤوف ظاظا وديكور أدهم مناوي وموسيقا خالد رزق.
وحضر العرض عدد من نجوم الشريط إضافة إلى ضيوف من الوسطين الإعلامي والفني منهم أيمن زيدان وحسن م يوسف وباسل الخطيب وهيام الحموي وديانا جبور وديمة قندلفت والمهند كلثوم وجود سعيد.
وفي كلمة مختصرة جداً، أعرب مخرج الفيلم عن سعادته بعرض الفيلم للمرة الأولى في سورية، مقدماً الشكر لفريق العمل ومخصصاً الجزء الكبير لبطل الفيلم النجم فادي صبيح معتبراً أن شخصية «طلال» التي جسدها انعكاس لشخصيته الحقيقية وما يمتلكه من قيم.

توقيت غير مناسب
عرضت مؤسسة السينما هذا الفيلم بعد أكثر من عام على تصويره، بعكس البلدان المتطورة سينمائياً التي تعرض أفلامها فور انتهائها من التصوير، فلم تختر التوقيت المناسب وانتظرت موعد ذروة الموسم الدرامي حتى قررت عرضه.
هذا القرار حرم الفيلم من حضور بطله فادي صبيح الموجود في الجزائر لتصوير مشاهده في مسلسل «ورد أسود»، بينما غاب كرم الشعراني هو الآخر لانشغاله في تصوير مشاهده في مسلسل «مسافة أمان» في دمشق.
وما زاد الطين بلّة أن المخرج أصيب بلقوة في فمه فرفض التصريح، أما أمل عرفة فلم تعط تصريحاً واحداً لأي وسيلة إعلامية.
كان من الأفضل أن تنسق المؤسسة مع أبطال الفيلم لإيجاد توقيت مناسب يعطي زخماً إعلامياً وتسويقياً بحضور جميع المشاركين.
من ناحية ثانية، دائماً ما يفوق عدد الحاضرين عدد المقاعد في الصالة، فيضطر كثيرون إلى متابعة العرض على الواقف كما حصل مع عدد من الإعلاميين، إذ إن المؤسسة تحجز عدداً من الكراسي لبعض النجوم وتترك الباقي على الله.

لمحة عن الفيلم
تدور أحداث الفيلم في عام 2013 في ذروة الحزن، وحاول المخرج من خلاله الوصول إلى مكان يخص سلوك الإنسان في لحظات حرجة جداً وإيقاظ الروح الإنسانية والمشاركة والتعاون بين البشر، لأن الفيلم يحكي عن الناس وكيف واجهوا الحياة والحرب، يروي بكل ذكاء أن لا طريق للسلام إلا بالحب، ولذلك يتضمن النص مقترحاً فنياً عالياً جداً.
الحرب ورطة كبرى في حياة البشر، وهي في الوقت نفسه مختبر متعدد الاستعمالات، يكشف أمراض المجتمع والأفراد، ويكشف أيضاً مزايا البشر، وأخلاق الأفراد، ويؤلف قصص التعاطف والتآزر في المحن.
في هذا الشريط محاولة إيضاح ما يمكن أن تسبب المصادفة من القصص المعبرة عن الإنسان الذي لا تُفقده الحرب حسه الإنساني، ولا تجبره الظروف على تجاهل الألم البشري، الذي «لفرط غزارته» يؤسس لبلادة العبور ونقص الانتباه.
«طلال» بطل مصادفة في المكان غير المتوقع، عازف جاور في التواليت كهلاً تجبره صعوبة التبول على الصراخ، يتعاطف معه ويأخذه إلى المستشفى، ومن هناك تبدأ الورطة الأخلاقية في مساعدة الرجل المجهول، في الوقت الذي يكابد فيه «طلال» صعوبات العثور على تكاليف الحياة اليومية.
إذاً «طلال» عازف موسيقي يتعرض لموقف إنساني يتعامل معه بكل جوارحه محبة وإيماناً منه بالإنسانية، من دون أن تجبره الظروف على تجاهل هذا الموقف الإنساني.
لحن فيروزي

وفي كلمة افتتاحية ألقاها المدير العام للمؤسسة العامة للسينما مراد شاهين قال: لطالما عودنا عبد اللطيف عبد الحميد في أفلامه على حس إنساني عميق، لا يصدر إلا عن إنسان مفعم بالإحساس والقيم النبيلة ملتزم بصدق مشاعره تجاه مجتمعه وناسه، يغوص عميقاً في العلاقات بينهم من خلال قصص مؤثرة وجميلة وبسيطة، يطرحها عبر أفلام سينمائية شكلت علامة فارقة في تاريخ السينما السورية، استطاع من خلالها أن يبين خصوصية المجتمع السوري الذي يقوم على علاقات اجتماعية وأسرية مترابطة وعميقة تراعي خصوصيتنا كأناس شرقيين نشعر بالالتزام والمسؤولية تجاه بعضنا، هذا الشعور الإنساني الذي يجعلنا ننتقل بمجتمعنا إلى فضاء أفضل قوامه دائماً المبادئ والقيم والأخلاق التي نسعى لتكون الأساس الذي سنبني عليه الآن وفي المستقبل.
وأضاف: يترك مخرج الفيلم العنان لنفسه ليعبر عن أصالة هذا المجتمع وعراقته، فلا هو هادن ولا هو انقاد تجاه ما أراده له الكثيرون خلال سنوات الحرب الطويلة، فمجتمعنا مجتمع دافئ، إنساني بالدرجة الأولى على الرغم من كل الأهوال التي حاولت من تغييره وتعطيله وإحباطه، وهو مجتمع عظيم لأنه صمد في وجه أعتى العواصف، ولأنه نشأ في أرض عظيمة شهدت الكثير، والكثير لكنها احتفظت على مر العصور بأصالتها التي لم ولن تتخلى عنها يوماً، وهو مجتمع عريق لأنه وفي لأرضه ولنفسه ولحضارته.
وأردف: الشريط هو لحن فيروزي جميل، على إيقاع جنائزي حزين في عرس شعبي أصيل تلونه رايات النصر والعزة والإباء في بلد أرضه تكونت من تراكم حضارات فوق حضارات وسقيت بدماء شهداء وشهداء حتى أصبح هذا الطقس جزءاً من لون حضارته الذي يرتد على البشرية ساطعاً لامعاً دافئاً كدفء خيوط شمس الفجر تطل بها على السفوح والهضاب والوديان.

اثنان في واحد
بدورها عبرت رنا شميس عن سعادتها للصدى الإيجابي الذي حققه الفيلم عند عرضه الأول، حيث أدت دوراً تمثيلياً وغنائياً طربياً في آن واحد.
وأشارت إلى أن شخصيتها إيجابية ملأى بالحب والموسيقا، حضرت في مكان ليس لها، من أجل المحافظة على عائلتها.
وأوضحت أن الحب الذي يحكي عنه الفيلم هو المطلوب في وقتنا وظروفنا الحالية ليستطيع كل فرد تجاوز العثرات والمصاعب والظروف المحيطة.
وقد قدمت شخصية الزوجة «سوسن» التي تعمل في محل للألبسة الجاهزة، وهي امرأة أصيلة ومحبة لبيتها وزوجها، حيث تحاول بكل قوة المرأة الدفاع عن بيتها عند تعرّضه للخطر، فتقاومه بكل الوسائل، حتى بالغناء.

إضافة مهمة
وقال جرجس جبارة إن العمل مع المخرج عبد الحميد فرصة مبكرة ومهمة أظهرته بإبداع آخر من خلال تقديمه بصورة مختلفة حيث أدى في العمل شخصية إنسانية بكل متاهاتها، سواء كانت تراجيدية أم كوميدية، فـ«العم إبراهيم» وهو رجل طاعن في السن، تقوده الأحداث والمصادفة ليكون في مسار حياة «طلال» ومن خلاله كل أسرته ومحيطه، مؤكداً أننا لن نستطيع تحديد ماهيتها لكنها تجتمع في إطار الإنسانية، معتبراً السينما إضافة مهمة لمسيرة كل فنان سوري.

التجربة الثانية
من خلال هذا الفيلم، خاضت أمل عرفة تجربتها السينمائية الثانية مع عبد الحميد بعد فيلم «صعود المطر» عام 1995، ورغم أن دورها قصير لكنه أساسي ومفصلي عن قصة حب.
وقدم في الشريط شخصية «ريما» تكون على علاقة حب قديمة بالزوج الذي تزوج زميلتها، فتتجاوز الموضوع وتبقى على تماس حياتي بعيد نسبياً عنهما.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن