ثقافة وفن

(كيف نعيش في سلام) كتاب تفاعلي توعوي … مي أبو جيب لـ «الوطن»: الكتاب بلغتين للتأكيد للخارج بأن سورية وطن المحبة والسلام

| سوسن صيداوي - تصوير: أسامة الشهابي

من المحلية تبدع الذات في الكثير من المجالات ومنها ما يهمنا اليوم، هو رسم الشخصية والعمارة عبر ألوان زاهية، في صياغة منسوجة بحلو الكلام وعذب الموسيقا، تبحر معنا عبر عبارات في المبادئ والقيم، غير مبتعدة عنا لا من حيث الشكل أو المضمون، فالإبداع هو منتج من شابات سوريات ومقدّم لكل سوري للكبير والصغير على حدّ سواء، في مبادرة إنسانية تحث على التمسك بالذات النقية المحبة، لدعم الأطفال المصابين بالسرطان ضمن حملة جمعية (بسمة) التي انطلقت خلال الشهر الحالي تحت شعار(الأمل يبدأ من بسمة)، وعبر كل ذلك وأكثر أطلقت مي وماسة أبو جيب -الفنانتان التشكيليتان- كتاباً مصوراً حمل عنوان: (كيف نعيش بسلام) في مساهمة بتخصيص جزء من ريعه لدعم الأطفال المصابين بالسرطان كما ذكرنا أعلاه، مضمونه توعوي، متنوع الصور لشخصيات طفولية سورية مع عمارة دمشقية متنوعة، تأليفه جاء باللغتين العربية والإنكليزية، بأسلوب إرشادي بعيد عن التلقين ويقدم فرصة عبر تفاعل الطفل القارئ أو الأهل واليافعين -فالكتاب يستقطب شريحة كبيرة بعيدة عن عمر محدد- بإدراك قيم إنسانية أصيلة تهمه شخصياً وتساعده على الاندماج بالمجتمع والنمو بطريقة صحية سليمة بعيدة عن الضغوطات، وفق طريقة تضج بالإيجابية والتفاؤل والكثير من الاحترام للنفس والآخر وصولاً للسلام الداخلي ومنه الانطلاق إلى تحقيق السلام الخارجي في العيش مع الآخر. هذا ويضم الكتاب قرصاً ليزرياً يتضمن أغنية من تأليف مي أبو جيب وألحان عازفة القانون ديمة موازيني، والأغنية مصورة بأسلوب ثنائي الأبعاد. كما وتجدر الإشارة إلى أنه تمّت استضافة حفل توقيع الكتاب في المركز الوطني للفنون البصرية في دمشق. وللمزيد تابعوا التفاصيل.

نؤكد على قيم مفقودة
حدثتنا بداية الفنانة التشكيلية مي أبو جيب أن الكتاب يقدم مجموعة من القيم والتي أصبحت مفقودة في مجتمعنا، «للأسف الذي يتابع ما يقدّم للأطفال عليه أن يكون حذراً وعليه ملاحظة كمية القبح والبشاعة والعنف وحتى اللفظي التي تقدّم للأطفال من خلال الرسوم المتحركة التي تعرضها الشاشات، ونحن أردنا أن نقدم شيئاً -مهضوماً- يحمل بالوقت نفسه الطابع الشرقي ويكون بسيطاً ومحبباً للطفل وقريباً منه عبر عرض مجموعة من القيم الإنسانية العميقة، وفق أسلوب تفاعلي خلال ثمانية عشرة سؤالاً، محفزة لخيال الطفل، هذا وأريد أن أشير إلى سبب طباعة الكتاب بلغتين بالعربية والإنكليزية، بغرض طرحه خارج سورية، لتمكين الخارج من الاطلاع على فكرنا وما نسعى إليه عبر أجيالنا، متحدّين ما مررنا به بالتأكيد بأن سورية عُرفت عبر العصور بأنها وطن المحبة والسلام».
أما بالنسبة للأغنية المرافقة للكتاب والتي قامت مي أبو جيب بتأليفها تقول «نحن في عصر سمعي وبصري، والموسيقا تحفز الطفل أكثر، وتعلّمه بشكل أسرع، فالأفكار والمعلومة ترسخ أكثر في عقله، وشارك في الغناء أولاد أختي».
وعن خبرتها التي اكتسبتها من خلال عملها بتحريك الدمى وكيف وظفتها اليوم في تأليف هذا الكتاب قالت أبو جيب: «من المؤكد أنني استفدت كثيراً من تجربتي بتحريك الدمى، وبالنهاية الفنون كلّها مرتبطة ببعضها سواء الرسم أم الموسيقا أو صناعة الدمى، لذا حاولت توظيف كل هذه الفنون لتعطي صورة جمالية ومفيدة في الوقت نفسه».

التعليم بعيداً من التلقين
قامت الفنانة التشكيلية ماسة أبو جيب برسم الشخصيات والخلفيات وإخراج الكتاب، وحدثتنا عن فكرة الكتاب التي توجهوا فيها للطفل وعن أسلوب تعليمه القيم الإيجابية بطريقة غير مباشرة بعيدة عن التلقين والقوالب الجاهزة بغرض تحفيز الخيال عند الطفل والمهارات التي لديه، إضافة إلى كيفية التواصل مع الأهل أو الأصدقاء أو المربين في المدرسة، مضيفة: «الكتاب تفاعلي وليس قصة، هو بمنزلة دليل يساعد الأهالي والمدرسين على تعليم الطفل أهم المبادئ من خلال الأسئلة المطروحة فيه، والأسئلة إرشادية تحتمل عدة إجابات، إضافة إلى الصور التي وضعت لغاية وهي تمثلنا وتمثل بيئتنا سواء من حيث العمارة أم اللباس أو الأماكن، ولتحكي عن الفكرة التي نريد إيصالها، هذا وهناك في آخر الكتاب مجموعة أسئلة من دون صور، هي تحفيزية كي يجيب الطفل عنها عبر الرسم أو التمثيل الدرامي أو بدمى العرائس. وبالطبع سلطنا الضوء على موضوع المشاعر، وميزنا بين المشاعر الإيجابية والسلبية عبر المواقف التي ممكن أن يتعرض لها الطفل، والطريقة المثلى التي يجب أن يخرج منها».
وأضافت أبو جيب: إن الكتاب موجه للأطفال واليافعين من عمر خمس سنوات إلى عمر أربعة عشر عاماً، ويصلح لكل الأعمار لأنه محفّز حتى للكبار، بغرض خلق حالة من التفاعل بين الطفل ومحيطه عند قراءة الكتاب.
وعن أهمية الفن في دعم الجانب الإنساني في المجتمع تابعت: «نحن لدينا إيمان بأهمية دور الفن وتكريسه في خدمة القضايا الإنسانية، وهذا ليس أول عمل لنا مع جمعية (بسمة)، لقد قدمنا سابقاً كتاباً بعنوان: (حلمي الصغير) وخصصنا قسماً من المبيع لدعم الأطفال المصابين بالسرطان، وكان بخمس لغات وتضمن أغنية من ألحان الموسيقار الياس الرحباني، وتم إطلاقه في دمشق وبيروت وباريس وقبرص، وأيضاً شاركنا معهم في معارض الفن التشكيلي التي كانوا يقيمونها مقدمين كل دعم ممكن».

لحن للسلام.. أغنية
قامت عازفة القانون ديما موازيني بتلحين الأغنية المرافقة لكتاب (كيف نعيش بسلام) كما ذكرنا أعلاه، وعن المبادرة قالت: «هذه المبادرة عبارة عن مساهمة رمزية مني لجمعية (بسمة)، حيث استطعنا أن نقرّب من خلالها بين الفن وبين الشق الإنساني، وفي الحقيقة هذا أمر مهم ونسعى إليه على الخصوص في دمشق، أنا لحنت الأغنية وهي من تأليف مي أبو جيب، وقام بغنائها أطفال هم من عائلة أبو جيب، بالطبع هم ليسوا محترفين بالموسيقا أو الغناء، ولكنهم رغبوا بشدة في أن يشاركوا بهذه المبادرة وأن يقدموا شيئاً لأطفال (بسمة). لقد حاولنا أن نخلق حالة موسيقية جميلة وفي الوقت نفسه بسيطة، بهدف أن تكون قريبة لكل من يسمعها من الأطفال».
وفي إشارة من رئيسة قسم الوتريات في معهد صلحي الوادي العازفة موازيني تتابع ضرورة ردف الموسيقا مع الكلمة لتسهيل المعلومات وتدفقها على فكر الطفل وتتابع: «إنّ كتاب (كيف نعيش بسلام) كتاب تفاعلي، يحث على القيم الإنسانية، وجاءت كلمات الأغنية أيضاً كي تحث الأطفال على السلام، وأن يكونوا صانعين له، وأيضاً تسهم في تهذيب سلوك الطفل بأن يكون لطيفا مع غيره ويساعد الآخرين، وبأن يكون متفائلاً ويحب المرح ودائم الابتسام، إضافة إلى الكثير من المعاني الإنسانية والتي نحن بحاجة إليها وخاصة في الوقت الراهن».

المركز المضيف
يتميز المركز الوطني للفنون البصرية في دمشق بأسلوبه الراقي في العرض والتقديم لكل أنواع الفنون المتاحة عبر برامجه المعدة والمثبّتة بشكل مسبق، وأصبح المكان حائزا رغم كل التحديات على تأييد وإعجاب المتابعين للحركة الثقافية سواء التشكيلية أم الموسيقية، مؤكداً رئيس مجلس إدارة المركز الدكتور غياث الأخرس أن من أهداف المركز الاهتمام بالنواحي الإنسانية عبر تنظيم المناسبات الداعمة، لافتاً إلى الدور الفاعل الذي يُجِد المركز دائماً فيه وهو احتضان المواهب الشابة وغير المعروفة اجتماعياً، بتقديمها بطريقة لائقة لكونها هي من ستكمل الرسالة في متابعة الحركة الثقافية السورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن