فلسطين تكرم عدداً من نجوم الدراما السوريين والفلسطينيين … محمود الخالدي: رواد الرسالة الثقافية الذين نتشرف بتكريمهم هم رسل الثقافة الذين أدوا فأبدعوا
| وائل العدس - تصوير طارق السعدوني
لم تغب القضية الفلسطينية عن الدراما السورية التي أنتجت أعمالاً استحوذت حين عرضها على اهتمام قطاعات واسعة من جمهور عربي متعطش لمحتوى جاد يتناول قضاياه الكبرى، وهو انعكاس لموقف سورية شعباً وقيادةً تجاه القضية الفلسطينية بدعم مقاومتها حتى دحر الكيان الصهيوني المحتل وتحرير كامل الأراضي الفلسطينية من دنس هذا الكيان المجرم المغتصب.
ليل السبت الماضي، ونيابة عن رئيس دولة فلسطين محمود عباس، منح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح سمير الرفاعي، وسفير دولة فلسطين في دمشق محمود الخالدي، ومدير عام الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية السفير أنور عبد الهادي، أوسمة لعدد من الفنانين الفلسطينيين والسوريين في الحفل الذي أقيم في دمشق يوم أول من أمس.
ومُنح الممثل الكبير النجم دريد لحام، والمخرجان نجدة أنزور وباسل الخطيب وسام النجمة الكبرى للفنون والعلوم والثقافة، على حين تم منح الممثلين النجوم أيمن زيدان وسلمى المصري وعابد فهد وشكران مرتجى وصفاء سلطان وسام التميز والتألق.
رواد الرسالة الثقافية
وفي كلمة ألقاها أمام الحضور، قال سفير فلسطين في دمشق، محمود الخالدي: سلام على فلسطين التي ستعود حرة عربية طال الزمان أم قصر بكل أشكال العطاء، بالدم والروح، فصراعنا مع العدو الصهيوني ليس صراعاً عسكرياً ولا سياسياً فحسب، بل هو صراع حضاري، بمعنى أنه كلي يتناول الوجود العربي بكامله، في كل أبعاده الفكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، والصراع هنا يتعلق بما هو موجود، ويدعو الأمة أمام الاختبار الحاسم، وجود أو لا وجود، حياة أو موت، لأن ذلك حدث في عام 1948 حين أصيبت الأمة كلها بتلك الضربة المحكمة بمجمع أعصابها في فلسطين، بزرع جسم صنعي حي غريب على جسم حي آخر هو الجسم العربي، فإما أن يرفضه وإما أن ينهار، والانهيار هنا هو عكس اتجاه الأمة التي بدأت منذ القرن الماضي تتفتح مشاعرها القومية، ولسورية الدور الأكبر والأبرز والتاريخي في هذه الأمة القومية.
ورأى الخالدي أن هذا التحدي التاريخي يصيب الأمة على أرض المقدسات فيها، ففلسطين تمثل المساحة الروحية للعالم كله، مسلمين ومسحيين، فهي القبلة الأولى وفيها ثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، وفيها مسرى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وفي حاراتها القديمة كان السيد المسيح عليه السلام، يتجول مع حواريه، هذا الفلسطيني هو الذي نقل المسيحية الحق إلى العالم كله.
وأشار إلى أن رواد الرسالة الثقافية الذين نتشرف بتكريمهم اليوم هم رسل الثقافة، أدوا فأبدعوا، نقف أمامهم باحترام وإجلال، ونحن شديدو الانحناء لكل ما قدموه، وشرف لي أن يكلفني رئيس دولة فلسطين محمود عباس أن أنوب عنه في تكريم هذه القامات الثقافية الكبيرة التي نرتقي بها اليوم.
العين الأخرى
وعبر الفنان الكبير دريد لحام عن فخره بأن فلسطين التي همها الأول تحرير أراضيها من المحتل المغتصب، تنظر في العين الأخرى إلى الثقافة والفنون، وهذا فخر كبير لي ولعائلتي وبلدي، وفلسطين وسورية بلد واحد وأمة واحدة.
وأكد أن الدراما السورية سلطت الضوء على القضية الفلسطينية بعدد من أعمالها، مشيراً إلى أنه من الصعب أن نصل إلى تسليط الضوء بشكل كامل لأننا حينها نكون قد انتهينا، بل هناك آفاق جديدة للتعبير بمعنى أن هناك بدايات وليس لها نهايات.
النهاية السعيدة
بدوره عبّر المخرج نجدة أنزور عن سعادته لهذا التكريم، معتبراً أن له خصوصية لأنه يأتي من أرض النضال.. أرض فلسطين التي نعشقها ونعيش معها قضيتها يوماً بيوم، ونأمل أن تتوج هذه القضية بالنهاية السعيدة المطلوبة بإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس، وهذا ما نسعى إليه ونحاول زرعه بأجيالنا من خلال الثقافة والفن، ومن خلال المسيرة السياسية، متابعاً: لذلك أرى أن هذا التكريم يضاهي أي تكريم آخر نلناه في حياتنا الفنية، وأعتز بهذا التكريم وأتمنى الرخاء والانتصار للشعب الفلسطيني المناضل.
وأشار إلى أن الدراما السورية إن لم تكن الوحيدة، فهي من الدرامات القلائل التي تصدت للقضية الفلسطينية وقال: القضية الفلسطينية قضية محورية بالنسبة لسورية، لسنا متعاطفين معها أو عشنا جزءاً من فصولها فقط، بل هي جزء من حياة كل سوري.
دلالات كثيرة
أما المخرج باسل الخطيب فكشف أن هذا التكريم هو أول تكريم فلسطيني يناله وله خصوصية أكبر باعتبار أنه ناله في سورية، وقال: أرى لهذا الموضوع دلالات كثيرة، أهمها أن سورية وفلسطين بلد واحد وشعب واحد ومصير واحد، وبالتالي أشعر بأن هذا التكريم جاء من سورية وفلسطين في الوقت نفسه.
وأضاف: سعيد بهذا التكريم، وسعيد أننا استطعنا أن نجمع مجموعة كبيرة من الفنانين، وهذا يحملنا مسؤولية مضاعفة، ويلزمنا بأن نستمر في الاشتغال على القضية الفلسطينية على أمل أن ننجح في تجسيد معاناة الشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة.
الخطيب صاحب عملي «أنا القدس» و«عائد إلى حيفا» رأى أن الدراما السورية نجحت في تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، لكنا لا نستطيع القول إن هذه الأعمال استوفت جميع التفاصيل، لأن الموضوع كبير وعميق ويحتاج إلى عشرات المسلسلات والأفلام حتى نفيه حقه، ولذلك نتمنى مستقبلاً إنتاج المزيد من الأعمال التي تتناول فلسطين وقضيتها.
معنى مختلف
الممثل النجم أيمن زيدان قال إن للتكريم من فلسطين معنى مختلفاً، لأنه آتٍ من بلد شكل هاجساً بالنسبة لنا، وقضيته كانت قضيتنا الإستراتيجية دوماً.
وأردف: شرف لي هذا التكريم، وهو فرصة لنجدد أمنياتنا أن يحمل كل الفلسطينيين مفاتيح بيوتهم ويعودوا إلى بيوتهم بعدما تصبح الأبواب مشرعة لأصحابها الحقيقيين، وأملنا دائماً أنه مهما طال الزمن أو قصر فلا بد أن تعود الأرض المحتلة لأصحابها، وستبقى فلسطين قضيتنا الرئيسية في حياتنا.
وفي حديثه عن الدراما، قال إن الدراما السورية كانت ومازالت أكثر الدرامات العربية اهتماماً بالقضية الفلسطينية نتيجة العلاقات التاريخية بين البلدين، وحتى جيلنا كانت هذه القضية محوراً وهاجساً، وأعتقد أن درامانا حاولت ولكن مازالت تحتاج إلى جملة من الإنجازات ليس لتفي حق القضية فقط، بل لتقارب حجمها وقيمتها، ولتلامس أمنياتنا، وإن شاء اللـه يقدر المستقبل أن يحمل تجارب تعبر عن ذلك.
خصوصية كبيرة
الممثلة النجمة سلمى المصري أكدت أن هذا التكريم غال وله خصوصية كبيرة لأنه آت من سفارة فلسطين في سورية، مشيرة إلى أن القضية الفلسطينية قضية كل السوريين، متمنية أن يكون التكريم القادم داخل فلسطين بعد تحرير كامل أراضيها من المحتل الصهيوني.
وبينت أن عدداً كبيراً من الأعمال السورية نجح في تسليط الضوء على القضية الفلسطينية مثل أعمال المخرج باسل الخطيب و«التغريبة الفلسطينية»، إضافة إلى فيلم «المتبقي» الذي كرمت بسببه في طهران قبل ذلك، والآن أكرم بسببه هنا، وذلك أسعدني، فشكراً لكل من ساهم في هذا التكريم.
هدية ثمينة
وأوضح الممثل النجم عابد فهد أن للتكريم خصوصية كبيرة، وأن أكرم من دولة فلسطين هو شرف وهدية ثمينة ويحمّلنا مسؤولية مضاعفة.
وقال إن سورية وفلسطين في قلب مشهد واحد وبقضية واحدة وموقف واحد تجاه العدو الصهيوني، فسورية المقاومة ضحت لأجل القضية الفلسطينية وقاومت بشعبها وجيشها وقيادتها.
وتمنى أن يكرر التجربة عن القضية الفلسطينية كما فعلها مع المخرج باسل الخطيب قبل سنوات عبر مسلسل «أنا القدس»، لأن التكريم يحتم علينا أن ننجز أعمالاً تليق به، مشيراً إلى أن الدراما السورية لامست الواقع وجسدت الحقيقة على الشاشة.
التكريم الأول
واعتبرت الممثلة النجمة شكران مرتجى أن هذا التكريم تكريمان، لأنها لم تتكرم سابقاً، فصادف أن تكريمها الأول كان من فلسطين ورئيسها وفي دمشق، معبرة عن سعادتها لوجودها بين مجموعة كبيرة من النجوم.
وقالت: تخونني الأحرف والكلمات ولا أعرف ما أقول، لكنني بكل تأكيد سعيدة جداً، وأشكر الأستاذ باسل الخطيب لأنه كان قائماً على هذه التظاهرة، وسعيدة لهذا التقارب الفلسطيني السوري لأننا لا يمكن أن ننفصل عن بعضنا، فالقضية الفلسطينية قضيتنا، وهدفنا واحد ونحن شعبان في قلب واحد.
وتمنت أن تشارك بأعمال تحكي عن القضية الفلسطينية وأن تجسد دور امرأة فلسطينية، لأنها لم تتحدث يوماً باللهجة الفلسطينية إلا بعمل واحد هو «حارة المشرقة».
تكريم غال
ووجهت الممثلة النجمة صفاء سلطان الشكر لفلسطين وللرئيس الفلسطيني على هذا التكريم الغالي، لأنه تكريم فلسطيني بأرض سورية الحبيبة.
وقالت: بلاد الشام أوطاني، وأفتخر بأن فلسطين أصلي والأردن بلدي وجنسيتي وسورية دمي وروحي وقلبي.
ورأت أن السوريين بطبيعتهم لم يتخلوا يوماً عن القضية الفلسطينية، بل كانت دوماً أحد أهم أولوياتهم، معتبرة أن سورية وفلسطين بلد واحد وأصحاب قضية واحدة.