ثقافة وفن

بين الخير والشر

| د. اسكندر لوقــا

كثيراً ما ينظر المرء إلى معادلة الخير ويعتبرها مقياساً لحياته فينحاز إليها ليقينه بأنها الدرب التي توصله إلى هدفه. وفي الحياة كثيرون ينظرون إلى مثل هذه المعادلة من زاوية مقدار ما تقدم لهم من مكاسب، وبالتالي يكون تقييمها من منطلق المصلحة الشخصية.
من هنا يمكن القول إن المسألة تختلف من إنسان إلى آخر ومن مكان إلى آخر وحتى من زمن إلى آخر، وذلك بمقدار ما يكون المرء قد استفاد من خبراته وتجاربه في الحياة قبل أن ينحاز إلى الخير أو عدمه، وبذلك تبقى معادلة الخير والشر رهن قناعة من ينظر إليها من زاوية أو أخرى، وقد تلعب الظروف الطارئة في مجتمعه دوراً في تقييم حدود معادلة الخير والشر وتبعاتها في حياة الناظر إليها من هذا الجانب أو ذاك.
بعض قراء هذه السطور قد ينظرون إلى معادلة الخير والشر، من منطلق الظرف المناسب الذي يدفعهم باتجاه الانحياز نحو الخير على الرغم من مصاعب الدرب وصولا إليه، ومع هذا يتكبدونها لأن مثل هذا الانحياز يندرج في حقل الـ «أنا» التي يجد صاحبها فيه ذاته وينأى بنفسه عن الإدانة التي تلحق به إذا ما اختار درباً آخر يفتقر إلى مقومات العيش في عالم الإنسان الذي جاء إلى الحياة ليثبت حضوره إنسانا فاعلا من أجل رفاهية الآخرين، ويكون عوناً لهم وملبياً لحاجاتهم بعيداً عن الأنانية وحب الذات والحرص على النفع الخاص، وبالتالي السقوط في تجربة اعتبار الحياة أشبه بحقل كل ما هو على سطحه أو في جوفه من أملاكه الشخصية، وله وحده حق التصرّف به.
إن المقارنة بين الخير والشر شبيه بالمقارنة بين الأسود والأبيض، بين النور والظلام، بين الكائنات البشرية والكائنات البريّة، من باب المستحيلات أن يكون بين هذا الطرف والطرف الآخر لقاء أو انسجام في أي وقت وتحت أي ظرف أو مصلحة.
من هنا القول: إن الخير خير والشر شر، وذلك على غرار ما قرأنا عن الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن