الأولى

شاركت باحتفالية إدراج التراث الثقافي السوري على قائمة التراث الإنساني العالمي … السيدة أسماء: استهداف تراثنا اللامادي احتلال آخر وعلينا الحفاظ عليه

| سارة سلامة

أكدت السيدة أسماء الأسد أن سورية هي ملتقى لثقافات متنوعة وثرية وكان استهداف هذا الغنى والتنوع مستمراً منذ عقود، وصولا للحرب التي تخوضها البلاد اليوم، معتبرة أنها حرب ثقافية في إحدى جوانبها كما هي عسكرية وجغرافية واقتصادية، بمعنى أن الحرب على الهوية والانتماء والجذور والتراث الثقافي والفكري.
وفي فيديو مصور عرضته الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية على «فيسبوك»، قالت السيدة أسماء: «كما هو واضح فإن الاستهداف ممنهج للتراث ولتخريب الآثار خلال السنوات الثماني التي مضت، ومع هذا فنحن متمسكون بتراثنا الحي المادي واللامادي، وأول عنصر من التراث اللامادي السوري تم وضعه على لائحة اليونيسكو»، كاشفة عن أربعة عناصر أخرى سيتم ترشيحها تباعاً.
السيدة أسماء اعتبرت أن لا ذنب لجيل الحرب في عدم إدراكهم تراث بلادهم اللامادي، لأنه نتيجة حتمية للحرب وأحد مساوئ الحرب التي نخوضها اليوم، وأشارت إلى أن كل التقاليد والعادات والممارسات والأغاني السورية والرقصات الشعبية والممارسات الثقافية تشكل التراث اللامادي الحي، والذي هو مادة دسمة لأعداء سورية الطامعين باحتلالها، سواء باحتلال أرضها أو عن طريق سرقة تراثها وآثارها وتسجيلها باسم الآخرين، والذي يشكل احتلالاً من نوع آخر عبر طمس الهوية وبما يكمل احتلال الأرض.
السيدة أسماء أعطت مثالاً أنه بسبب الحرب اضطرت قرى بالكامل للنزوح الداخلي والانتقال من مكان لآخر، وهذا تسبب بترك التراث اللامادي وخلخلة النسيج الاجتماعي والثقافي لهذه القرى، وبالتالي سيُخلق جيل قادم بتراث مشوه أو منقوص، وفي بلاد مثل سورية الأمر خطير جدا، لذلك علينا الحفاظ على التراث المادي واللامادي لسورية، وهذا الأمر ليس رفاهية كما يعتقد البعض بل بات ضرورياً، وهو خطر داهم على نمو الشعب السوري، وفهمه الصحيح لماضيه والذي يشكل الأساس لفهم حاضرنا ومستقبلنا، وبالتالي تراثنا اللامادي شكل الشخصية السورية عبر القرون، وعدم صونه أو تركه أو احتلاله أو تشويهه هو جريمة، ويشبه الحرب، لذلك علينا الدفاع عنه بكل ما نستطيع من قوة للحفاظ عليه.
السيدة أسماء اعتبرت أن تراجع اهتمام الناس ببعض الأمور بسبب الحرب لا يعني أنها غير مهمة، وعلينا ألا نتأخر بالحفاظ على تراثنا، لأنه كلما تأخرنا تزيد الخسارة، وبالتالي إذا تأخرنا لما بعد الحرب فستزيد الخسارة لدرجة أنها لن تعوض، وتابعت: سنكمل دورنا في الحفاظ على هذا التراث كما كنا قبل الحرب وخلال الحرب، وسنكمل لما بعد الحرب.
السيدة الأسماء أشارت أيضاً إلى أن التراث المادي واللامادي هما كالروح والجسد، التراث اللامادي هو روح للتراث المادي، وضربت مثالاً مدينتي حلب ودمشق واعتبرت أن ما ميز المدينتين هو استمرارية الحياة فيهما على مدى عقود دون انقطاع، وهذه الحياة هي التراث اللامادي وبالتالي هناك فرق بين مدن تاريخية شاهدة على التاريخ، ومدن تاريخية تنبض باستمرارية الحياة، وفي الحالة الأولى نقرأ التاريخ وفي الحالة الثانية نعيش التاريخ والحاضر، والأهم نختزل كل الحضارة الموجودة فيه كإنسان كي يستطيع الانطلاق للمستقبل.
ونبهت السيدة أسماء إلى أننا نستطيع بالتراث المادي أن نرمم قطعة تعرضت للضرر، أما إذا ذهب التراث اللامادي فالجسد سيذهب معه، وبالتالي قد لا يعود، وهو يعبر عن هويتنا الفردية والجماعية والمشكلة من كل الحضارات والثقافات التي مرت عبر العصور، وصولا لليوم، والتي ورثناها جيلاً بعد جيل والتي من واجبنا الحفاظ عليها وحمايتها وتطويرها حتى نتمكن من توريثها للأجيال القادمة.
كلام السيدة أسماء جاء على هامش مشاركتها في فعالية «ظلال» التي أقامتها اللجنة الوطنية السورية لليونسكو، والأمانة السورية للتنمية بالتعاون مع وزارة الثقافة، بمناسبة إدراج أول عنصر سوري على قوائم التراث الإنساني العالمي، في التكية السليمانية الأثرية، وسط حضور من الممثلين الحكوميين وبمشاركة معنيين بالتراث السوري.
وركزت الفعالية على إظهار التراث السوري اللامادي بغناه وتنوعه والذي تم في تشرين الثاني الماضي إدراج أول عناصره على قائمة التراث الإنساني كتراث يحتاج إلى الصون العاجل في اليونسكو، إضافة إلى مجموعة من العناصر التراثية اللامادية المرشحة للإدراج على قائمة التراث الإنساني العالمي.
وفي ختام الفعالية التي تضمنت عروضاً فنية وأفلاماً وثائقية خاصة بعناصر التراث اللامادي السوري، في إحدى قاعات التكية السليمانية قيد الترميم، عقد معاون وزير الثقافة توفيق الإمام والأمين العام للأمانة السورية للتنمية فارس كلاس، مؤتمراً صحفياً مشتركاً تم خلاله عرض الخطوات الخاصة بترشيح التراث المادي واللامادي السوري للتسجيل على قائمة التراث العالمي، وقال كلاس: «التراث هو ملك مجتمعاتنا، من الحرفيين والفنانين والمزارعين والموسيقيين والكتاب والشعراء هم وحدهم الذين يعطونه عمقاً ومعنى».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن