سورية

نشطاء من الداخل انسحبوا وقاموا بـ«حملة مناصرة» لرفع العقوبات وإعادة الإعمار وعودة المهجرين … مؤتمر بروكسل خال من «عدالة وتوازن» المنظمين

| موفق محمد

أكد نشطاء مجتمع مدني، أنه «لم تكن هناك عدالة وتوازن» من قبل المنظمين لما يسمى «المؤتمر الدولي حول دعم مستقبل سورية والمنطقة»، حيث جرى «تعويم وجهة نظر الناشطين الموجودين في دول الجوار وأوروبا بشكل رئيسي» وتغييب وإقصاء لوجهة نظر المنظمات المدنية العاملة في الداخل السوري، والتي انسحب العديد منها وقاموا بـ«حملة مناصرة» لقضايا إنسانية وأخلاقية سورية على هامش المؤتمر.
واختتمت الخميس الماضي فعاليات المؤتمر الذي نظمه الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة واستمر ثلاثة أيام ولم تدع إليه الحكومة السورية، وشارك فيه نحو 1000 شخصية تمثل المجتمع المدني إلى جانب وزراء وصناع قرار في دول مجاورة لسورية ودول مانحة ومنظمات إقليمية ووكالات الأمم المتحدة ولجنتي الهلال الأحمر والصليب الأحمر.
وانقسمت فعاليات المؤتمر إلى قسمين، الأول «أيام الحوار» الذي استمر يومي الثلاثاء والأربعاء وشارك فيه منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإقليمية وجمعيات المساعدة، والثاني ما يسمى «المؤتمر الوزاري» الذي عقد في اليوم الأخير من المؤتمر وشاركت فيه الأمم المتحدة ووزراء من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والدول المجاورة لسورية والدول المانحة.
وفي تصريح لـ«الوطن»، ذكر الناشط في مجال المجتمع المدني في داخل سورية بلال سليطين والذي دعي للمشاركة في «أيام الحوار»، أن «مجموعة من الناشطين والمنظمات المدعوة من الداخل اعتذرت عن المشاركة في الجلسات، لأنه كانت هناك عملية تمييز بين المنظمات العاملة في الداخل السوري وتلك العاملة في الخارج من حيث إعطاء الفرصة للحديث مع الاحترام لحق الجميع في الحديث والتعبير عن رؤيته ووجهة نظره».
وقال: «كل جلسة كان هناك مجموعة متحدثين رئيسيين، ومن هؤلاء المتحدثين لم يكن هناك أي متحدث من المنظمات العاملة في الداخل، وبالتالي بقية المنظمات جاءت لتجتمع وتعلق فقط، أي أنها ليست مرسلاً للمعرفة أو لوجهة النظر وإنما مستقبل فقط! وبالتالي اعترضنا ولم نشارك»، في حين تحدث مشاركون آخرون من الداخل السوري لـ«الوطن»، أنه «عندما تم توجيه الدعوات كان التصور أنه سيكون هناك توازن في العدد بين من هم مدعوون من الداخل وبين من هم مدعوون من الخارج، ولكن الأمر لم يكن على هذا النحو، فأكثر من 95 بالمئة هم من المنظمات التي في دول الجوار وأوروبا». وذكر سليطين، أن المستغرب في الأمر، أنه كان «هناك نسبة كبيرة من المتحدثين الغربيين خلال الجلسات، رغم أن العنوان «أيام الحوار السوري» ويفترض أن يخصص الحديث للسوريين فقط باعتبار أنهم المعني الرئيسي، والعملية سورية، وبالتالي مرفوض أن يتحدث الأجانب باسم السوريين».
ولفت إلى أن ما سبق دفع مجموعة من المدعوين القادمين من الداخل إلى «الاعتراض وجرت محاولات احتواء من قبل القيمين على الجلسات بإفساح المجال لنا بالحديث في جلسة واحدة، ولكننا رفضنا عملية الاحتواء هذه لأن العملية من أساسها قامت على الإقصاء، وعملية الاحتواء جاءت متأخرة جداً وبالتوازي مع بدء أيام الحوار».
وأوضح سليطين، أنه وفي المقابل، فإن المدعوين من الداخل قاموا على هامش المؤتمر في بروكسل «بحملة مناصرة للقضايا السورية الأساسية التي ندافع عنها تضمنت إجراء العديد من اللقاءات مع مسؤولين أوروبيين وطرح مجموعة من القضايا السورية».
وذكر أن من أبرز ما طرح خلال «حملة المناصرة» هي قضية رفع العقوبات المفروضة على سورية على اعتبار أنها تلحق ضرراً إنسانياً بالشعب السوري وهي ذات بعد سياسي وليست ذات بعد أخلاقي، مشيراً إلى أن ردود فعل المسؤولين الأوروبيين انقسمت قسمين الأول «دافع عن فرض هذه العقوبات»، والثاني اعتبر أنها «لا تتماشي مع الواقع الإنساني» للشعب السوري.
وأشار إلى أنه تم طرح مسألة إعادة الإعمار حيث تم تأكيد «ضرورة دعم إطلاق عملية التنمية وإعادة الإعمار في المناطق المتضررة من الحرب، والتي تضم مئات آلاف المواطنين السوريين الذين شهدت مناطقهم عنفاً وتدميراً، واليوم خرجت من دائرة العنف وأصبح من السهل الوصول إليها والاستجابة للاحتياجات الأساسية فيها، مثل الغوطة الشرقية، حمص، دير الزور.. إلخ، وعدم ربط قضايا التنمية والإعمار بملفات سياسية».
ولفت سليطين إلى أنه وخلال «حملة المناصرة»، «طرحت بقوة قضية عودة اللاجئين السوريين في الخارج وعدم عرقلة هذه العملية بسبب الظروف المأساوية التي يعيشها هؤلاء في بلدان اللجوء، وحاجة هؤلاء للعودة إلى مناطق سكنهم الأصلية وأن يتم دعم أعمال تهيئة ظروف العودة في المناطق التي يعودون إليها والاستجابة لاحتياجات ما بعد العودة».
وبين، أن «حملة المناصرة»، تضمنت «انتقاداً لعدم دعوة الحكومة السورية للمشاركة بالمؤتمر الوزاري»، وتم إيضاح أن «الحكومة السورية هي الطرف الأساسي الذي يتعامل مع المواطنين (خدمياً واجتماعياً واقتصاديا.. إلخ)، وبالتالي فإن تغييبها عن المؤتمر لا يفيد دعم مستقبل سورية الذي حمله عنوان المؤتمر»، موضحاً أن الحملة شددت على «ضرورة فصل الملفات السياسية عن الإنسانية».
وذكر سليطين، أن اللافت خلال «حملة المناصرة»، أن العديد من المسؤولين الأوروبيين وغير الأوروبيين من المشاركين في المؤتمر تحدثوا بأنهم «لأول مرة يسمعون بهذا الكلام»، معتبرا أن ذلك «دليل على أننا نحتاج لعملية مناصرة مستمرة لوضع القضايا على الطاولة ومنع تغييبها أو تهميشها وصولاً لإحداث أثر تراكمي»، ومشددا على أهمية رفض «سياسة الكرسي الفارغ بالنسبة لمن لديه قضية»، ومضيفاً: «الاحتجاج ضروري عندما يكون هناك خلل لكن الاحتجاج لا يمنع من التواصل والمناصرة والدفاع عن القضايا».
وختم سليطين بالقول: «كلما كان المجتمع المدني في الداخل مستقلاً ولديه مساحة مصونة للعمل بحرية، كان فاعلاً أكثر وقادراً على المناصرة والدفاع عن القضايا التي تخص الإنسان السوري ومستقبل سورية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن