من دفتر الوطن

اصغِ إلى قلبك!!

عبد الفتاح العوض : 

الغارديان طرحت سؤالاً بسيطاً لكنه ثمين جداً ومعبر.. ماذا يحمل المهاجر السوري في حقيبته؟!
الإجابات التي حصلت عليها تدخل ضمن ما هو متوقع.. إنها حقائب شبه فارغة من الأشياء التي يمكن لمرء أن يحرص على حملها وهو يذهب من المجهول إلى المجهول، ليس لدى أي منا الحق في إطلاق الأحكام على قرارات الناس في الهجرة أو البقاء.
وهو ليس قراراً سهلاً وخاصة لأولئك الذين يحملون صغارهم في «أمواج» عاتية في الحياة وفي البحار.. هنا أو هناك.
لكن كيف يمكن للمرء أن يتخذ قراراً بهذا الحجم من الخطورة بل صيغة السؤال الأنسب من أين ينبع هذا القرار؟!
من قلب الإنسان.. أم عقله.. أم ليس من هذا ولا من ذاك بل من مخاوفه.. أو حتى من يأسه.. أو حتى من طموحه أو طمعه أو حلمه؟!
أود أن أطلق على حقيبة المهاجرين التي تحدثت عنها الغارديان اسم «حقيبة الأحلام»!!
أظنه الأكثر مواءمة للحقيقة.
أنتم تعرفون أن الأزمة جعلت الهجرة خياراً في قمة الخيارات وليس للسوري إلا خيار بين السيئ والأسوأ، لكنه في واقع الأمر وقبل الأزمة لم يكن حلم الهجرة بعيداً عن أذهان الشباب العربي وليس السوري فحسب، بل يمكن أن نتحدث عن نزوع شبابي عالمي للهجرة إلى بلاد الغرب، وأيضاً هذه ليست أول موجة للهجرة وخاصة من بلاد الشام.
ما أود أن أقوله هنا: إن هذه البلاد معتادة على الهجرة.. والذهاب بعيداً وأجرؤ على القول إن الهجرة جزء من ثقافتها، ولا أدري إذا كانت تلك إحدى بقايا البداوة فينا وهي التنقل من «مرعى» إلى «مرعى»!!.. بل ثمة قدسية للهجرة عند المسلمين واعتماد عام الهجرة نموذجاً وإطلاق اسم المهاجرين وما يرافقه من تعظيم … ومن ثم لاحظوا الاحتفاء بفوائد التغرب عن البلاد في موروثنا وأدب المهجر الذي تعلمناه .
يمكنك أن تختار واحداً من تفسيرات كثيرة لمحاولة فهم الذهاب بعيداً من الأوطان. أو يمكن وهو الأرجح أن تكون جميعها بنسب مختلفة تقاطعت في لحظة ما سواء في حياة الإنسان كفرد أو الوطن كمجموع.
النتيجة واحدة وإن تعددت الأسباب!!
حقيبة الأحلام التي يحملها المهاجرون معهم إنما هي أشياء بسيطة… «لولا» الأزمة كان من الممكن التعايش مع خيباتها.
لكن ولأن كلمة «لولا» لا تصرف في الواقع، فإن حقيبة الأحلام ستبقى فارغة إلى أن يحين موعد الحلم الأكبر وهو عودة سورية للحياة!!
من يأخذ قرار الهجرة.. القلب أم العقل؟
ثمة حديث نبوي شريف يقول استفتِ قلبك.
وهنا للقلب حديث شجي حزين طويل.. ثم صمت قاهر!!
في دراسة نشرت هنا على هذه الصفحة أمس الأول تقول: إن الحزن لا يمكنك من رؤية الألوان بوضوح.. الباحثون قالوا: إن المزاج الحزين يعبث بقدرة المخ فتختلط الألوان!!
والسوريون حزانى.. ورؤيتهم للألوان مشوشة لهذا لا تنظر بعينيك.. فقط استمع إلى قلبك وانظر به ودعه يقرر!!

آخر الكلام:
• لو كانت الدول الكريمة في استقبال السوريين صادقة في مشاعرها الإعلامية حول حال السوريين لكان أفضل ما يمكن عمله هو إصلاح بيت السوريين ومنع الأذى عنه وليس استقبال أصحابه لاجئين في بيوت الآخرين… بمعنى آخر: عالجوا المرض وليس تسكين آلامه.
• أيضاً إلى حكومتنا ساعدوا البقية على البقاء.

أقوال:
• ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر، ولكنه الذي يعرف خير الشرّين. عمر بن الخطاب
• فإِن قليلَ الحُبِّ بالعقلِ صالحٌ… وإِن كثيرَ الحُبِّ بالجهلِ فاسدُ. المتنبي
• كان البحارة الفينيقيون يرددون صلاة رثاء، لحظة الغرق:
«أيتها الآلهة… لا تحكمي عليّ كإله بل… كإنسان كسره الماء». عادل محمود

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن