من دفتر الوطن

ثانيةً… برافو لينا

| حسن م. يوسف

لم يسبق لي أن التقيت شخصياً الفنانة السورية لينا شاماميان، لكن عندما سمعت ألبومها الأول «هـ الأسمر اللون» الذي صدر في عام 2006 كتبت مقالاً عنها بعنوان «لينا شاماميان… برافو» قلت فيه: «أعتقد أننا أمام موهبة نادرة جديرة بالعناية والرعاية، وأنا على ثقة تامة أن لينا إذا حظيت بالبيئة الإبداعية الصحيحة، يمكن أن تفرد أجنحتها الجميلة لتصبح بعرض الأفق، فأداء لينا يوحي أنها تملك خامة صوتية ذات حساسية نادرة، كما أن روحها مشبعة بثقافة موسيقية عميقة وعريضة، تضرب جذورها في أعماق الموسيقا الشرقية الأصيلة، والغربية الكلاسيكية في آن معاً، كما تطل على الجاز والبلوز وأحدث ما في المشهد الموسيقي الراهن من ألوان وتقنيات.
أعتقد أن لينا تملك الهوية المركبة للحظة الحضارية الراهنة، الأمر الذي يؤهلها لأن تكون سفيراً مدهشاً لسورية، تلمس قلوب الناس في أربعة أركان الدنيا مثل النجمة الأذربيجانية «عزيزة مصطفى زادة» التي باتت تتمتع الآن بشهرة عالمية عريضة.
أمس أرسلت لي الفنانة لينا شاماميان رسالة عبر بريد الفيس بوك قالت فيها: «من أول ما بلشت ضل كلامك ببالي، ولليوم شو ما بعمل بضل بسمع صداه، شكراً للمحبة والإيمان لما كنت لسا صغيرة ومبلشة وعم بتلمس حجار الطريق».
قد تستغربون إذا قلت لكم إن هذه الكلمات البسيطة أبهجتني أكثر من أي تكريم تلقيته في حياتي، فهي تعني أن كلماتي قد وقعت على نفس نبيلة ذات موهبة أصيلة سايرت نموها وحرست مسارها.
مناسبة عودة التواصل مع لينا هو أنني نشرت على صفحتي مقولة لجورج غالاوي عضو مجلس العموم البريطاني هذا نصها: «من العجيب أنني كبريطاني استطعت أن أعبر الوطن العربي من شرقه لغربه من دون أن أحتاج لتأشيرة، على حين يحتاج العربي لتأشيرة، وقد لا يحصل عليها لعبور تلك الحدود من دولة عربية إلى دولة عربية أخرى.
ليتكم تعلمون أن حدودَكم هي عليكم فقط ولا تسري علينا، وأن أوطانكم وأعلامكم كلها من صنعنا نحن، في ذيل الفقرة السابقة كتبت: إن هذا القول هو الأكثر إيلاماً بالنسبة لي. وسألت قارئ الكلمات: ما القول الأكثر إيلاماً بالنسبة لك؟
المفاجأة السارة حقاً هي أن أول تعليق تلقيته على الخاص كان من المبدعة الرائعة لينا شاماميان، وقد مسها لسان الحال لأنها عاشت هذه الحقيقة من طرفها المر صيف العام الماضي عندما تم إنزالها من الطائرة المتجهة من مطار أورلي إلى تونس لأنها سورية، رغم أنها كانت تملك كل الوثائق اللازمة التي سبق لها أن سافرت بموجبها مراراً إلى تونس!
صحيح أن معاناة السوريين على حدود بلدان العالم ومطاراته ليست بجديدة، الجديد هو أن الفنانة لينا شاماميان قد حولت تلك المعاناة إلى أغنية جميلة من كلماتها وألحانها وأدائها بعنوان: «يا خيِّ أنا سورية» وقد حولتها إلى فيديو كليب كتب قصته وأنتجه الدكتور ماهر صبرا وأخرجه سعد القادري.
شاهدت أغنية «يا خيّ أنا سورية» ثلاث مرات وفي كل مرة كان قلبي يصيح (برافو لينا)، كما فعل قبل ثلاثة عشر عاماً عندما سمعت «هـ الأسمر اللون». الجميل في لينا أنها لا تسعى من خلال أغنيتها المتكاملة نصاً وأداء وموسيقا، لإثارة النقمة، بل تطلق من خلالها دعوة بديعة للرفق بالسوريين وبجميع المنكوبين، آمل أن يسمعها العالم!
المبدعة السورية الأصيلة لينا شاماميان برافو مرة أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن