اقتصاد

عندما تقرع الأجراس.. من يتحمل المسؤوليات؟

| عامر الياس شهدا

حالة صمت على ما يحدثه ارتفاع سعر الصرف بالسوق الاقتصادية، ارتفاعات متتالية بالسعر من دون اتخاذ إجراءات ذات مفاعيل إيجابية، ستة أشهر يرتفع خلالها الدولار 25بالمئة والإجراء شهادات إيداع، التشجيع على الودائع، المطالبة بعودة أموال السوريين من الخارج ، إلغاء قرارات سابقة وإصدار قرارات تعديل الفوائد التي راهن البعض على أنها ستكون السبب في ارتفاع ودائع الدولار! نعم قرار رفع الفوائد من المفترض أن يحقق زيادة بالودائع ولكن هذا الأمر مشروط بتثبيت سعر الصرف، فمالك المال سيحسب نسبة ارتفاع الفوائد بالودائع، لنسبة ارتفاع سعر الصرف وبناء عليه يقرر الأنسب له في الإيداع أو عدمه. وما يؤثر أيضاً على قرار الإيداع هو مدى شعور المجتمع باهتمام المعنيين بالقوة الشرائية لليرة السورية ومدى استقرار السياسات النقدية وقراراتها وإجراءاتها، ومدى تمكن المعنيين من بث روح الثقة بنفس المجتمع وهذا الأمر يقود لطرح تساؤلات أهمها:
هل ستكون الفوائد هي النواة الأساسية في استقطاب الودائع؟ كيف سيتم تحديد فوائد الإقراض بعد أن أجرى المركزي دراسته على كلفة السيولة في المصارف ووصل لنسبة 4.5 بالمئة تمنح كفائدة على شهادات الإيداع معتمداً بحساباته على الوسطي المرجح لتكلفة الأموال، وتم تحديد سعر الخصم بـ5 بالمئة الفائدة المطروحة تعبر عن التكلفة مضافاً إليها هامش ربح، كيف سيؤثر ذلك على دراسة تحريك الفوائد؟ هل سيعاد النظر بعد اعتماد احتساب الوسطي المرجح لتكلفة الأموال. في دراسة تكلفة الحصول على السيولة بالنسبة للمقترضين والمستثمرين؟ كيف سيتم التأثير على أسعار المستهلك والتضخم وسعر الصراف والقوة الشرائية لليرة السورية؟ ما الرؤية والسيناريوهات الموضوعة لدفع العجلة الاقتصادية وتحريك الأسواق من خلال تفعيل مقومات الإنتاج الصناعي ودفع الصناعات المحلية للإنتاج والتشغيل؟ وما الإستراتيجية المعتمدة لوضع خطة تهدف إلى تنسيق وتناغم بين مصرف سورية المركزي ووزارة المالية ووزارة الاقتصاد والصناعة والهيئة العامة للاستثمار؟ ما الإجراءات التي ستتخذها السلطة النقدية في المجتمع بغرض الرقابة على الائتمان والتأثير عليه بما يتوافق وتحقيق الأهداف الاقتصادية التي تسعى إليها الحكومة؟ هل هناك سيناريو يمكن من خلاله التأثير على الفوائد لتوفير 40 مليار ليرة تم طرحها في الاجتماع مع المستثمرين وهي واردة ببنود الموازنة وقد قسمت إلى قسمين 20 مليار لدعم الفوائد حيث تمنح القروض بفوائد تشجيعية 7 بالمئة و20 مليار دعم مباشر للمنتج؟ ما السياسة التي سيتم اتباعها في ظل ما نتج عن طرح شهادات الإيداع لتحقيق الاستقرار في الأسعار من خلال التأثير على المتغيرات الأساسية في معادلة التبادل وخاصة كمية النقود؟ كيف ستتم إدارة واستثمار فائض السيولة التي بلغت نسباً عالية تخطت 70 بالمئة وهي تشير لتحقيق أهداف القرارين 52 و28 فهما السبب في تشكيل كتلة نقدية ستمكن المعنيين من استخدامها في دفع عجلة الإنتاج والتمكن من اتباع سياسة نقدية توسعية، فلكل زمن أداة تستخدم في السياسة النقدية، ولكل أداة أولوياتها حسب الوضع الاقتصادي للبلد؟ ما جدوى إلغاء القرار 52 ؟ وهل هذا الإلغاء انعكس إيجاباً على السوق الاقتصادية؟
ثمانية عشر سؤالاً نعتقد أنها تستوجب دراسة الأمور الخاصة المتعلقة بتيار الدخل وتيار الإنفاق أو الطلب في الاقتصاد حيث إن المتغيرات النقدية (الدخل، الادخار، الاستهلاك، والاستثمار) لها دور رئيس في التحليل الاقتصادي والنقدي، وبناء عليه فإنه من المفترض أن يكون الهدف من السياسة النقدية تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتخفيف من حدة التقلبات التي يتعرض لها الاقتصاد وذلك بوضع خطط تهتم في تحديد مستوى الإنفاق الكلي الذي يضمن تحقيق أعلى مستوى من التشغيل بأقل قدر من ارتفاع الأسعار، فعلى السلطة النقدية، وهذه الحالة، اتباع سياسة نقدية مناسبة في ضوء الظروف والأوضاع الاقتصادية الراهنة. وهذه الأوضاع باتت محسوسة من خلال انخفاض مستوى الإنتاج وارتفاع نسبة البطالة وتراجع الطلب في الأسواق وانخفاض الإنتاج الكلي وزيادة مستوى الطلب الفعلي إلى المستوى الذي يحقق التشغيل الكامل، وهذه السياسة في الوضع الاقتصادي الحالي لسورية تتطلب التدقيق العميق في تكلفة السيولة وتأثيرها على تكلفة الإنتاج وانعكاسها الإيجابي على الأسعار لتنشيط الاستهلاك، وخلق عامل منافس بالسعر بالنسبة للتصدير وذلك للوصول إلى تحريك العجلة الاقتصادية وتحقيق النمو.
فطرح القرب من السوق السوداء لن يحقق استقراراً بل سيزيد تعقيد المشكلة وسيسبب ضرراً كبيراً للقوة الشرائية لليرة السورية. من الأجدى، وهذه الحالة، أن يتم تقريب سعر السوق السوداء من السعر الرسمي وهذا من صميم واجبات ومسؤوليات المعنيين بالسياسة النقدية. فليس من المعقول أن يقود السعر آليات سعر الصرف، بهذه الحالة يتم تفريغ السياسة النقدية من مضامينها، وعلى أي حال نحن نطالب بالإجابة عن سؤال: عندما تقرع الأجراس من يتحمل المسؤوليات؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن