ثقافة وفن

«كورال الحجرة» يتألق بـ(مختارات من أعمال الميوزكل المشهورة) … باغبودريان لـ«الوطن»: أحاول أن أتحدى الحدود المرسومة لفكرة الكورال بتقديم المختلف

| سوسن صيداوي- ت: أسامة الشهابي

أصواتهم تمازجت وتعددت وتنوعت بين السوبرانو، والالتو، والتينور، إضافة إلى الباص، في كورال مؤلف من سبعة عشر شاباً وصبية، التقوا في كورال(الحجرة) التابع للمعهد العالي للموسيقا، الذي تمكن عبر الشهادات من أن يبدع بتقديمه -في حفلاته- للمسرح الموسيقي الكورالي في المنطقة العربية، ومؤخراً وتحت عنوان: (مختارات من أعمال الميوزكل المشهورة) قدم كورال (الحجرة) حفلاً بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان، في المركز الوطني للفنون البصرية بدمشق، الأخير الذي أتاح له كل الإمكانات من حيث ربط صوت الكورال مع مقاطع فيديو من الأفلام التي اختيرت، وتمّ تصميمها من أساتذة من كلية الفنون الجميلة، مع عزف حي لموسيقيين على آلات البيانو والغيتار وباص غيتار وإيقاع، من أجل تقديم البرنامج الذي جاء على الشكل التالي: شبح الأوبرا (مختارات)، البؤساء (مختارات)، ماري بوبينز(مختارات)، صوت الموسيقا (مختارات). وللمزيد من التفاصيل نورد لكم الآتي:

أرض ثقافية راسخة
بداية حدثنا رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للفنون البصرية د. غياث الأخرس عن مساعي المركز إلى تقديم ما هو مميز دائماً للجمهور على الصعيدين الموسيقي والتشكيلي «نحن نحاول أن نسبح عكس التيار، ونسعى دائماً لتقديم كل شي جديد للجمهور، وفيما يخص الموسيقا أصبحنا نتجاوز دار الأوبرا، لأن ما نعرضه خاص جداً، وحفل «كورال الحجرة» إضافة إلى تميّزه، قدم مختارات ليست بحديثة الإنتاج، بل هي راسخة في ذاكرة الشعوب، وبالتالي يوماً بعد يوم إن المركز الوطني يثبت أنه مركز متعدد الثقافات وأن أداءه عالي الحرفية. أما في الجانب التشكيلي فلا تزال لوحات الفنان التشكيلي نزار صابور معروضة، ويأتي الزوار ليروها، وأحب أن أؤكد أننا نسعى دائماً إلى أن نقدم شيئاً مميزا ومختلفا، والدليل بأن اللوحات لا يوجد مكان في دمشق قادر على استيعابها أو عرضها بالطريقة التي قمنا بها، هذا عدا أن برنامجنا السنوي كان جاهزا منذ عام 2018، ونحن مستمرون بالمعارض والحفلات والورشات، وهذا أمر يمكن ألا نجده حتى في أوروبا». وأضاف د. الأخرس مدافعا عن انتقائية المركز لنشاطاته بالقول «هنا أحب أن أشدد على نقطة جدّ مهمة، هي أن المركز الوطني انتقائي جداً وهدفه من هذا هو محاربة الاختراق أو بمعنى آخر الرخص الثقافي المنتشر، فلدينا كم هائل من الفنانين والفنانات الرخيصات، الذين ظهروا وانتشروا فجأة، والمرعب أن الشباب يعتقدون أن الرخيص السائد هو الثقافة الواجبة الاتباع، وهنا بدلا من أن نتطور سنعود إلى الوراء، وهذه حرب ثانية علينا مواجهتها، بمحاربة كل التحديات عبر تشجيع الشباب والأطفال، لنعيد للثقافة السورية مكانتها المرموقة التي نتغنى بها، تمهيدا لأرض ثقافية راسخة».
وعن متابعي نشاطات المركز من الجمهور ختم رئيس مجلس الإدارة «المركز الوطني ليس ربحيا، ومن المتابعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأنشطة الصالات، يلاحظ المرء أن الجمهور ذاته يتكرر، على حين جمهور المركز الوطني، نحن لم نعمل على استقطابه ولقد كبر وتنوع وحده، بينما ما قمنا به فقط، هو تحقيق التقاطع بين معرض تشكيلي مع حفل موسيقي، أو بين معرض وورشة للأطفال مثلاً، حتى إن الحضور لإحدى الحفلات بلغ خمسمئة شخص وهذا لم يحدث في سورية من قبل».

بالمركز نقدم المختلف
من جانبه توقف المايسترو ميساك باغبودريان عند كورال الحجرة وتطوره منذ تأسيسه عام2001 «بداية الكورال هو مجموعة أشخاص يغنون بأصوات متعددة ومختلفة، ومن وقت تأسيس (كورال الحجرة) حتى اليوم، هناك الكثير من الأعضاء الذين تغيّروا، ولكن الكورال ككتلة، هو قائم، حتى ولو تغيّر الأعضاء، ومن أوائل المغنيين الموجودين في الكورال والمؤسسين له ما زال معنا إلياس زيات وسامر جبر، وبالطبع شرط الانتساب للكورال أن يكون المنتسب من خريجي المعهد العالي للموسيقا، ما زال هذا شرطاً قائماً، ولكن بسبب ظروف الحرب نتعامل مع هذا الشرط بمرونة، بمعنى يمكن أن ينتسب للكورال من هم ليسوا بخريجي المعهد العالي، على أن يكون صوتهم مناسبا ويتمتعون بقدرات موسيقية عالية.
وأحب أن أشير هنا إلى أن انضمام أشخاص جدد هو تغيير يساهم بتغيّر شخصية الكورال وبطبيعة برنامجه، كما يغيّر الحياة الاجتماعية له، وبالتالي كل هذه التغيرات تؤثر في حياة الكورال ومسيرته، هذا من جهة ومن جهة أخرى بالنسبة للاختلاط والاطلاع على تجارب الآخر، فقبل الحرب كان للكورال الكثير من النشاطات، عبر السفر والمشاركة بالمهرجانات والحفلات وورشات عمل، لكن في هذا الوقت كلّها خفّت».
أما عن برنامج الحفل الذي حمل عنوان: (مختارات من أعمال الميوزكل المشهورة) فيقول المايسترو: «نحن نعمل ونقدم أشكالاً مختلفة من البرامج الموسيقية، وأنا أحاول أن أتحدى الحدود المرسومة لفكرة الكورال، لذا قدمنا شيئاً مختلفاً عن الموسيقا الكلاسيكية، هذا إضافة إلى أنه كان في البرنامج تحدّ عبر الربط الموسيقي والغنائي مع الصورة. وبالنسبة لعنوان الأمسية أوضح أن (الميوزكل) هو فن موجود بأوروبا وأميركا، وهي حالة موسيقية متكاملة تشبه الأوبرا، ولكن بأسلوب تأليف ونوع موسيقا مختلفين. و(الميوزكل)غير موجود لدينا، لكننا قدمناه عبر مختارات من أربعة أعمال مشهورة ولمؤلفين هم من عملوا هذا الخليط».
وعن احتضان المركز لهذا النشاط يتابع باغبودريان «المركز الوطني بكل المشاريع التي يقدمها، أراه مركزا للابتكار، حيث إننا سواء عبر السيمفونية الوطنية أم مع كورال الحجرة، نقدم ما لا نقدمه في الأوبرا ولا في المعهد العالي، ففي المركز نحن مختلفون عما اعتاد أن يراه الجمهور المتابع لنا، هذا وما نقدمه هو تحدّ لنا لأننا نعرض ما هو مختلف، وبالتالي جاء الحفل كورشة عمل جمعت بين الموسيقا وأساتذة من كلية الفنون الجميلة، صمموا مقاطع الفيديو، مازجين الموسيقا مع الصورة، محققين خليطا بين الفنون، ليتلقاها المشاهد عبر مجموعة أبعاد تضمّ الصوت والصورة والإحساس».

من الكورال… إلياس زيات
من جانبه حدثنا عن الحفل والمشاركة الصوت المؤسس في كورال الحجرة إلياس زيات قائلاً: لـ(كورال الحجرة) اسمه المعروف، وهو لا يقدم إلا ما هو مهم ومميز، وعن المقطوعات الموسيقية التي قدمناها في الحفل أضاف: هي عبارة عن مجموعة من الأغاني تم دمجها، ورافقها فيديو تم تصميمه من الفيلم الأساسي الذي توجد فيه المقطوعات. وأحب أن أشير إلى أن مسرح المركز الوطني للفنون البصرية، مسرح مميّز ومجهّز بالأمور اللوجستية المهمة التي تحقق الإبهار المطلوب خلال العرض، وما هو متوافر سيساعدنا في تقديم المسرحيات الغنائية (الميوزكل)التي تحتاج إلى إمكانية عرض أفلام فيديو مرافقة، إضافة إلى الإضاءة والصوت، محققين شرط الاختلاف، بعيداً عن الطريقة التقليدية من حيث وجود كورال، يغني على المسرح».

من الكورال… هبة فاهمة
في الختام باحت في تصريح خاص لـ «الوطن» هبة فاهمة- وهي من الأصوات القديمة في الكورال- عن خصوصية برنامج الحفل «برنامج الحفل هو برنامج موسيقا أفلام، وخصوصيته تكمن في اختلافه وحداثته بالنسبة لنا وللمتلقي، إضافة إلى قربه من قلوب الناس، لأن معظمهم كان قد حضر هذه الأفلام وسمع الموسيقا المخصصة لها، حتى إنه يعرف أغانيها، ونحن قدمناها بطريقة كورالية، وشعرنا عبر هذا العرض بالكثير من التحدي، لأنه مختلف عما نقدمه كموسيقيين بالعادة، ففيه الصورة من خلال أجزاء الفيلم، والصوت الذي سيتابعنا به المايسترو ميساك، كي نبقى مترافقين بالزمن مع الصورة، كما أننا استقطبنا شرائح جديدة من المتابعين للموسيقا، وأتمنى أن نستمر في هذا المشروع كي نرسخ ما هو جديد ومميز بشكل دائم».

تجدر الإشارة
أسس كورال الحجرة التابع للمعهد العالي للموسيقا عام 2001 بإشراف الأستاذ صلحي الوادي مؤسس المعهد وعميده السابق، وإشراف موسيقي من الأستاذ فيكتور بابينكو، ويتألف من طلاب وخريجي المعهد العالي للموسيقا باختصاصات مختلفة: مغني أوبرا، وعازفي آلات مختلفة، لتكون نواة أول فرقة كورالية محترفة في سورية.
خلال السنوات القليلة من عمر هذه الفرقة، قدم الكورال العديد من الحفلات في دمشق وعدد من المحافظات السورية، إضافة إلى حفلات في لبنان والمملكة الأردنية الهاشمية والإمارات العربية المتحدة، وفي جمهورية أرمينيا (قاعة المعهد العالي للموسيقا في يريفان، قاعة كوميداس)، وفي المهرجان الدولي للموسيقا السيمفونية بالجزائر ومهرجان دمشق لآلة الأورغن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن