من دفتر الوطن

نصائح مجانية!

| عصام داري

النصائح عادة تكون مجانية، مع أنهم قالوا منذ زمن: إن النصيحة بجمل، لكنني سأتنازل عن جمالي، ونصائحي ستكون لوجه اللـه تعالى.
النصيحة الأولى أوجهها للفنان الملحن سمير كويفاتي: أتمنى عليك التخلي قليلاً عن احتكار صوت المطربة ميادة بسيليس، دعها تجرب ملحنين آخرين من سورية ولبنان وحتى من مصر فقد يجد هؤلاء الملحنون مساحات جديدة في صوتها وتوظيفها في أغان جديدة وأن تبدع في هذه الأغاني، وهذا الأمر ليس انتقاصاً من موهبتك الفذة في التلحين –لا سمح اللـه- فصوت ميادة يشبه منجماً غنياً بالجواهر، فلماذا لا ينقب فيه أصحاب الخبرة؟
وأنت تعرف تماماً أن سيدة الغناء العربي أم كلثوم أخذت الكثير من الألحان من أمثال أبو العلا محمد ومحمد القصبجي وزكريا أحمد ورياض السنباطي وأحمد صبري النجريدي وداوود حسني ومحمد عبد الوهاب وحتى الشاب بليغ حمدي ومحمد الموجي وسيد مكاوي.
وعبد الحليم حافظ غنى كذلك من ألحان محمد عبد الوهاب وكمال الطويل والموجي وبليغ حمدي ومنير مراد ومحمود الشريف وعلي إسماعيل وغيرهم، وكذلك فعلت فيروز عندما غنت للأخوين الرحباني وفلمون وهبي ومحمد حسني(محمد الناشف) ومحمد عبد الوهاب وحتى من الصحفي نجيب حنكش الذي لحن لها قصيدة «أعطني الناي وغنّ» من شعر جبران خليل جبران، وهي التجربة الوحيدة له في التلحين في حياته.
النصيحة الثاني أوجهها للفنانتين هيفاء وهبي وسيرين عبد النور، فقد برعت كلتاهما في التمثيل والدراما، ونصيحتي لهما أن تتفرغا للتمثيل، وتصرفا النظر عن الغناء، لأنني بصفة شخصية لم أجدهما في الغناء وتأدية الأغاني، وأنا أعبر عن رأي الكثير من الفنانين والنقاد ومتذوقي فن الغناء، وأنا لا أنتقص من مكانتهما الفنية أبداً.
ونصيحتي الثالثة مفتوحة نحو كل الفنانين وفي كل المجالات، من تأليف وتمثيل وغناء وتلحين وغير ذلك، لهؤلاء أقول: لكم كل الحق والحرية في التعاطف والتأييد للشخصيات السياسية والأحزاب السياسية، والميليشيات وقادة تلك الميليشيات، لكن إعلانكم في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن مواقفكم تلك سيفقدكم شريحة واسعة من مناصريكم ومحبيكم، فمجتمعنا لا يقبل أن يحب فلاناً ويجد بعض من يحبهم لا يحبونه، أو يشتمونه، فهل وصلت الرسالة؟
النصيحة الأخيرة لحكومتنا الموقرة: عندما تكون هناك خطة أو إجراء القيام به للمصلحة العامة، فيجب أن يأتي بعد دراسة معمقة للجوانب السلبية قبل الإيجابية، وانعكاس ما تنوي الحكومة القيام به على الشريحة الأوسع من الجمهور السوري، وهي الشريحة الأكثر فقراً ومعاناة، لأن الجمهور يصبر كثيراً ويتحمل أكثر، لكن!
في إحدى مسرحيات الرحابنة تسأل فيروز جدها «نصري شمس الدين»: لماذا تبدأ البيانات بالاتكال على اللـه والشعب. فيجيبها: (لأن اللـه والشعب بيطولوا بالهم كتـيـــر كتير!).
نحن مع البطاقة الذكية «أحياناً!» لكن هل يعاني السادة الوزراء كما يعاني المواطن للحصول عليها؟
والبطاقة الذكية مجرد مثال صغير من مئات المنغصات التي تواجه المواطن السوري، فهل المطلوب إبقاء المواطن في حالة توتر وتعب وإرهاق وقلق على مدار الساعة؟ إذا كان هذا المطلوب فأبشر الحكومة بأنها حققت نجاحاً باهراً، وألف مبارك لها، وللمواطن المعتر.
مجرد نصائح بالمجان!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن