رياضة

حتى العتّالة..!

| مالك حمود

كثيرون لا يدركون أهمية المثل القائل (الدنيا دين ووفا) وربما كان البعض لا يقتنع إلا بعد أن تمسه الأمور بشكل شخصي، دون أن يعي بأن من يزرع اليوم لابد أن يحصد غدا، وهذا ما يجعلني أتذكر وباحترام كبير النظام التكافلي الذي وضعه مجموعة من (العتّالة) في أحد أسواق العاصمة، وأولئك العاملون البسطاء تصرفوا بمنتهى البساطة، دون أن يدركوا بأن مبادرتهم هي قمة التعاون والتكافل الاجتماعي على أقل تقدير.
والقصة باختصار أنهم أجمعوا على اتفاق ينص بأن يقتطع جزء شهري بسيط ومحدد وموحد مما يتقاضاه كل واحد منهم كي يدخل إلى الصندوق المشترك الذي كان بعهدة كبيرهم كي يقوم بدوره بتوزيع ذلك المبلغ على بقية زملاء المهنة الذين منعتهم الظروف من العمل وكسب المال، كالمرض أو الشيخوخة، وبالطبع فإن كل واحد منهم كان يدفع المبلغ المستحق دون تلكؤ وبطيب خاطر، لقناعته بأن وقفته مع زميل المهنة اليوم سوف يرى الجواب عليها في القادمات سواء في المرض أو في عند الهرم، حيث لا يجد المرء من يدخل على أسرته برغيف خبز، وساعتها لن ينفعه سوى ذلك التكافل الرائع بين أبناء المهنة الواحدة، لأنهم آمنوا بأن الوجع واحد والهم واحد والهدف واحد، طالما أنهم ليسوا بموظفين، وليس لديهم ضمانات ولا تأمينات.
أولئك الأشخاص الأقوياء والشرفاء والبسطاء نجحوا في إيجاد تجمع أشبه بالنقابة لضمان الغد، والرياضيون لم يجدوا تلك النقابة أو المؤسسة التي تجمعهم سوى بعض التسميات الخلبية من (رابطة الرياضيين القدماء) وغيرها من التسميات الشرفية التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
من يضمن حياة ذلك المدرب المحترف الذي يعيش من وراء الرياضة لو تعرض للمرض أو العجز أو الكهولة التي تعيق إمكانية استمراره في عمله؟!
ومن يتكفل بأسرته عند الوفاة ولا راتب تقاعدياً ولا من يحزنون.
صدق من قال بأن الخبز الذي يأكله المدرب السوري مر..!
ومن يتمعن في الدوري السوري لكرة القدم، وما يشهده من تبديلات بعدد المدربين خلال الموسم الحالي الذي لم ينته بعد، يدرك حقيقتين:
الأولى كم نحن قريبون من دخول سجل غينيس للأرقام القياسية في تبديل المدربين، اللهم إن لم نكن قد دخلناها دون أن ندري.
والثانية مدى مرارة الخبز الذي يأكله المدرب السوري الذي ينطبق عليه المثل (مثل خبز الشعير مأكول مذموم)..!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن