(ياريتك يابو زيد ما غزيت)، لم أجد أدق وأجمل من هذا المثل الشعبي لأدخل في تفاصيل وتقلبات نتائج سيدات سلة نادي قاسيون التي خرجت من مسابقتي الدوري والكأس خالية الوفاض هذا الموسم، ولم تتمكن من المنافسة على اللقبين رغم الدعم اللامحدود الذي أولته الإدارة للفريق على رأسها العميد فايز الباشا رئيس النادي الذي لم يتوان عن التواجد والمتابعة، وتأمين كل ما يلزم الفريق، فالإدارة لم تبخل على الفريق في أي شيء، وعلى مبدأ «أطلب واتمنى»، والرواتب الخيالية التي كانت تدفعها للاعبات تحلم بها جميع لاعبات الأندية، والظروف المثالية التي يعيشها الفريق تعد الأفضل بين الأندية، ورغم ذلك أخفق الفريق بتحقيق نتيجة توازي الطموح.
إذا عرف السبب
أرجع بعض خبراء اللعبة النتائج المتراجعة للفريق إلى عدة أسباب يأتي في مقدمتها الفشل في تقدير النواحي الفنية خصوصاً في فريق يضم في صفوفه لاعبة بثقل كارولين أبو لطيف، والتي تشكل ثقلاً يؤهل الفريق لمنافسة فرق المقدمة على اللقب، إضافة لتواجد ثلاث لاعبات من مستوى عال تم التعاقد معهن بداية الموسم من نادي السلمية، إلا أن غياب الخبرة والرؤية الفنية الدقيقة لدى مدرب الفريق، وانشغاله بالنواحي التنظيرية البحتة البعيدة عن الواقع، كونه لم يمارس كرة السلة سابقاً إلا على مستوى فريق صفه في المدرسة الابتدائية في أبعد تقدير، كما أكد البعض بأن إخفاقه هو استمرار لسلسة تجاربه السابقة الفاشلة أيضاً، أما تغنيه بإنجازه بتحقيق لقب كأس الجمهورية مع سيدات الساحل قبل موسمين، فهو ينطبق مع حال المثل القائل بأن الأصلع يتباهى بشعر جاره، فالإنجاز الذي يتكئ عليه هذا المدرب المغمور جاء نتيجة حالة تميز استثنائي للاعبات نادي الساحل، والرعاية والمتابعة والدعم الإداري غير المسبوق للفريق، إضافة للظروف القاهرة التي كانت تمر بها فرق معقل السلة السورية في مدينة حلب.
فشل
حقيقة يجب الاعتراف بها هي أن نادي قاسيون أخفق في تحقيق أحلامه الوردية التي أوهمه بها مدرب الفريق، بعد أن جعل له البحر طحينة، وبأنه سيحقق الآمال والأحلام، وبأن الفريق سيعتلي بعهده منصات التتويج محلياً وربما خارجياً، ونجح المدرب في الترويج لفكرة التعاقد مع لاعبات بطريقة تثير الجدل، فضم الفريق لاعبات متميزات على مستوى القطر، ظناً من المدرب أن المأكولات المثلجة عفواً «اللاعبات المستوردة» ستكون حلاً سريعاً لتغطية ضعف خبرته، وأياً كانت تكلفة هذا الاستيراد، ومهما بلغت عقود اللاعبات على طريقة الوجبات السريعة، وادعى بأنه سينهض بكرة السلة ليس في نادي قاسيون وحسب، وإنما على مستوى المنتخبات الوطنية والقارية لأنه يصنف لاعباته في ثلاثة مستويات محلية، عربية، قارية، خصوصاً عندما تقتضي مصلحته اجتذاب اللاعبات من أندية أخرى، وبعد أن ظن من كثرة ما طبّل له المنتفعون بأنه فعلاً سيصل بفريق سيدات قاسيون إلى مصاف الأندية المنافسة، ليتضح بأن المهمة المسندة إليه أكبر بكثير من إمكاناته، وبأن خبرته التدريبية الضعيفة لم تنفع مع الفريق، بل عادت به إلى الوراء، وخير دليل على صحة كلامنا أن بعض المباريات الحساسة التي فاز بها الفريق في مرحلة الذهاب بفضل جهود لاعباته خسرها في مرحلة الإياب بفضل لمساته الجهبذية، أحد الخبثاء وجه دعوة له لإصدار كتاب تحت عنوان( كيف يربح فريقك في الذهاب وتخسره في الإياب).
ويبقى العتب على من يظنون أنفسهم بأنهم يفهمون كرة السلة في نادي قاسيون بعد أن تركوا له مطلق الصلاحية والحرية دون تقييم للأخطاء التي وقع فيها منذ بداية الدوري.
خلاصة
إدارة النادي تضم خبرات رياضية وهي قادرة على إعادة ترتيب أوراق اللعبة بشكل عام، والعودة للاهتمام بقواعد النادي، وتأمين المناخات الملائمة لها، ولاضير من الصرف عليها لأنها تشكل اللبنة الأساسية للعبة بالنادي بعيداً عن التعاقدات التي وضعت النادي تحت ضغط الأعباء المالية ولا بد من الاستفادة من الخبرات المهمة في طريقة تقييم أي مدرب يرغب النادي في التعاقد معه مستقبلاً، وعدم الانجذاب للكلام المعسول الذي يروجه البعض عن نفسه بقصد اقتناص فرص لم يكن يحلم في يوم من الأيام أن يتصور مع لاعباتها، أو الاكتفاء بالتصفيق من على المدرجات لهذه الفرق، فإذا به يمتطي صهوة جواد التدريب، وهو لا يملك شيئاً من هذه المقومات، لا خبرات اللعب، ولا مهارات التدريب، وليعلم القائمون على إدارات الأندية، بأن من يسبح في الكلام يغرق في العمل، والرياضة لم تكن في يوم من الأيام ميداناً للنظريات والأطروحات والمعلّقات التدريبية، بل هي ميدان وعلم وعمل، وشتان بين من يجيد التنظير وبين من يجيد التدريب.