«سأكون يوماً ما أريد» معرض للتصوير الضوئي … ستُّ فتياتٍ تحدّين الإعاقة وتمكّنا من الاندماج في المجتمع
| سوسن صيداوي- ت: أسامة الشهابي
إن الذي فُرض علينا ليس ما نريده، فنحن لم نختر أنفسنا، ولم نختر الحرب، ولا الويلات، ولا الدمار، أو الفراق، ولا حتى الغربة، ولكننا اخترنا ما نريد، نعم، لقد اخترنا الوطـن، ومنه وإليه تبدأ وتتحقق كل الأمنيات التي لن تكون حاضرة بمجرد الرغبة المجردة عن الإيمان، من إيماننا وقدرتنا التي لن تعيقها ظروف ولا توقيت ولا أشخاص ولا أيضاً، إعاقة، نحن ست فتيات: ميريانا سلماوي وأميرة العاص ورشا خازم ورانيا دك الباب وآية حمد وحنان العينية، ننطلق عبر معرض تصوير ضوئي «سأكون يوماً ما أريد»، كي نقول: سنكون منكم ولسنا بغريبين عنكم.. وسنبني جنبا إلى جنب معكم الوطـن، بعد أزمته المريرة، بمساعدة ممن وضَعنا على الطريق، ودفعنا وشجعنا في أول خطوة، جمعية تاء مبسوطة في معرضنا «سأكون يوماً ما أريد» للتصوير الفوتوغرافي، الذي افتتح بغاليري جورج كامل بدمشق، بحضور فني مشرّف من: العملاق دريد لحام، والمخرج باسل الخطيب، وكل مهتم ومشجع ومتذوق للفن.
صحيفة «الوطـن» كانت حاضرة… وللمزيد حول المعرض نترككم مع التفاصيل التالية:
لا توجيه في الفن
بداية حدثتنا رئيسة مجلس إدارة جمعية تاء مبسوطة ديانا جبور عن مراحل الورشة حتى وصلت إلى المعرض المقام «لقد استغرق التحضير لهذا النشاط من بدايته وحتى اللحظة، عملاً تجاوز ثلاثة أشهر، في مراحلٍ بدأت من اختيار المشتركات، وتوفير المطلوب للورشة من أساتذة ستقدم المنهاج، إلى تدريب المشتركات، إلى خروجهن إلى الشارع لالتقاط الصور، والقدرة على معالجتها، والأمر لم يكن سهلا بكل تلك المراحل حتى وصلنا إلى هنا».
بالنسبة لاختيار الفتيات شرحت جبور أنه تمّ بناء على شرطين، الأول أن تكون المشتركة في المسابقة بعمر ثمانية عشر عاماً وما فوق، كي تكون مستقلة وقادرة على الحضور والالتزام بمواعيد الورشة. والشرط الثاني أن تكون المشتركة من ذوي الإعاقة، كما تتابع «على ألا تمنعها الإعاقة من القدرة على استخدام الكاميرا، وهنا أحب أن أشير إلى أننا تمسّكنا بالشرط الثاني، ولكن الأول لم نتمكن من الالتزام به، لأنه كان بين المشتركات، فتاتان واحدة بعمر السادسة عشرة، والثانية عمرها خمسة عشر عاماً، وكانتا تحضران إلى مكان الورشة برفقة أمهاتهن».
أما بالنسبة للموضوعات التي حملتها الأعمال الفوتوغرافية التي شاركت بها المتسابقات «فشددت رئيسة الجمعية على أنه لا يجوز أن يتم التوجيه نحو مواضيع معينة في حال قدمنا التوجيهات للموضوعات المشاركة نكون قد خسرنا شرط الإبداع والتنوع، هذا وعند التوجيه ستكون النتيجة أسيرة وجهة نظر معينة. بل بهذه المناسبة أحب أن أؤكد أننا نسعى من خلال الجمعية والنشاطات التي نقوم بها إلى توسيع الأفق قدر الإمكان، وعلينا ألا نقف في وجه هذه الإمكانية العظيمة- خصوصاً في ورشتنا الحالية- مما سيقدم من جديد من أجل ما هو ثابت في فكرنا ورؤيتنا، ولو كان منها ما هو مستهلك».
وعن تقييم الأعمال والجوائز الممنوحة ختمت «سيقوم بتقييم الأعمال ثلاثة أساتذة وهم: الفنان التشكيلي يوسف عبدلكي، والناقد التشكيلي سعد القاسم، والمصور الفوتواغرافي والمدرس الجامعي نصوح زغلولة. فهم من سيحددون المعايير الفنية المطلوبة في الصورة التي تستحق ملتقطتها الفوز بكاميرا، وهنا أحب أن ألفت الانتباه إلى نقطة مهمة جدا، كنا نتمنى في الجمعية- وأقولها بكل صدق- أن نقدم كاميرات لكل المشتركات، ولكن الموضوع صعب جدا، فالكاميرا غالية الثمن، ونحن في جمعية تاء مبسوطة نقوم بنشاطاتنا، بالمساعدة من الأصدقاء الذين يقدمون الخدمات المطلوبة، وأخيراً أحب أن أشكر صالة جورج كامل الذي قدم لنا المكان، كي نعرض أعمال المشتركات في هذا المعرض».
تمكين المرأة إبداعياً
بداية لفت المؤلف تليد الخطيب إلى طبيعة التعاون الذي يقوم به مع جمعية تاء مبسوطة، مشيراً إلى توجهها وهدفها في تمكين المرأة اقتصادياً في مجالات مختلفة عن باقي الجمعيات «أنا صديق للجمعية، والمشروع الذي تقوم به الجمعية من حيث تمكين المرأة اقتصاديا، هو مشروع لافت، والجميل أنه بعيد ومختلف عما هو مطروح من جمعيات أخرى، بمعنى (تاء مبسوطة) تسعى لتمكّن المرأة في المجتمع في مجالات بعيدة عن الخياطة أو التطريز-الأعمال التقليدية- بينما تسعى لتمكينها في الأمور الإبداعية سواء أكانت كتابة أم تصويراً».
وعن دوره في الدورة ومعرض التصوير الضوئي «سأكون يوماً ما أريد»، يقول: «مهمتي أنني كنت المدرب في الدورة التي استمرت عشرة أيام، حيث كانت الدروس فيها مكثفة، وأشير هنا إلى أن الدروس قدمناها للمشتركات كمساعدة- كمدخل- للامتهان في مجال التصوير الفوتوغرافي. والذي حصل أننا سلّمنا كاميرا لكل مشتركة لمدة أسبوع، وأشرنا للمشتركات أن عليهن الاهتمام بالمواضيع التي تهم المرأة، لكون الجمعية معنية بشؤون المرأة، فمن الطبيعي أن تكون الأعمال معبرة عن المرأة أيضا، من دون التحكم بإبداع المشتركات».
وعن التواصل مع المشتركات أثار المدرب الخطيب نقطة جدّ مهمة «التواصل كان فيه شيء من الصعوبة، صحيح أنه تمت الاستعانة بمترجم لغة الإشارة الأستاذ هيثم دادو، الذي تعب كثيراً معنا، إلا أن الأخير لفت نظرنا حقيقة إلى مشكلة جدّ مهمة، وهي افتقار قاموس لغة الإشارة العربية للمصطلحات التقنية التخصصية، بمعنى أن قاموسنا العربي لا يساعد الإنسان على التخصص في مجالات الحياة والاندماج في مجتمعاتها حين تتوافر إمكانية العمل وفرصته، فمثلا هناك مفردات تتعلق بأمور تخصصية في الكهرباء مثلا، وهي غير موجودة في لغة الإشارة، بمعنى القاموس يقدم لنا الأسلوب البسيط في الحديث عبر الإشارة، كي يفهم ذوو الإعاقة ما نريد، فالقاموس ليس وسيلة تعليمية بقدر ما هو وسيلة تواصل. هنا وأخيراً أتمنى من الجهات المعنية الالتفات إلى هذا الموضوع، كي نعزز قدرة ذوي الإعاقة في العمل والاندماج في المجتمع بطريقة راسخة وقوية».
الموضوعات مبررة
على حين بيّن الناقد التشكيلي سعد القاسم أن الموضوعات التي استوحتها المشتركات هي مبررة، لكون جمعية تاء مبسوطة هي جمعية معنية بشؤون المرأة ويقول«الورشة كانت مهمة جداً للمشتركات، لأنها ساعدتهم على الانطلاق في التصوير الفوتوغرافي، سواء من حيث التقنية أم من حيث الإضاءة وهكذا، إضافة إلى تمكنهن من اختيار الموضوعات، حيث قامت المشتركات بتصوير الواقع السوري بكل شفافية، والمواضيع متنوعة المشاهد السورية، ومتفاوتة بين الحزن والفرح. وبالنسبة للموضوعات، الجمعية نسائية والمشتركات من النساء، فبالتالي الأمر مبرر بأن تكون الأعمال المطروحة في المعرض تمسّ المرأة وقضاياها. كما أسلفت المعرض خاصة والورشة بالعموم مشروع مهم لأنه يسند الفتيات لتمكينهم من الاحتراف بالأمور الإبداعية، وبالطبع الورشة لا تكفي بل هو مشروع دخول سواء في الكتابة أم التصوير الفوتوغرافي، بمعنى الجمعية تقدم المبادئ، وعلى المشاركات المتابعة والمواصلة في المجالات المطروحة».