قضايا وآراء

تركيا والمنطقة الآمنة!

| غسان يوسف

بإعلان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أن المنطقة الآمنة تشكلت فعليا على حدود سورية الشمالية المتاخمة لأراضي تركيا، تكون تركيا قد أفصحت عن نياتها الحقيقة في سورية وأنها تريد من دخولها الأراضي السورية سواء عبر عملية ما سمتها «درع الفرات» في 24 آب 2016 التي تزامنت مع ذكرى معركة مرج دابق، أم من خلال عملية «غصن الزيتون» في 20 كانون الثاني 2018 التي احتلت من خلالها عفرين، أو من خلال سيطرة تنظيم القاعدة في بلاد الشام، أي جبهة النصرة سابقا وهيئة تحرير الشام حاليا، على محافظة إدلب في 28 آذار 2015 وقد أفصحت عن نياتها الحقيقية في تحقيق ما يسمى الميثاق الملي الذي يعتبر حدود تركيا من شمال اللاذقية، التي لا تزال تسيطر عليه العصابات الإرهابية، إلى جسر الشغور التي تسيطر عليها جماعات الإيغور الصينية، أي الحزب الإسلامي التركستاني، إلى إدلب حيث تنظيم القاعدة وغرب وشمال حلب حيث الجماعات المتطرفة.
إذا صح ما تسرب من اتفاق بين تركيا والولايات المتحدة بإبعاد ما يسمى ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية – قسد» عن الحدود التركية مسافة 32 كم لتحل محلها القوات التركية، تكون تركيا قد حققت جزءا من حلمها في السيطرة على الأراضي السورية التي تعتبرها جزءاً من تركيا حسب الميثاق الملي الذي أقره مجلس المبعوثان العثماني عام 1920 ووافق عليه كمال أتاتورك بعد قيام الجمهورية التركية عام 1923 وهو ما كان صرح به وزير الداخلية التركية سليمان صويلو عندما قال: «دمشق وحلب كانتا ضمن حدود أمتنا التي أعلنها المجلس العمومي العثماني»! والرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي قال أكثر من مرة: إن الجنود الأتراك يستشهدون دفاعا عن أراضي تركيا وهذا الكلام ردده في عملية درع الفرات وكرره في عملية غصن الزيتون!
إذاً أصبحنا اليوم أمام احتلال تركي لأراض سورية بتآمر واضح من قوى كبرى تماما كما حدث عندما قامت فرنسا بالتواطؤ مع تركيا لسلخ لواء الاسكندرون، ونعود إلى ما قاله قالن بالحرف في مؤتمر صحفي عقده يوم الثامن عشر من نيسان الحالي: «الأرض الممتدة من إدلب إلى منبج مروراً بعفرين وجرابلس داخل الحدود السورية التركية، تشكلت فيها منطقة آمنة فعليا»! ورداً على ما قاله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن الحل يكمن بانتشار الجيش السوري على الحدود السورية التركية قال قالن: «إن دعوة النظام إلى المناطق التي طهرتها تركيا أمر غير واقعي»، وانتبهوا أن هذا التصريح يصادف عيد جلاء المستعمر الفرنسي عن سورية!
وأضاف قالن: إن تركيا تواصل محادثاتها مع الجانب الأميركي «بشكل مكثف حول المنطقة الآمنة بعمق 32 كيلومترا شمالي سورية».
لنتذكر هنا أيضاً أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، أعلنا في كانون الأول 2018 عن توصلهما إلى اتفاق حول إقامة منطقة آمنة وعازلة شمال سورية لخفض التوتر في المنطقة على خلفية استعدادات تركيا لشن عملية عسكرية جديدة في الأراضي السورية بشرق الفرات ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعتبرها أنقرة إرهابية على حين تحالفت معها الولايات المتحدة في حربها على «داعش».
لا بد هنا من التوقف عند الخطة التي تحدث عنها البنتاغون والتي تقضي بتشكيل قوة دولية توكل إليها مراقبة المنطقة الآمنة، لكن تركيا أصرت في حينها على ضرورة أن تكون الجهة الوحيدة الموجودة في تلك المنطقة! وليس واضحاً إن كانت ستحصل على ما تريد، ونتمنى ألا يحدث ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن