محاكم مسلكية لمحاكمة موظفي الدولة … مشروع قانون يمنح مجلس الدولة سلطة قضائية مستقلة عن مجلس الوزراء يختص في المنازعات المتعلقة بالرواتب لأصحاب المناصب وأعضاء مجلس الشعب
| محمد منار حميجو
اعتبر مشروع قانون أن مجلس الدولة هيئة قضائية واستشارية مستقلة ليستقل بذلك عن مجلس الوزراء بعدما نص القانون الحالي على تبعيته له، ملغياً في الوقت ذاته هيئة مفوضية الدولة ومحدثاً محاكم مسلكية لمحاكمة العاملين في القطاع العام وإدارة تفتيش في المجلس لمراقبة أداء قضاته.
مشروع القانون الخاص بمجلس الدولة الذي حصلت «الوطن» على نسخة منه اعتبرت بعض المصادر القضائية أن ماورد ضمنه عن استقلال مجلس الدولة ما زال غامضاً، موضحة أن المشروع نص على اعتباره هيئة قضائية مستقلة ومن ثم السؤال المطروح هل هو سلطة رابعة تضاف إلى السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية أم هو جزء من السلطة القضائية التي نص الدستور على استقلالها؟
ونص القانون على تشكيل مكتب لصياغة مشروعات الصكوك التشريعية لمختلف الجهات العامة في الدولة والنقابات المهنية والمنظمات الشعبية يرتبط برئيس مجلس الدولة يختص وحده دون غيره بمراجعة وضبط وصياغة مشروعات الصكوك التشريعية التي تحال عليه من رئاسة الجمهورية أو مجلسي الوزراء والشعب.
ورأت المصادر القضائية أن هذه المادة من الممكن أن تسحب البساط من إدارة التشريع في وزارة العدل باعتبار أنها المعنية في مراجعة القوانين والتدقيق فيها وهذا ما نصت عليه المادة 66 من قانون السلطة القضائية، مشيرة إلى أن المادة المنصوص عليها في مشروع التعديل أكدت أن المكتب الذي سيحدث هو المعني دون غيره في صياغة مشروعات القوانين.
وشكل المشروع الجمعية العمومية التي تختص من الناحية الاستشارية بإبداء الرأي ومن جهة أخرى بمراجعة القوانين والمشروعات التي يتولى مكتب صياغة التشريعات صياغتها على أنه تُعد آراؤها ملزمة ومبررة.
مهام جديدة
وتضمن المشروع مهام جديدة لمجلس الدولة منها أنه يختص بالطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بإلغاء القرارات الإدارية النهائية وفي الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة والترقية، كما نص على أنه يختص في المنازعات المتعلقة بالرواتب والمعاشات والتعويضات المستحقة لأصحاب المناصب وأعضاء مجلس الشعب.
ونص المشروع على أن المهام الجديدة للمجلس المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة، إضافة إلى جميع أنظمة التوظيف والاستخدام المعمول بها في الجهات العامة الأخرى بما في ذلك الخلافات المالية الناجمة عن الأجور والتعويضات للعاملين ومن في حكمهم وسائر المنازعات التي تنشأ بينهم وبين أي من الجهات العامة.
إجراءات جديدة في محاكمة العاملين
وأحدث المشروع دائرة جديدة تسمى توحيد المبادئ تتولى العمل على توحيد الاجتهاد في حال وجود تناقض أو اختلاف بين الأحكام الصادرة عن محاكم مجلس الدولة أو إذا ارتأت المحكمة الإدارية العليا العدول عن اجتهاد قائم.
ونص المشروع على أنها تنعقد الدائرة بدعوة من رئيس المجلس أو بناء على طلب إحدى المحاكم وبحضور جميع أعضائها وتصدر قراراتها بالأغلبية.
وأوضح المشروع أن المحاكم المسلكية تختص بمحاكمة العاملين في الدولة والموظفين العموميين ومن في حكمهم في سائر الجهات من الناحية المسلكية باستثناء الفئات التي تنص القوانين الخاصة بهم على تحديد مرجع تأديبي آخر.
ونصت إحدى مواد المشروع على أن كف يد العامل هو توقيف عن عمله مؤقتاً على أن تصدر بقرار من السلطة التي يحق لها التعيين أما المعنيون بمرسوم فيتم كف يدهم بقرار يصدر عن رئيس مجلس الوزراء.
وأكد المشروع أنه لا يجوز مد كف يد العامل من المراجع المشار إليها في المادة السابقة عن ستة أشهر ويعاد إلى عمله حكماً بعد انقضائها ما لم تقرر المحكمة المسلكية استمرار كف اليد بناء على طلب أحد هذه المراجع في حال وجود ملاحقة قضائية بحق العامل أو مباشرة إجراء من إجراءات التحقيق أو التفتيش من الجهات الرقابية المختصة.
ولفت المشروع إلى أن العامل الموقوف في المحكمة المسلكية مكفوف اليد خلال فترة توقيفه ويعد ملغياً في حال إطلاق سراحه، مشيرة إلى أنه يجوز للمحكمة المسلكية أن تقرر منح العامل مكفوف اليد سلفة على ما يستحقه من أجور بنسبة 80 بالمئة من أجره الشهري المقطوع بضمانة سائر استحقاقاته لدى مرجعه التأميني.
وبيّن المشروع أن الجهة العامة تسترد السلفة في حال ظهر نتيجة المحاكمة عدم استحقاق العامل أجراً عن المدة التي تقاضى عنها ذلك.
وأشار المشروع إلى أنه تتم الإحالة على المحكمة المسلكية بقرار من رئيس مجلس الوزراء لمن تم تعيينه بمرسوم ومن السلطة التي تمارس حق التعيين ورئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية إضافة إلى النيابة العامة وفق أحكام هذا القانون.
وأعطى المشروع للمحكمة الحق أن تطلب من الجهة العامة إحالة من ترى وجوب إحالته متى تبين لزوم إحالته، مشيراً إلى أن الإحالة على المحكمة المسلكية توقف سريان التقادم الجزائي من تاريخ صدورها وفق الأصول المبنية في قانون أصول المحاكمات الجزائية.
وبيّن المشروع أنه في حال ظهر للمحقق أن الفعل المنسوب إلى المحال يشكل جناية أو جنحة شائنة أو مخلة بالثقة العامة ارتكبت أثناء تأدية العمل أو بسببه يحق له أن يطلب من المحكمة بتقرير مسبب اتخاذ قرار بتوقيف المحال عليها وكف يده من المرجع المختص، لافتاً إلى أن المحكمة تبت بالموضوع بقرار يصدر في غرفة المذاكرة خلال خمسة أيام من تاريخ وصول الطلب ويبلغ إلى إدارة العامل المطلوب توقيفه وإلى الجهات المختصة لتنفيذه.
وبيّن المشروع أنه يحال الموقوف مع الملف على النيابة العامة المختصة خلال خمسة أيام من صدور قرار المحكمة بالتوقيف ويستمر مفعول القرار ما لم يقرر المرجع الجزائي المختص خلاف ذلك.
ومنع المشروع ملاحقة العاملين أمام القضاء لجرم ناشئ عن العمل قبل إحالته على المحكمة المسلكية مستثنياً حالة الجرم المشهود والادعاء الشخصي في الجرائم غير الناشئة عن العمل أو بسببه إضافة إلى الحالات التي ينص عليها قانون العقوبات الاقتصادية.
وأجاز المشروع توقيف العامل مدة أقصاها عشرة أيام قابلة للتجديد لمرة واحدة بناء على طلب رئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش إذ تبين أن الفعل المنسوب للعامل يشكل جناية أو جنحة ارتكبت أثناء تأدية العمل أو بسببه.
ولفت المشروع إلى أنه يحال الموقوف من المحكمة مع الملف على النيابة العامة المختصة بعد انتهاء التحقيق وتبلغ المحكمة قرار التوقيف إلى الجهة التي يعمل لديها الموقوف وإلى الجهات المختصة لتنفيذه على أن تحيل النيابة العامة ملف القضية بعد البت بها جزائياً على المحكمة المسلكية المختصة، واشترط المشروع لتعيين قضاة في مجلس الدولة أو ترقيتهم أن يكون متمتعاً بالجنسية السورية منذ خمس سنوات على الأقل وبحقوقه المدنية وأن يكون خالياً من الأمراض السارية والعاهات التي تمنعه القيام بالوظيفة وغير محكوم عليه بجناية أو جنحة شائنة أو مخلة بالثقة العامة.
ونص المشروع على أنه من الشروط أن يكون غير مصروف أو مطرود أو مسرح من الخدمة لأسباب تأديبية وأن يكون حاصلاً على الإجازة في الحقوق على الأقل من إحدى كليات الحقوق في الجامعات السورية أو ما يعادلها وألا يقل عمر المتقدم عن 28 سنة وغير متجاوز سن 36 عاماً إضافة إلى أنه يجب أن ينجح في مسابقة عامة تحدد شروطها بقرار من المجلس الخاص.