اقتصادالأخبار البارزة

بمشاركة 55 رجل أعمال عربياً.. ملتقى التبادل الاقتصادي العربي في دمشق … المقداد لـ«الوطن»: لدينا إيمان بالدور الكبير للمستثمرين العرب في مواجهة التحديات التي يواجهها الشعب السوري جراء الحصار الظالم

| عبد الهادي شباط - ت:أسامة الشهابي

صرّح نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد لـ«الوطن» بأن الحصار الاقتصادي على سورية سياسة قائمة منذ أن عرف العالم سورية، واستمرت هذه السياسة، لافتاً إلى أننا جزء لا يتجزأ من كل الاتفاقات العربية التي وقعت لتعزيز التكامل الاقتصادي العربي، ولتحريك الوحدة العربية، إلا أن المؤامرات الخارجية على أمتنا العربية وبشكل خاص المؤامرات الأميركية والإسرائيلية والغربية كلها حالت دون الوصول لهدف التكامل الاقتصادي النبيل.
وبيّن أن المرحلة الحالية في سورية هي مرحلة جديدة تتميز بإعادة البناء لما دمرته العصابات الإرهابية المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية وبعض الأنظمة العميلة لها في المنطقة، ومن الكيان الصهيوني، ولم يعد خافياً على أحد حقيقة ما تعرضت له وواجهته سورية خلال السنوات الثماني الماضية.
وأضاف: «لدينا إيمان بالدور الكبير للمستثمرين العرب، خاصة في مواجهة التحديات التي يواجهها الشعب السوري جراء الحصار الظالم»، مؤكداً: «إننا في سورية ننطلق في تعاملنا مع أشقائنا العرب من منطق أننا أهل وأقارب وشعب واحد».
ولفت إلى أنه في بعض الحالات أصبحت بعض العلاقات العربية مع الكيان الصهيوني أقوى من العلاقات بين الدول العربية، وهذا لا يمكن أن يكون مصدر راحة للشعوب العربية، منوهاً بأن التركيز يجب أن يكون على العمل العربي- العربي المشترك، وإلا فإننا سنواجه تحديات لا يمكن التغلب عليها في إطار الكيانات الصغيرة التي تسعى الدول الغربية لتفتيتها أيضاً.
وبيّن المقداد لـ«الوطن»أن وزارة الخارجية تعمل على تقديم كل التسهيلات الممكنة لدعم الاقتصاد الوطني وتسهيل حركة الاستثمار، وأن الوزارة لن تتردد بتقديم أي تسهيلات في هذا الإطار، خاصة عبر سفاراتنا في الخارج والتي تم تكليفها بناء على تعليمات السيد الرئيس بشار الأسد بالاهتمام الكامل بالدبلوماسية الاقتصادية، إذ «نعمل على إيصال صوت المستثمرين في الخارج إلى المؤسسات المعنية في داخل سورية، سواء كانت هذه المؤسسات حكومية أم خاصة، ولن نتردد أن نقدم أي دعم في هذا الإطار لكل من يريد أن يستثمر في وطنه الآخر سورية».
وفي كلمة له خلال افتتاح أعمال ملتقى التبادل الاقتصادي العربي أمس بعنوان: «معا نحو سوق عربي مشترك» بمشاركة عربية وأجنبية في فندق الداما روز بدمشق، أكد المقداد أن الحرب على سورية لم تنته بعد وتتمثل اليوم بفرض الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب المخالفة للقانون الدولي ومبادئ الشرعية الدولية، مشيراً إلى أن الدول المعادية تستخدم في معركة الحصار ضد سورية أساليب لا إنسانية.
وتساءل: «كيف يصطف آلاف السوريين على محطات الوقود نتيجة الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب من الغرب والإملاءات الأميركية في حين تعطي المنطقة العربية النفط لكل العالم وتسبح على بحار لا تنضب منه، وكيف يسمح البعض بموت أطفال سورية نتيجة الصقيع والأنواء الجوية في حين يصل النفط العربي إلى أرجاء المعمورة كلها؟».
ودعا إلى مواجهة التحديات والحروب الاقتصادية التي تشن على الأمة العربية وتنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات العربية المشتركة وتحفيز القوة الكامنة لدى الشعب العربي وأخذ زمام المبادرة لمنع تحويل الوطن العربي إلى كانتونات معزولة عن بعضها البعض، مجدداً موقف سورية الثابت بضرورة زيادة الاستثمارات العربية البينية وإعطاء الأولوية للتعاون في المشاريع العربية المشتركة الرسمية والخاصة.
وأوضح أن الولايات المتحدة وحلفاءها والكيان الصهيوني سعوا إلى إضعاف العرب واستغلالهم بشرياً واقتصادياً وواشنطن حاولت وتحاول شيطنتهم وقتلهم لتحافظ على هيمنتها وهيمنة كيان الاحتلال الإسرائيلي على المنطقة ومن لا يرى ذلك فهو أعمى بصراً وبصيرة، مشيراً إلى أن مواقف الإدارة الأميركية فيما يخص القدس المحتلة والجولان العربي السوري المحتل والحرس الثوري الإيراني تشكل جريمة.
وبين المقداد أن عملية إعادة الإعمار بدأت في سورية منذ الأيام الأولى لتحرير المناطق من الإرهاب الذي استهدف بشكل ممنهج تدمير البنى التحتية، لافتاً إلى أن سورية قادرة على إعادة البناء والإعمار بفضل تضافر جهود أبنائها وأشقائها وأصدقائها الأوفياء.
وفيما يتعلق بالمهجرين واللاجئين أوضح المقداد أن سورية تبذل جهوداً كبيرة لإعادتهم إلى وطنهم لأن هذه العودة هي السبيل الوحيد لإنهاء معاناتهم على الرغم من وجود دول معروفة تعرقل عودتهم إلى منازلهم وبلداتهم بهدف استغلالهم ورقة سياسية بلبوس إنساني.

بيئة جاذبة
وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر الخليل صرّح لـ«الوطن» بأن الملتقى الذي يقام بالتعاون بين المكتب الإقليمي لاتحاد المصدرين والمستوردين العرب في سورية ووزارة الاقتصاد ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية تم تسميته بملتقى التبادل الاقتصادي العربي بدلاً من ملتقى التبادل التجاري العربي حتى يكون مجاله أوسع ويشمل جميع النطاقات الاقتصادية، مبيناً أن التبادل التجاري مهم لكنه يبقى جزءاً من العملية الاقتصادية عند إقامة علاقة مع أي دولة أخرى.
وبيّن أن الملتقى سوف يسمح لرجال الأعمال بالتعرف والاطلاع على فرص استثمارية مهمة سيتم عرضها خلال الملتقى في مجالات متنوعة، موضحاً أن الملتقى تضمن مشاركات للعديد من المستثمرين العرب وغير العرب ممن كانوا حريصين على المشاركة والحضور، مؤكداً أن الاستثمار في سورية كان مستمراً حتى في أصعب الظروف خلال سنوات الحرب، ورغم أن قيم هذه الاستثمارات انخفضت، لكنه لم ينقطع واستمر ولو على نطاق بعض الاستثمارات.
ولفت إلى أن البيئة الاستثمارية اليوم سجلت تحسناً ملحوظاً، إذ تعمل الحكومة بشكل دائم على تطوير وتحسين البيئة الاستثمارية ومنح المزيد من التسهيلات المختلفة للمستثمرين، علاوة على التعديلات الكثيرة في البنية التشريعية الناظمة للاستثمار في سورية، بما يمنح المرونة والسهولة في تنفيذ الاستثمارات وتأمين متطلباتها إضافة للسياسات التحفيزية للاستثمار التي تنتهجها الحكومة، وفي هذا الإطار يتم العمل على مشروع جديد لقانون للاستثمار، وهو في مراحله النهائية.
واعتبر الخليل أن السوق السورية اليوم تمثل بيئة خصبة للاستثمار، خاصة في مجال البناء والإعمار في مختلف القطاعات الاقتصادية، وخاصة الصناعة، بسبب ما تعرض له قطاع الصناعة من أضرار وخراب خلال السنوات الماضية، وحاجته اليوم للتأهيل، مبيناً أن البيئة الاستثمارية في سورية تشتمل على العديد من المزايا المهمة منها انخفاض التكاليف لعدة عوامل أهمها اليد العاملة، لافتاً إلى أن هناك الكثير من الإعفاءات، وخاصة الجمركية والتخفيضات الضريبية للمنتجات التي يحتاجها السوق المحلية بشكل خاص، وهو ما يمثل حزمة من الامتيازات المتنوعة التي تخدم المستثمر وتجعل من العملية الاستثمارية في سورية منخفضة التكلفة مقارنة مع مثيلاتها في الدول الأخرى.
من جانبه، اعتبر رئيس اتحاد المصدرين السوريين محمد السواح أن الأهم اليوم هو النجاح في انعقاد هذا الملتقى، لأن الكثير من المستثمرين يرغبون في القدوم إلى سورية والتعرف على الفرص الاستثمارية واستكشاف الواقع الحقيقي لمناخ الاستثمار.
وبين في تصريح لـ«الوطن» أن هناك جدية لدى الكثير من المستثمرين المشاركين، وخاصة أن البيئة الاستثمارية باتت تشتمل على العديد من العناصر الجاذبة لما تتوافر فيها من فرص وإمكانات كبيرة خاصة في مجال الإعمار.

55 رجل أعمال عربياً
رئيس المكتب الإقليمي لاتحاد المصدرين والمستوردين العرب في سورية حسن جواد كشف لـ«الوطن» عن حضور ثلاث شركات إماراتية مهتمة بعدة مشروعات سياحية وفي مجال إعادة الإعمار، وقد طلبوا كل التفاصيل المتعلقة بهذه المشروعات، وهي شركات جادة ذات ملاءة مالية عالية، وقد تم الاتفاق على تلبية مختلف طلباتهم حول هذه المشروعات.
واعتبر جواد أن الملتقى مهم جداً لجهة عدد رجال الأعمال العرب الذين قدموا لسورية من مختلف البلدان العربية مثل الإمارات والأردن والعراق ومصر ولبنان ووصل عددهم إلى 55 رجل أعمال، وقد تم طرح مشروعات من البنى التحتية ومشروعات صناعة وزراعة ومشروعات في قطاع إعادة الإعمار والتطوير العقاري والسياحة حيث كان هناك عدة مشروعات سياحية نوعية تعرض لأول مرة في سورية، فقد كان هناك خريطة سياحية لأهم المشروعات السياحية في البلد.

المال والمصارف
خلال افتتاح أعمال الملتقى أكد وزير المالية مأمون حمدان رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء أن الاستثمار في سورية شهد تطوراً متسارعاً في جميع القطاعات في ظل إجراءات حكومية مكثفة لتشجيع الاستثمارات الخارجية وتعزيز صمود القطاع المالي والمصرفي والتأميني رغم قسوة الحرب الاقتصادية التي تشن على سورية وتهيئة البنية التشريعية والقانونية الجاذبة للاستثمارات العربية والأجنبية.
وأعرب حمدان عن أمله أن يخرج المشاركون في الملتقى بتوصيات ومقترحات تسهم في تفعيل التعاون الاقتصادي العربي المشترك، ويهدف الملتقى إلى تفعيل التكامل الاقتصادي العربي ومناقشة سبل تحسين حجم التجارة البينية العربية وفتح أسواق عربية جديدة ووضع سياسة تكاملية بين جميع القطاعات الاقتصادية العربية دعماً للمنتجات السورية القابلة للتصدير ورفع الكفاءة التصديرية العربية بشكل عام وإظهار سورية كمنطقة استثمارية مهمة من حيث موقعها الجغرافي المهم وهي سوق محلية متعطشة للاستثمار في مرحلة النهوض والتعافي الغني بالموارد الطبيعية واليد العاملة الماهرة.
وتشمل المحاور المطروحة لتحقيق أهداف الملتقى المحور الاستثماري الذي يساهم في إعادة البناء والتشييد للمناطق المتضررة من خلال طرح الخرائط الاستثمارية للمشروعات كوسيلة لدعم المستثمرين وتوضيح الفرص الاستثمارية والمحور الاقتصادي وإعادة تأهيل الاقتصاد نظراً للظروف التي مر بها في السنوات السابقة ليكون الداعم الرئيسي لتسريع عجلة النمو الاقتصادي بكل أنشطته الصناعية والزراعية والخدمية والسياحية والبنى التحتية.
شارك في الملتقى وفود من دول عربية وأجنبية وعدد من السفراء العرب والأجانب ورئيس وأعضاء المكتب الإقليمي لاتحاد المصدرين والمستوردين، والأمين العام للمجلس الأعلى السوري اللبناني ​نصري خوري، وأمين جامعة الأمة العربية هالة الأسعد، وممثلون عن غرف التجارة والصناعة في الدول العربية والهيئات والغرف والاتحادات السورية المعنية والمنظمات الدولية ورجال أعمال ومستثمرون وأصحاب فعاليات اقتصادية.

توصيات
تركزت توصيات المؤتمر على العمل الجاد باتجاه تشجيع الاستثمار السوري والعربي، وتذليل الصعوبات القائمة في طريق التبادل الاقتصادي العربي، والمساهمة في تطوير القوانين لتحقيق فاعلية حقيقية للتبادل التجاري، والعمل على كسر الحصار على سورية، ووضع كل الإمكانات الاقتصادية والتجارية في هذا الهدف، وتفعيل الإعلام الاقتصادي العربي ووضع رؤية مستقبلية لجذب جميع الأنشطة والفعاليات، والانتقال من النظرية إلى التطبيق ووضع آلية عربية مشتركة لذلك.
كما سيتم تقديم دراسة كاملة عن جميع مشروعات الاستثمارية المطروحة في مجلس الوحدة الاقتصادية العربية لدى جميع الاتحادات النوعية العربية من رئيس المكتب الإقليمي لاتحاد المصدرين والمستوردين العرب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن