ما تزال أزمة «البنزين» ترخي بظلالها القاتمة على الجميع مؤسسات وأفراد، ورغم أن الحديث عن الازدحام الخانق على المحطات خفّ خلال اليومين الماضيين بعد أن ازدادت الكميات الواردة إلى محطات طرطوس من البنزين إلا أن تعرض قاض للضرب في محطة فرع محروقات طرطوس نهاية الأسبوع الماضي أيقظ تلك الأحاديث الموجعة وزاد من صداها في مواقع التواصل الاجتماعي عبر تعابير مختلفة بملافظ حادة أظهرت الغضب الكامن في النفوس بحق من كان السبب في حصول هذه الأزمة وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية ومن لفّ لفها نتيجة الحصار الجائر، حيث إن ساعات الانتظار الطويل على المحطات أخرجت أسوأ ما لدينا من ألفاظ نابية ومشاجرات محتملة في أي لحظة (كالبنزين سريعة الاشتعال) وتحتاج لعقلاء لإطفائها في مهدها كي لا تنتشر أكثر!!
وفي المعلومات التي حصلت عليها «الوطن» من مصادر موثوقة في الجهات المعنية أن القاضي حاول الدخول للتعبئة من المحطة دون الوقوف على الدور وقد رفضت عناصر الشرطة السماح له بالدخول وبعد تبادل الكلام بينه وبينهم وحصول خلاف أقدمت العناصر على ضربه بشكل غير مقبول أبداً وفوراً تم نقله إلى مشفى الباسل الذي لا يبعد أكثر من خمسمئة متر عن المحطة وهناك أعطي العلاج اللازم وفي اليوم التالي أعطي تقرير طبي يتضمن الحاجة للاستراحة والشفاء تسعة أيام ومن خلال ادعائه على دورية الشرطة التي ضربته والتي كانت مكلفة بتنظيم الدور تم استدعاؤها من قبل النيابة العامة وتوقيف العناصر مع الضابط في السجن.
وبغض النظر عن التفاصيل المتعلقة بدخول القاضي أو محاولة دخوله من دون التقيد بالدور بسبب وضعه وعمله وحاجته للوقت، وأيضاً بغض النظر عن التعريف بنفسه أو لا وعما قيل عن عدم مشاركة الضابط بالضرب حيث إن الحادثة كانت قد انتهت مع وصوله لمكانها، فإن لجوء عناصر الشرطة للضرب أمر مرفوض تماماً سواء أكان قاضياً أم مواطناً ليس له أي صفة، كما أن خرق الدور أمر غير مقبول مع أنه يمكن للجهات المعنية إيجاد حلول في التعبئة لسيارات شخصيات قضائية أو غير قضائية لا يسمح عملها بالانتظار لساعات خاصة في الأزمات الحادة كتخصيص إحدى المحطات أو جزء منها لهم خاصة أن الإمكانية متوافرة لذلك.. الخ
على أي حال من المؤسف أن الحادثة وقعت ومن محاسن القدر أنها وقعت ضمن حدودها الدنيا وكي لا تقع مجدداً هي أو مثيلاتها لابد لنا أن نستفيد منها فمن غير المعقول التعامي عنها فهي مؤشر لا تنقصه الخطورة كي نفتح أعيننا على ما هو أسوأ.
وبالتأكيد من غير المنطقي المطالبة بمخالفة منطق (الدور) الذي يقوم به المنتظرون أنفسهم حتى هذه اللحظة للأسف ولذلك نقترح وعلى سبيل المثال توزيع كامل المخصصات اليومية من البنزين على جميع الكازيات العاملة وضمن حصص متساوية وكذلك تخصيص يوم في الأسبوع أو مضخة في كازية للسيارات العائدة لشريحة من الموظفين لا يمكن تغيبهم عن أعمالهم تحت أي ذريعة فعجلة المؤسسات لا يمكن السماح بتوقفها!