شهر أقل ما يقال فيه إنه فرصة للتخفيف من الطعام والانقطاع إلى حياة روحية خاصة.
شهر من شأنه أن يريح جهاز الهضم لدى الإنسان، ذلك الجهاز الذي أصابه التعب على مدار أحد عشراً شهراً ماضياً.
شهرٌ يخالُ المرء أن حركة الأسواق فيه سوف تتراجع وأن حدة الازدحام فيه سوف تخف… وأن زحمة الشراء سوف تتناقص… إلا أن العادات والتقاليد تؤكد لنا نقيض ذلك.
يعتبر شهر رمضان موسما كبيراً جداً للمحال التجارية ولاسيما محال الأطعمة والمواد الغذائية التموينية، تلك المحال التي تستعد لاستقبال رمضان أيما استعداد إذ يقوم أصحابها بتزيين الواجهات بالتمر الهندي الممزوج بماء الورد لصنع الشراب اللذيذ أو لإضافته إلى الأكلة المشهورة «الحراق إصبعو»… كما يقوم أصحاب هذه المحال بتهيئة العرقسوس والتمور ورقائق قمر الدين.
ازدحام كبير جداً في الأسواق والناس تتراكض وتتدافع مما يوحي للناظر وكأن المحلات ستغلق أبوابها طوال شهر رمضان… يتراكض الناس لشراء البهارات والمنكهات والأرز والبرغل والفريكة والأجبان والألبان ضمن ما يسمى بـ«مونة رمضان».
أما محال الحلويات ؛ فحدث ولا حرج، وكأن الناس ينصرف همها الأوحد إلى الحلويات اليومية التي هي لا غنى للصائم عنها ولكن ليس بتلك الوفرة والكثرة.
كما تنشط أيضاً محال بيع الملابس، ويكون لديها موسم أيضاً… وفي الماضي كانت هناك كارات رمضانية خاصة يزداد نشاطها قبل رمضان وفي أثنائه مثل الكوَّا ومحال تفصيل الطقوم وتفصيل الأحذية وصناعة الطرابيش.
أما في البيوت فإن الناس تستعد لاستقبال رمضان بأن تعلق على باب البناء أو على الشرفة عبارات الترحيب المزدانة بالأضواء والتي يكتب عليها «رمضان كريم- أو أهلاً بالشهر الفضيل…» والبعض يقوم بالتعزيل والتنظيف وكأن رمضان ضيف رقيق أنيق سوف يقوم بالزيارة وبالتدقيق أو هو مفتش صارم سوف ينقب في الزوايا ويكشف الخفايا.
ما أجمله من استقبال بديع يهيئ النفوس لترك المعاصي وفعل الخير.