قضايا وآراء

سورية لن تسمح بسقوط حلفائها

| مازن جبور

حلفاء سورية، يبدو أن على دمشق أن تذكرهم باستمرار بأسباب قدومهم إليها، فهم لم يأتوا لإنقاذ سورية كما يرددون دائماً وعلى وجه الخصوص موسكو، من قبيل أن الدولة السورية كانت على وشك أن تسقط لو لم يأتوها ناصرين، والحقيقة أن السقوط لو حدث لم يكن للدولة السورية وحدها وإنما لكان سقوطاً مدوياً لروسيا الاتحادية اليوم مشابهاً بسقوط الاتحاد السوفييتي سابقاً، ومشابهاً لسقوط نظام الشاه لإيران، وهنا لو يدقق الحلفاء أكثر بمصطلحاتهم وتصريحاتهم وإن كانت موسكو وطهران شركاء في الملف السوري، فيجب أن يتذكروا دائماً أنهم حلفاء للدولة السورية ضمن محور واسع يضم منظومة دولية متقدمة، وإن لم تكن جزءاً مباشراً من المحور إلا أنها جزء مهم من المنظومة.
لا بد من الإشارة إلى أن المشروع الأوراسي مسألة حيوية للدولة الروسية لأنه في منزلة الحل لقضية الوضع الروسي الديموغرافي المقلق لدى الروس في ظل النمو الديموغرافي للجنوب الأوراسي، أي الهند والصين، وهو ما قد يدفع نحو التوسع القومي باتجاه الأراضي الروسية، وخاصة سيبيريا والشرق الأقصى، ولكي يكون المشروع مبنياً على أسس سليمة، فإن ذلك يتطلب الحد من التأثيرات الأطلسية عبر النفوذ التركي في آسيا الوسطى من خلال العوامل الإثنية والدينية، كي لا يلقى نهاية مشابهة للاتحاد السُّوفييتي. ومن هنا نستطيع أن نفهم الموقف الروسي تجاه المسألة السورية بالنظر إليها بوصفها قضية أمن قومي لـ«الإمبراطورية» الروسية.
لا يعني ذلك أن روسيا مهتمة بحسابات ضيقة في سورية، وإنما الوقوف ضد تحول سورية إلى المحور المهادن للغرب بوقوعها ضمن دائرة النفوذ التركي ومن خلفه الأطلسي عبر «الناتو» الذي يحاول الامتداد إلى آسيا الوسطى والعمق الروسي.
وإذا كانت موسكو أيضاً واقعة بين انقسامين رئيسين في سياستها الحالية تجاه دمشق، بخصوص الوقوف إلى جانبها في مواجهة الشكل الجديد للحرب والمتمثل بالحرب الاقتصادية، نظراً لوقوع الاقتصاد الروسي بقطاعاته الرئيسية في قبضة اللوبي اليهودي، من جهة، ومن جهة أخرى تريد أن تحافظ روسيا بشكل رئيسي على صورتها أمام المجتمع الدولي من خلال تأكيد التزامها بتنفيذ القرار الأممي 2254، فلا بد من التنويه إلى أن النصر العسكري الذي جرى تحقيقه في سورية وبجهود مشتركة مع حلفاء دمشق موسكو وطهران، لن يثمر كما مرجو منه أن يثمر، إن لم يدعم بمواجهة مشابهة حتى تحقيق نصر مشابه في الحرب الاقتصادية الحالية التي تشن على سورية.
كذلك، تتمثل مصالح إيران بإنهاء الحضور الأميركي الكردي في الشمال بما يسهل الحركة على خط طهران دمشق بيروت، وبما يحافظ لها على استقرار العلاقة مع جارتها تركيا ويعزز علاقتها بموسكو في ظل الهجوم الأميركي المركز عليها.
انطلاقاً مما سبق، على حلفاء سورية أن يكونوا حلفاء على الصعد كافة والمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإلا فسيكونون أمام تحدي خسارة كل المكتسبات التي حققوها حتى اليوم، ويجب التأكيد أيضاً أن الانتصار يعود في أصوله إلى ثبات شعب سورية وجيشها وقيادتها، ومن ثم لدعم حلفائها، ومن ثم من يرد أن يكون شريكاً في النصر يجب أن يكون شريكاً في المواجهة منذ البداية حتى النهاية، وعلى الحلفاء أن يعيروا اهتماماً أكثر للرسائل الإيجابية التي ترسل إلى دمشق مراراً وتكراراً من الطرف الآخر ولعل بعضاً منها هم من نقلوها، أي إن الخيارات مفتوحة أمام الدولة السورية المنتصرة في الحرب، لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية متممة للنصر العسكري، واليوم دمشق هي التي لا تتخلى عن حلفائها وليس العكس.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن