اعتذار «النيويورك تايمز» زاد في تأثير، بل في دوي الرسم الكاريكاتوري: بنيامين نتنياهو على شكل كلب تتدلى من عنقه النجمة السداسية، وهو يجر دونالد ترامب، الأعمى، وقد اعتمر القلنسوة اليهودية.
من يجر ذلك النوع الهجين من العرب: الكلب أم… الأعمى؟!
حين أطلق جورج بوش الأب شعار «النظام العالمي الجديد» لدى تفكك الاتحاد السوفييتي، عقّب زبغنيو بريجنسكي «… بل إنها الفوضى العالمية الجديدة».
غريب أن يقول هذا الرجل، ومنذ نحو ثلاثة عقود «إذا كانت الكرة الأرضية تقف على قرن ثور، فمن يضمن لنا، نحن الذين ندرك ما تعنيه ثورة الثيران، ألا يحكمنا ثور هائج و… أهوج»؟
ماذا ننتظر غير هذا من أخلاقية الكاوبوي؟ الكثيرون من حكام الشرق والغرب يتساءلون… أين العالم الآن؟
العلاقات في حال الصداع، والتصدع. المعادلات، والتوازنات، ضائعة. في باريس، يكتب باسكال بونيفاس عن «إستراتيجية الثعبان». إنه يضرب في كل مكان، من الجارة (والشقيقة) كندا إلى التنين الذي ينتظر لحظة الصدام في منتصف القرن.
أين القارة العجوز في أدبيات دونالد ترامب؟ لا يكترث بقول وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر «انتبه، لولانا لما كانت أميركا». موقفه يبقى ثابتاً «لولا إنزال النورماندي، ولولا مشروع مارشال، لما كانت تليق بأوروبا حتى مرثيات إرميا»، بحسب مستشاره للأمن القومي جون بولتون.
هكذا كان يقول السناتور جوزف ماكارثي الذي اتهم «أولئك الذين وراء الأطلسي بتصنيع الأيديولوجيات المجنونة والقاتلة». من هنا كانت ملاحقة جورج مارشال، وتشارلي شابلن، وألبرت أينشتاين. لا مكان للعقل المختلف.
آخر نسخة من تجليات دونالد ترامب، منذ أيام قليلة، «هؤلاء يمتلكون النقود، فهل تريدونني أن أخسرهم»؟
المشكلة ليست في نظرته إلى السعوديين. هذه نظرة كلاسيكية ومعروفة. المشكلة في السعوديين الذين لا يبالون بالإهانة تلو الإهانة. شكواهم تصل إلى أكثر من مكان. دونالد ترامب «لم يفعل ما ينبغي أن يفعله لكيلا نخرج من اليمن، كما خرجنا من سورية، عراة حتى من هياكلنا العظمية».
إلى متى يمكن أن تبقى الآذان خشبية، العيون خشبية، إلى هذا الحد؟ رجل لا يرى فيهم سوى الأكياس البشرية، الأكياس التي تتقيأ المال. لا اعتبار للخدمات الهائلة التي قدمتها المملكة للولايات المتحدة، منذ اللقاء الشهير بين عبد العزيز آل سعود وفرنكلين روزفلت.
الرئيس الأميركي الذي يحمل في ساقيه سبعة كيلوغرامات من الحديد، قطع نصف المعمورة غداة مؤتمر يالطا عام 1945، لكي يلتقي الملك السعودي. من هذه اللحظة بدأت الرحلة، الرحلة الملطخة بالدماء، وبالوحول، إلى صفقة القرن.
بعيداً من الشاشات والصحف المبرمجة على قياس الأكياس البشرية إياها، سبق ونقلنا كلاماً، والآن ننقل كلاماً، عن جهات خليجية ترى أن السياسات الراهنة التي يفرضها البلاط على الأشقاء، وبالطرق التي تتقاطع فيه أقصى حالات الفظاظة والفظاعة، تفضي إلى مكان لا مكان آخر غيره… الجحيم!
احتقان في الخليج. الارتجاج الراهن على امتداد المنطقة ينذر بتفاعلات بنيوية كارثية إذا لم يتم الحد من التبعية العمياء للإدارة الأميركية. كذلك الحد من توظيف الإمكانات، على أنواعها، في تهديم ما تبقى من المنطقة العربية.
علناً، يتردد الآن في أوساط نخبوية وأخرى شعبية «يا صاحب السمو، لقد ولدنا بشراً لا قردة».
لو كان لأصحاب الآذان الخشبية، العيون الخشبية، أن يروا الكلب وهو يجر الأعمى، و… يجرهم!