شؤون محلية

استجرار مشروع أم.. لا..؟ الكهرباء التي لا تأتي … والمواطن الذي يدفع بصمت!

عبد الرزاق دياب :

نعم يلزمنا قرارات تضبط هذا الانفلات على كل الصعد، ويلزم هذه القرارات قوة القانون التي تفرضها فالضرر يقع على الجميع وصولاً للضرر الأكبر الذي لم يكترث به وهو الوطن، ويلزمنا المخلصون الذي يجدون مصلحة المواطن والوطن فوق كل اعتبار أناني لا يخدم إلا صاحبه وحده… لذلك يجب أن يأخذ أي قرار يصدر- من أي جهة مختصة وعليا – مصلحة المواطن، ويراعي الوضع الاقتصادي المؤلم الذي وصل إليه لا أن يعامل كأنه يعيش ظرفاً عادياً مستقراً.
لا يمكن إلا أن يقف عقل (ابو سعيد) وهو يرى 20 ألف ليرة سورية تتربع أسفل فاتورة الكهرباء، ويفرك يديه غير مصدق متى استهلك كل هذه الجرعة الكهربائية؟.
لم يطلع عليه الصبح إلا وكان أول الخارجين من الحي ليصل إلى مركز الكهرباء، وينتظر الموظف الذي وصل في الساعة 9 أي بعد وصول أبي سعيد بساعة ونصف الساعة، وأخرج فاتورته وسأل الموظف: هل هذه الفاتورة لي أجابه نعم ألست فلاناً قال له أبو سعيد كمن يتذكر اسمه: نعم.
النتيجة التي توصلا إليها أنه تم تشريح فاتورته على ثلاث دفعات ونزلت القيمة إلى 12ألف ليرة سورية في حين كانت فاتورة الدورة التي قبلها 350 ليرة، ويخرج أبو سعيد وهو يهذي: يا جماعة الكهرباء لا تأتي… التقنين 2 بأربع ساعات، وليس عندي(قازان) في الشتاء، ولا مكيف في الصيف؟.
أضف إلى هذه المشاكل الغرامات التي تتجاوز أحياناً الفاتورة، والأخطاء التي تقع نتيجة أعطال نقل البيانات أو ضياعها كما قال أحد مديري المشتركين في ريف دمشق الذي أكد أن الشركة ليس لديها بيانات دقيقة عن استهلاك مشتركيها؟.
لتفادي التقنين يلجأ الكثيرون وخصوصاً الذين يقعون على خطوط قريبة إلى توصيل خطين بموافقة مراكز الطوارئ وعمال الكهرباء، وهذا الأمر ليس صعباً فقد يدفع المضطر ثمن (الكبل) وثمن التغاضي عن فعلته التي تضر بالمواطنين الآخرين الذين سيتحملون عبء دخلاء على خطهم وبالتالي تحميل زائد سيؤدي إلى فصل التيار أو إلحاق الأذى بخزان الكهرباء وأجهزته.
في قطنا على سبيل المثال تكثر هذه الظاهرة، وهي لا تحتاج إلا إلى أن تكون متنفذاً أو على علاقة شخصية بالطوارئ الذين يقومون بإدارة هذه المخالفة وقبض ثمنها، وهذا يعني أن لا تقنين لدى دافع الرشوة الذي يستجر تياراً مسروقاً وبعناية رسمية.
في محاولة لضبط هذه المسألة تم توحيد ساعات التقنين أي صار ينقطع الخطان الأساسي والمسروق، ولكن هذه الخطة لم تستمر كثيراً فعادت الكهرباء لبيوت الرائشين لفترات طويلة.
بساطة أي عامل كهرباء أو أي فني يستطيع أن يركب لك جهاز قطع التيار عن الساعة وجعلك تعيش على حساب الدولة ما حييت، وهي ذات تكلفة عادية لا تساوي ثمن فاتورة دورة واحدة، وهذا يعني استعمال براد وسخان وأجهزة تدفئة ومكيفات بـ(بلاش) في حين يدفع المواطن المسكين الشريف أرقاماً مضاعفة من أجل فقط الإنارة وشحن الجوال.
مراقبو الشبكة يعرفون من اللص والمستجر من غير وجه حق، ولكنهم في أغلبهم موافقون على لعبة الابتزاز، وككل مراقبي القطاعات العامة يقبضون حصتهم ويمضون فرحين بما أتاهم.
أحد مراقبي الشبكات في ريف دمشق له أتاوة شهرية تصله إلى بيته من لصوص الأحياء الذين يتمتعون بالكهرباء المجانية وكلفة الرشوة تبدو بسيطة، ولديهم القناعة في أن تذهب لـجيب الموظف المرتشي أفضل من ذهابها إلى خزينة الدولة وهذا ما يمكن اعتباره خللاً في الثقافة الوطنية.
مؤشرو العدادات الذين ينقلون قيمة الاستهلاك أيضاً لهم فلسفة في العمل تقول بأن (الله بارك فيمن انتفع واستنفع).. فهو يكتب ما يشاء، والمواطن الذي يعتقد أن هذه خدمة جليلة سيكتشف فيما بعد الكارثة التي ستلحق به عندما يتبدل هذا الموظف ويحمل فاتورة ضخمة على عنقه عند أول شكوى.
أضرار هؤلاء لا تتعدى تعاميهم عن نقل الاستهلاك بأمانة بل في أخطائهم أحياناً فمن الممكن أن يقوم المؤشر بكتابة رقم إضافي على دفتره فتأتي الفاتورة 200 ألف ليرة كما حصل مع أبي معن الذي قدم شكوى بهذا الصدد نتج عنها سحب العداد وفحصه وتغييره، وهذا يعني كما يقول الرجل أنك ستدفع رشوة لإعادة العداد القديم الذي كان سيستبدل به عداد رقمي (يخرب البيت).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن