قضايا وآراء

واشنطن وموسكو والاستقرار الإستراتيجي

| دينا دخل الله

«مناقشات جيدة وغنية المضمون»! قال الروس.
«مناقشات بناءة»، قال بومبيو.
ترى ما الذي جرى حتى يكون التقييم إيجابياً من الجانبين بهذا الشكل؟
نحن نركز عادة على سورية لأن الموضوع يتعلق بأمننا الوطني، لكن الكبار يبحثون القضايا المتعلقة بالاستقرار الإستراتيجي.
قد يشير التقييم الايجابي للقاء الذي جرى في سوتشي الأسبوع الفائت بين بوتين وبومبيو، أن هناك تقدماً ما في إطار الاستقرار الإستراتيجي، لعل ما ساعد على حصول هذا التقدم عدة عوامل ضاغطة على واشنطن، منها الحكم الجديد في أوكرانيا وتمسك أوروبا بالاتفاق النووي الإيراني وانتهاء ترامب من ضغوط انتخابات الكونغرس.
من أهم قضايا الاستقرار الإستراتيجي في أوروبا هي قضية توسع الناتو شرقاً. فقد أصبح الناتو على حدود روسيا في استونيا ولاتفيا وليتوانيا شمالاً وصولاً إلى بلغاريا وتركيا جنوباً، وتخشى موسكو من محاولات واشنطن لضم فنلندا وأوكرانيا، وهو خط أحمر بالنسبة لها، لأن ذلك سيؤدي إلى خنق روسيا وإغلاق منفذها الوحيد إلى بحر الشمال.
هناك أيضاً قضية انسحاب أميركا من معاهدة الحد من الأسلحة الإستراتيجية الهجومية «ستارت» ومسألة الدفاع الصاروخي.
وقعت اتفاقية «ستارت1» بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي عام 1991 في عهد الرئيسين الأميركي رونالد ريغان والسوفيتي ميخائيل غورباتشوف، ودخلت المعاهدة حيز التنفيذ عام 1994 وانتهت بإزالة 80 بالمئة من جميع الأسلحة الموجودة عام 2005، وهي تعتبر أكبر وأعقد معاهدة للحد من الصواريخ البالستية العابرة للقارات في العالم.
في العام 2010 تم استبدال «ستارت1» بـ«ستارت2» التي وقع عليها الرئيس الأميركي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف، إلا أن الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب انسحب منها مؤخرا.
أما مسألة الدفاع الصاروخي أو الدرع الصاروخية فلم تدخل في اتفاق تحديد الأسلحة الإستراتيجية «ستارت2» لأن أميركا أوباما أصرت على أن الدرع الصاروخية هي مسألة دفاعية، لكن أوباما وعد عندها بأن لا يضع الرادارات في جمهورية التشيك وإنما على السفن في البحر، ويكمن الخلاف الروسي الأميركي بهذا الخصوص في نسبية تفسير مسألة السلاح الدفاعي والهجومي بسبب اختلاف الجغرافيا، فالقواعد العسكرية الأميركية تراها أميركا دفاعية بما في ذلك الدرع الصاروخية على الرغم من أنها موجودة على حدود روسيا في دول الناتو، في حين لا توجد قواعد روسية على حدود أميركا.
لكن هذا كله توقف الآن بسبب انسحاب ترامب من المعاهدة كي يحصل على شروط أفضل.
إن الاستقرار الإستراتيجي إذا تم الاتفاق عليه قد يسهل التوافق في قضايا عالمية أخرى بما فيها، وهو ما يهمنا، قضايا الشرق الأوسط أي حول المسألة السورية، وليس العكس.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن