قضايا وآراء

«الموساد» يوسع دائرة عقوده في المنطقة

| تحسين الحلبي

في 27 حزيران 2017 كشفت مجلة «بيزينس أينسايدر» الأميركية للأعمال أن «جهاز التجسس والمهام الخاصة» أنشأ علناً شركة تدعى «ليبيرتاد فينتسرز» وافتتح لها موقعاً في الإنترنت من نفس منظومة المواقع الرسمية الإسرائيلية وذكر في موقعه أنه افتتح «صندوقاً لتمويل الابتكارات التكنولوجية» وخصوصاً في عالم الاتصالات وأجهزة التعقب والحماية وبدأ يقدم لعدد من الشركات «المبتدأة» مكافآت مقابل ما تقدمه له من ابتكارات بل معلومات دون أدنى شك.
وكان الهدف الرئيس لشركة «ليبيرتاد فينتسرز» ليس تجنيد الشركات ذات الصلة بهذه التكنولوجيا والأفراد فيها فحسب بل توسيع قواعد المعلومات والبيانات الإسرائيلية بواسطة هذه الابتكارات وتوظيفها لمصلحة «الموساد»، وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية في مقدمة الذين عرض دعاية بارزة لهذه الذراع الجديدة في «الموساد» حين قال في شريط مصور: «إن الموساد سيستمر في تحديث وسائله بجرأة وقدرة على تحقيق المطلوب منه لمصلحة أمن إسرائيل».
يذكر أن 450 شركة خاصة إسرائيلية للسايبير والخدمات الأمنية والتجسسية، مسجلة في السوق الإسرائيلية والعالمية، وهي تعمل بشكل علني وكأنها شركات تجارة مدنية في مناطق كثيرة وتقدم خدماتها، وفي مقدمة هذه الشركات «إلبيت» التي أطلقتها الوكالة الإسرائيلية «رفائيل» والمختصة بصناعات «إيروسبيس» الفضائية ولكل الاتصالات الحديثة وتشكل 14 بالمئة من صادرات إسرائيل.
الزاوية الاقتصادية في صحيفة «يديعوت أحرونوت» ذكرت في 19 أيار الجاري أن شركة «ليبيرتاد» تحظر الكشف عن الشركات والأفراد الذين تعاونت معهم ضمن برنامج «صندوق الابتكارات التكنولوجية» وأن عدد الشركات «المبتدئة» من ذات الاختصاصات ازداد في إطار هذا البرنامج وأنها قررت «توسيع تركيزها الآن على قطاعات الروبوت (الرجل الآلي) والتسيير الذاتي وتكنولوجيا المدن الذكية»، وكأنها ستتحول إلى الحصول على عقود تدير وتشرف بموجبها على ما يسمى «إدارة المدن الذكية» لكي تتمكن من توسيع دائرة تحكمها وجمعها للمعلومات باسم التحديث التكنولوجي في مشاريع المدن والاتصالات الذكية والتسيير الذاتي! وهذا كله يجري بالتنسيق مع الولايات المتحدة ووكالات مخابراتها المركزية، فقد كشفت مجلة «بيزينس أينسايدر» الأميركية منذ عام 2017 أن ما تقوم به شركة «ليبيرتاد» كان باطلاع وتمويل صندوق خاص أنشأته وكالة المخابرات المركزية «سي آي إيه» عام 1999 وأطلقت عليه اسم «انفيستمنت كواليتي تريندس» بصفة صندوق تمويل غير ربحي، بهدف تسريع عملية تطوير ونقل التكنولوجيا الأحدث إلى أجهزة الحكومة الأميركية ووكالات مخابراتها.
واستندت شركة «ليبيرتاد» الإسرائيلية للموساد على هذا الصندوق وارتباطه بالتمويل الأميركي.
ولا يستبعد أن تكون شركة «ليبيرتاد» قد حصلت على عقود في بعض الدول العربية لتصدير «وسائل الأمن» و«دفاعات السايبر» و«التعقب والرصد» وأجهزتها الإسرائيلية المزدوجة في أهدافها.
وفي هذا المشهد لم تكن غير إيران من أوائل دول المنطقة التي اهتمت بحماية نفسها ومصادر قدراتها حين قامت بالتركيز المكثف على امتلاك علوم «السايبير» والاتصالات الحديثة وتطوير قدرات جعلت إسرائيل تتهمها بشن عمليات هجوم «سايبيرانية» على إسرائيل والولايات المتحدة.
ولاشك أن وجود روسيا كقوة عظمى متقدمة في هذه العلوم على مستوى الهجوم والدفاع ستشكل القدرة المتقدمة في الشرق الأوسط والعالم والاعتماد على خبراتها في تطوير جيش سوري يختص بعلوم هذه الجبهة الجديدة للحروب في المستقبل وخصوصاً في مجابهة إسرائيل وما تقدمه لها الولايات المتحدة من تكنولوجيا في هذا الميدان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن