من دفتر الوطن

تقرير خطير

| حسن م. يوسف

صدق الكاتب المسرحي الإغريقي أسخيلوس (525 ق. م – 456 ق. م) إذ قال: «في الحرب تكون الحقيقة هي أولى الضحايا». لقد امتدت مخالب الحرب إلى كل تفاصيل حياتنا، فخلال الأسبوع الماضي اشتعلت على مواقع التواصل الاجتماعي حملة مدبرة ضد الفنانة السورية الموهوبة أمل عرفة بتهمة «السخرية من دماء السوريين»، لمشاركتها في مسلسل تدور إحدى حلقاته حول قيام الخوذ البيضاء باختطاف مجموعة مواطنين سوريين من بيئات مختلفة وإجبارهم على التمثيل في فيلم عن هجوم كيميائي ملفق، فيفوز الفيلم بالأوسكار ويلقي رجال الأمن القبض على أبطاله كي يمثلوا، في الفرع، فيلماً آخر اسمه (نجوم الظهر)!
لن أتحدث هنا عن مستوى المسلسل لأنني لم أتابع منه سوى الحلقة الأولى وحلقة الكيماوي، ما سأتوقف عنده هو حالة الهستيريا التي أصيب بها أنصار الإرهابيين ممن يسمون أنفسهم (معارضة الخارج)، فقد هدد أحدهم الفنانة الرقيقة أمل عرفة قائلاً: «الشماتة بالأم الثكلى وبالأطفال الموتى لا تجد لها عدالة سوى القتل»، وما يحز في النفس هو أن بعض الممثلين الموتورين وجدوا في الأمر فرصة لتصفية حساباتهم القديمة مع زميلتهم! وأمام هذه الحملة قالت عرفة: «سبق أن قلت إن كان دمي سيوقف النزيف على أرض بلادي فأهلا بالموت، والآن وبعد سنوات أعيد ما قلت ومن دمشق وليس خارجها، أكرر اعتذاري وأعيد، قدم أصغر طفل سوري بسياسات الكون».
والحقيقة أن الاعتذار الذي قدمه كل من الفنانة عرفة وكاتب الحلقة، أعطى المحرضين عليهما، أكثر من حجمهم. فمؤخراً نشرت شبكة الأخبار الأميركية AON المؤيدة لترامب تقريراً للصحفي بيرسون شارب قدمت له المذيعة بقولها:
«كشفت دراسة جديدة قدمت إلى الأمم المتحدة اعتراف جماعة الخوذ البيض المرتبطة بالمجموعات الإرهابية قيامها بتزييف الهجوم الكيماوي في سورية، تقرير بيرسون شارب من شبكة أخبار (ون أميركا)».
وقد قمت بترجمة كامل تقرير شارب الذي جاء معززاً بالشهود والوثائق، إلا أنني لضيق المجال سأكتفي هنا بإيراد أهم فقراته: يقول شارب: «أعترف مالا يقل عن أربعين إرهابياً من جماعة الخوذ البيض بأنهم قاموا بفبركة هجماتٍ كيميائية لإثارة عمليات انتقامية ضد الحكومة السورية. كما اعترف أعضاء من جماعة الخوذ البيض، ممن فازوا بجائزة الأوسكار عن فيلمهم الوثائقي الذي أنتجته قناة «نت فليكس» مؤخراً، اعترفوا في مقابلات أجريت معهم في سياق دراسة قدمت إلى الأمم المتحدة بأنهم قاموا في الواقع بفبركة الهجمات الكيميائية».
وجاء في التقرير أن «المشاركين كانوا في معظم الأحيان من المارة الأبرياء الذين تم استغلالهم من الخوذ البيض، وأكثرهم من الفقراء الذين وافقوا على المشاركة من أجل الحصول على بضعة دولارات لشراء الطعام لعائلاتهم.
ويكشف التقرير عن «وجود ثغرات خطيرة في القصة الرسمية الصادرة عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي زعمت فيها أن الحكومة السورية مسؤولة عن قتل المدنيين بالغاز. غير أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية اعترفت بأن معظم الأدلة التي استخدمتها في تقريرها قدمت لها من أعضاء في الجماعات الإرهابية».
ويضيف شارب في تقريره: «تأتي هذه الأخبار وسط تحذيرات جديدة من روسيا بأن أعضاء الخوذ البيض، يستعدون مرة أخرى لشن هجوم مزيف آخر، سيكون هذه المرة في محافظة إدلب السورية. فبينما يقترب الجيش السوري ضاغطاً على ما تبقى من المقاتلين الإرهابيين، تنتشر تقارير وأفلام فيديو تصور الموت المفاجئ لعائلة بكاملها بسبب استخدام الأسلحة الكيميائية. لكن فقدان جماعة الخوذ البيض لمصداقيتهم بسبب انحيازهم للإرهابيين يجعل من غير الواضح مدى جدية أي حكومة في تقبل مثل هذا الخبر».
وما يعزز مصداقية تقرير شارب هو تسرب صورة كانت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد قامت بإخفائها، تظهر (سلندر) الغاز السام في دوما سليماً من أي خدش، وقد تم وضعه على سرير، وهو ما يؤكد أنه لم يسقط من السماء! وهذا لا يثبت فبركة مسرحية الكيميائي في دوما وحسب، بل يجرد كل تقارير المنظمة من أي قيمة قانونية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن