رياضة

«الوطن» تزور قلعة السانتياغو برنابيه … ريـال مدريد صرح حضاري وأكبر من مجرد ناد

| مدريد – محمود قرقورا

تعرف مدينة مدريد بالكثير من الأمور لكن يبقى نادي العاصمة الأشهر ريـال مدريد وملعبه الشهير سانتياغو برنابيه المعلم الأهم والصرح الحضاري الذي يتمنى كل مهتم بكرة القدم زيارته والتقاط الصور التذكارية ويكون ذلك من دواعي افتخار الشخص الذي يحظى بذلك، لدرجة أن الرياضي إذا سافر إلى مدريد ولم يــزر ســانتياغو برنابيــه يكون آثماً بحق نفسه، لأن الملكي نادي القرن العشرين في العالم وعلى بساطه الأخضر مرّ الكثير من العمالقة الذين رقصت على أسمائهم أجيال وتغنت بهم شعوب.
ومن هذا المنطلق حرص الوفد السوري المشارك في برنامج كرة القدم من أجل الصداقة الذي تنظمه شركة غاز بروم الروسية بنسخته السابعة على زيارة الملعب الذي كان يوماً ما شاهداً على نهائي أهم مسابقة على صعيد الأندية في العالم الشامبيونزليغ أربع مرات من قبل، كما كان معقلاً لنهائي يورو 1964 والأهم نهائي مونديال 1982.
وحقيقة يحتاج من يريد الزيارة إلى يوم كامل لأن كل شيء يلفت النظر بداية من المدخل وانتهاء بالمخرج، وكل شيء يتم استثماره لضخ أموال تجعل النادي يمرض ولا يموت، تجافيه الألقاب أحياناً ولكنها تناديه بسرعة لأنها تعرف أين تستقر، ويمكن الاستنتاج مباشرة الإجابة عن السؤال:
لماذا يتم التعاقد مع لاعبي النخب الأول في العالم؟ ولماذا تستغني الإدارة الملكية عنهم بسهولة؟
الجواب واضح فأي تعاقد وأي استغناء ينظر إليه من منظار كم الأموال التي سيجلبها في الجانبين.
ورغم أن هذه الحقيقة نعلمها ونتداولها في جلساتنا وكتاباتنا وتصريحاتنا إلا أن الزائر لملعب سانتياغو برنابيه يخرج بحقائق أكثر، فالنادي الملكي لا يتخلى عن لاعبيه عندما يتعلق الأمر بجباية الأموال بل يستثمرهم بعد وفاتهم، وماضيهم التليد يستثمر على الطريقة الملكية التجارية، فيتم تذكير الزائرين بهم وبمآثرهم وعرض كل ما يرمز إليهم من قميص وحذاء وصور وبصمات داخل الملعب لتبقى خارجه حية يستذكرها المهتمون بكثير من الشغف.

البداية
من يرد زيارة برنابيه من البالغين فعليه أن يدفع 25 يورو ولكم أن تتصوروا المال الجمّ الذي يدخل الخزائن الملكية على مدار الدقيقة نظراً لكثرة الزائرين إضافة إلى موارد الرعاية الإعلانية وعوائد البطولات وحقوق البث، وهذا يفسر المبالغ الخيالية التي تدفعها الأندية نظير التعاقدات التي يسيل لها اللعاب والرواتب الأسبوعية التي تجعلنا غير مصدقين هذه الأرقام الفلكية.
وتبدأ الزيارة من الطابق الخامس وحتى الوصول إلى أرض الملعب، ويتفرع عنها تكاليف باهظة لمن يريد شراء المنتجات الريالية أو التقاط الصور التذكارية مع لاعب ما، وملعب سانتياغو برنابيه يشرع أبوابه بالدخول كل أيام السنة باستثناء يومي 25 كانون الأول ويوم رأس السنة.
وأسعار تذاكر الدخول: 25 يورو للبالغين، 17 يورو للأطفال (لغاية سن 14 عاماً).
18 يورو للمدريديستا البالغين وهؤلاء لا يملكون بطاقات عضوية دائمة.
13 يورو للمدريديستا جونيور.
ويدخل مجاناً الأعضاء بعد إبراز بطاقة العضوية في شباك التذاكر (وليس بطاقة الاشتراك الموسمية) وهناك حسومات للجولات المدرسية في أيام المباريات أو غيرها، ويستغرق الزوار للقيام بجولة كاملة مدة ساعتين على الأقل فضلاً عن ضرورة امتلاك العزيمة والصبر.

أبرز مشاهد الزيارة
الإطلالة البانورامية للملعب، صالة أفضل ناد في التاريخ، صالة الأحاسيس، الصور المركبة، المتحف، أرضية الملعب، الشرفة الرئاسية، غرف تبديل الملابس، نفق اللاعبين المؤدي إلى الميدان، مقاعد البدلاء والمنطقة الفنية، صالة المؤتمرات الصحفية والمتجر وما أدراك ما المتجر! ففيه تباع القمصان والسراويل والجوارب والقبعــات والكــؤوس ومطرات الماء والعطورات والكرات والجزادين والحقائب والبيجامات واللفحات وربطات العنق والمناشف والشعارات واللواصق وحمالات المفاتيح والأعلام وغيرها مما لا تسعفني الذاكرة على استحضاره.
ونظراً للفعاليات المختلفة التي تقام في ملعب سانتياغو برنابيه، قد تشهد جولة الزيارة تغييرات في مسارها وفي جدولها الزمني على أن يتم إعلام الزوار بتلك التغييرات في شباك بيع التذاكر وفي الموقع الإلكتروني وفي بوابة الدخول إلى الجولة.
ويحظى أصحاب الكراسي المتحركة بتذاكر مجانية لهم مع مرافق واحد لزيارة صالة أفضل ناد في القرن العشرين والمنطقة الفنية في الملعب، ويمكن شراء التذاكر بشكل مسبق لتجنب الازدحام في شباك التذاكر.

لماذا نحن متخلفون؟
إذا حاول أي منا السؤال لماذا نحن متخلفون رياضياً؟ يجد العجب العجاب من أمور بسيطة لا نستثمرها وهاكم بعض الأمثلة:
كل دروع الدوري التي فاز بها ريـال مدريد وكل بطولات الكأس والسوبر المحلية والبطولات الأوروبية بمختلف تسمياتها وكؤوس الانتركونتيننتال ومونديال الأندية موجودة وحتى الأعلام المتبادلة مع الأندية موجودة، فهل يمكن لأي مشجع لفريق الجيش التقاط الصور التذكارية مع كأس الجمهورية 1964؟
بالتأكيد لا، بدليل أن من تعاقب على أرشفة المسابقة على مدار أربعة عقود ونيف فاته الإشارة إلى اللقب المذكور الذي ضاع في بطون التاريخ ردحاً طويلاً من الزمن.
وكثيراً ما زرت نادي الشرطة وفي كل مرة أحرص على محاولة مشاهدة كأس الجمهورية 1966 أو 1968 من دون أن أهتدي لطلبي.
هل حاول القائمون على كرة الجيش أو الاتحاد أو الكرامة أو الوحدة استثمار المساحات الكثيرة في مقرها لوضع لوحات تشير إلى العظماء الذين مثلوا النادي بشكل جماعي أو فردي؟
هل حاول أي ناد من أنديتنا الاحتفاظ بنسخة من القميص الذي يرتديه كل موسم؟
هل حاول أي من أنديتنا الاحتفاظ بذكرى لقلة قليلة من النجوم التي صنعت تاريخها؟
هل هناك ناد احتفظ بأشرطة مبارياته خلال المباريات الشهيرة في القرن المنصرم؟
هل هناك أرشيف لمباريات المنتخب أو أنديتنا قبل سنوات الألفية الثالثة؟
متى سنسير في درب وجود مركز رئيسي لبيع منتجات الأندية أو المنتخب؟
متى ستمن أنديتنا على مشجعيها ببطاقات موسمية مع أن هذه الميزة قديمة عند معظم دول العالم مذ كانت ملاعبنا تمتلئ؟
وإذا حاولنا عدم الغوص في الماضي فهناك العديد من الأندية التي تصرف رواتب لمنسقين إعلاميين أو موظفين لمكتب إعلامي وهؤلاء ينتهي دورهم بمجرد ضخ بعض الصور والمعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبمجرد استذكار أن متعهدي المباريات يبيعون تذاكر الصف الثاني بأسعار تذاكر الصف الأول، وعجزنا عن تنظيم المنصة الرئيسية فهذا يكفي للإشارة إلى أننا متخلفون نمارس كرة القدم كما كان يمارسها الآخرون قبل قرن.
بالتأكيد نحن لا نريد الابتكار واعتصار عضلات المخ لصياغة أفكار خلّاقة ولكن التقليد مبدئياً قد يعود بالفائدة، وإذا كنا عاجزين فلا بأس بالمحاولة من منطلق أن تصل متأخراً خير من ألا تصل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن