ثقافة وفن

الانتماء والحب

| إسماعيل مروة

نسمع كثيراً من الحديث عن حب شيء ما، أو بلد ما، أو إنسان ما، وفي كل حديث نفتقد الإحساس بصدقية هذا الحب، وفي الوقت الحاضر، وضمن إطارين غريبين هما الحرب على سورية، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وكلاهما حرب، صرنا نطالع كتابات وأحاديث عن حب سورية، والشام تحولت إلى رمز في هذه الغنائيات، ونسمع نغمات فظيعة من هنا وهناك، هل هذا الذي يتغنى بسورية أو الشام ينتمي إليهما؟! وهذا طرح مجحف بحق الإنسان والحالة، والأجدى أن نسأل: هل ينتمي هذا الكلام أو الفعل للحب أم لا ينتمي؟! الحب هو أساس السؤال الذي يجب أن يطرح وليس الانتماء المكاني أو الزماني..!
الانتماء دوماً لما نحب، وليس لما ألفينا عليه أنفسنا.
كم من إنسان انتمى أو ادّعى إلى سوريته، وقام بقتلها، وطلب دمارها وتدميرها، واستعان بكل شذاذ الأرض لتدمير وطن من المفترض أن ينتمي إليه؟! بل كم كان حزيناً وهو يرى الهجمات تبتعد؟ّ وكم شتم المعتدين لأنهم لم يعتدوا؟! الأسماء معروفة، فهذا يقول ويرجو أن تضرب سورية في الصباح الباكر، وعندما لم تضرب خاب أمله، لنسمعه بعد زمن متطاول يشتم المعارضة ويكشف الستر عنها!
هل يكفي أن تولد في مغارة لتحرص عليها؟!
هل يكفي أن تشرب من ماء لتراه مقدساً؟!
هل يكفي أن تنبت في أسرة لتكون حقيقياً لها؟!
كم من ابن عاق، وكم من غريب بار!
كم من قريب لا يقيم وزناً لما هو فيه، وغريب يحرص على كل تفصيل!
أيهما في كل حال هو المنتمي؟!
إن كنت سورياً وتغنيت بسورية دون حب، ما قيمة الحب هذا؟!
الانتماء علامة الحب
الانتماء في الوجدان داخل كل شيء من بشر وجماد وغيرهما
الانتماء إلى شيء أن ينالك ما يناله وتكون معه ضد ما يناله
هذا الإحساس يجعلك سوياً، لا تنظر إلى الأشياء نظرتك إلى بقرة حلوب
تأخذ منها ما تشاء ومتى تشأ وترحل!
ألا تعبأ ببقرتك إن نالها مرض أو أي عارض؟!
هل ستبقى قادرة على منح حليبها لك؟
الانتماء شيء آخر، تبادلي بين إنسان وإنسان، بين رجل وامرأة، بين إنسان ووطن.. ليس من حق أحدهما أن يطغى على الآخر.
من حق الإنسان على وطنه أن يغذيه حين يكون الضرع ممتلئاً
وليس من حق الوطن أن يندار إلى مخصوص بالغذاء
إن تعثر الوطن فإنسانه المنتمي يُنهضه
وإن تعثر الإنسان فوطنه يحتويه
ليس من حق المنتمي أن يكفر بوطنه حين يكون مأزوماً
وليس من حق الوطن أن يتنكر لأبنائه في عافيته
وإن كان الإنسان قادراً.. وهو كذلك
وإن كان فاعلاً.. وهو كذلك
لِمَ يسحب كل الغذاء ويبصقه في مصرف صحي غير عابئ بأحباب الوطن؟
الوطن قداسة وطهر
الوطن حب وانتماء
والانتماء تبادلي.. حتى يغذيك الوطن دافع عنه
وحتى يسوّره الإنسان بروحه ينبغي على الوطن أن يشعره بكرامته
الانتماء وجدان
والإنسان إيمان
والوطن قداسة
كذلك تقول الحكايا من طروادة إلى حرب البسوس إلى كل فاصلة في التاريخ والذاكرة..
أيها الوطن الذي تكالب حولك الأعداء.. أحبابك ينتمون إليك، ولن يفرطوا بهذا الانتماء العظيم..
في دمشق تبدأ الحكاية وتنتهي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن