قضايا وآراء

مسائل المحور المقاوم

| مازن بلال

أثارت زوبعة الحديث عن حماس على وسائل التواصل الاجتماعي صورة مختلفة لـمحور المقاومة، فعلاقة حماس بتفاصيل الأزمة السورية وشكل التحدي الجديد مع إسرائيل، خصوصاً مع مخاطر صفقة القرن، تستوجب النظر من جديد إلى شكل المنطقة في ظل التعثر الإقليمي عموماً، والسوري بوجه خاص الذي يمكن التعبير عنه بالمواجهة المتأرجحة مع إسرائيل التي تعبر عنها الاعتداءات المتكررة، فهذا الشكل من المعارك مؤشر عن تبدل قواعد الاشتباك التي خلفتها الأزمة السورية، وأثرت في تجليات محور المقاومة.
عملياً فإن حركة حماس لم تكن تملك تصورات واضحة لإستراتيجية المواجهة الإقليمية مع إسرائيل، فهي قبل الأزمة السورية كانت تتعامل مع مفارقة أساسية، فأوراقها السياسية تنتهي في مصر، على حين قوتها العسكرية تستند إلى طهران ودمشق، وكان من الصعب تحديد أي مظلة سياسية لما يحدث في غزة ليس نتيجة الحصار، بل لعدم حسم قادة الحركة لمسارهم السياسي، واختيار مصر كان يخضع لاعتبارات أكثر من مسألة الجوار الجغرافي مع غزة، بل لأنها تملك خطوطاً قوية مع السلطة الفلسطينية، وعندما دخلت تركيا على خط التعامل مع غزة فإن حماس وجدت مظلة إعلامية، لكنها لم تستطع الاستفادة من أنقرة بأي خرق سياسي يكسر الحصار عن غزة.
ما حدث خلال الأزمة السورية هو أن أوراق حماس السياسية شكلت تقاطعاً قوياً مع الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وتغير شكل معركتها مع إسرائيل إلى رهان على محور جديد يجمع أنقرة والقاهرة، وأصبح إحداث تغيير عنيف في سورية شأناً جوهرياً في رؤية حماس لجبهة سياسية تتماشى مع أيديولوجيتها، وفي هذه المرحلة بالذات كان محور المقاومة يعيد تشكيل العلاقات مع الإقليم عموماً، ومع الدخول الروسي إلى سورية بات واضحاً ضرورة النظر بشكل جديد إلى مجمل العلاقات والمحاور السياسية في شرقي المتوسط.
خلال مراحل الأزمة السورية لم تخرج حماس من محور المقاومة فقط، بل كانت هناك هوامش سياسية مختلفة جعلت من الصعب النظر إلى المنظومة في الشرق الأوسط بالطريقة القديمة نفسها، فنحن أمام مؤشرين أساسيين:
– مادة محور المقاومة الأساسية إقليمياً وهي «إسرائيل» أصبحت جزءاً من معادلة مختلفة، وبات الحفاظ على التماسك ضمن دول هذا المحور أولوية للحفاظ على وجوده، ويمكننا ملاحظة هذا الأمر خلال السنوات الأربع الأولى من الحرب على سورية.
خرجت حماس من إطار الحسابات الإستراتيجية للصراع الإقليمي مع التغير الذي حدث في سورية حتى عام 2015، ورغم انهيار المحاولة الإخوانية في مصر إلا أن قادة الحركة لم يستطيعوا إعادة ترتيب علاقاتهم المنهارة، وبات حصار غزة أمراً على هامش توجه المنظومة الإقليمية الشرق أوسطية.
– المؤشر الثاني هو دوائر التنسيق التي ظهرت بعد الدخول الروسي القوي عسكرياً على الأزمة السورية، فظهرت الدول الضامنة في أستانا، وقبلها ظهرت دول التحالف بقيادة أميركية لمحاربة الإرهاب، وبات من الصعب ترتيب الأولويات كما في السابق.
المسألة ليست في عودة العلاقات مع حماس ولكنها في ترتيب منظومة الشرق الأوسط وفي كيفية مواجهة إسرائيل من جديد، فهناك ضرورة لتحديد الجبهات من جديد ولرسم العلاقات داخل الشرق الأوسط بشكل يجعله قادراً على المواجهة السياسية الثقافية القادمة، وللحفاظ على مصالح شعوب شرقي المتوسط في ظل محاولة نمذجة هذه المنطقة على أنها جغرافية لصراعات داخلية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن