من دفتر الوطن

فورتنايت

| زياد حيدر

اللعبة الشهيرة جداً، هي لعبة إلكترونية صدرت في تموز العام 2017، واحتلت قائمة الألعاب الأكثر شهرة عالمياً.
ووفقا لموسوعة «ويكيبيديا» فإن الحكاية الخلفية للقصة الأساسية، « أساسها الظهور المفاجئ لعاصفة تؤدي إلى اختفاء 98% من سكان العالم، فتظهر مخلوقات «الزومبي- الموتى الأحياء» لتهاجم البقية.
تسمح اللعبة للاعبيها بمحاربة العاصفة وحماية الناجين، وبناء الأسلحة والفخاخ للمشاركة في القتال ضد موجات من هذه المخلوقات.
يحصل اللاعبون في نسخها المختلفة على مكافآت من خلال هذه المهام لتحسين المواصفات، وفرق الدعم، وترسانة السلاح والمصائد لكي يتمكنوا من القيام بمهام أكثر صعوبة».
وتحقق اللعبة أرباحها المالية عبر تطبيق يسمح بشراء عملة خاصة يمكن استخدامها من أجل تطوير أدوات اللاعب.
وتبلغ أرباح «فورتنايت» اليومية حدود مليون ونصف مليون دولار، وجمعت في شهر كانون الثاني من العام الماضي، المتضمن أعياد الميلاد ورأس السنة نحو السبعين مليوناً، وبالطبع تجاوزت القيمة التقديرية للعبة سقف مليار دولار لتنافس شركات كبرى مثل أبل وأمازون، علما أنها في النهاية لعبة ترفيهية.
هذا السرد هو من باب إلقاء الضوء على الزخم الذي تشكله هذه الأرقام الكبيرة لدى مطوري اللعبة ومنتجيها للقفز بها لمستويات أخرى، وتحويل لاعبيها لمدمنين علما أنها مجانية كتطبيق، وموجهة للاعبين من الفئة العمرية الصغيرة والمتوسطة.
ولا أجلب جديداً يضاف لما هو موجود من شعور لدى ملايين الآباء والأمهات سواءً في بلدنا أو في العالم الواسع، حين أشير لقلقنا من اللعبة ومن آثارها، علماً أن بحوثاً أجريت في هذا الاتجاه، وخلصت إلى أن اللعبة رغم قدرتها على التسبب بالإدمان لا تقارن بضرر ألعاب أخرى مشابهة كلعبة «ببجي» العنيفة، التي تتقدم على «فورتنايت» في أنها تدمج اللاعبين في حروب «حقيقية» لبيئات افتراضية موجودة واقعيا، وبأسلحة محترفة لا كاريكاتورية كما في «فورتنايت»، ويصبح الموت فيها موتا حقيقيا تسيل به الدماء، بينما يأخذ صبغة كرتونية فنية غير مزعجة في شقيقتها الإلكترونية.
وجاءت «فورتنايت» كخطوة إبداعية وخلاقة متفوقة على نظيرتها الأخرى «نداء الواجب» أو «كول أوف ديوتي» التي يتحول فيها اللاعب لجندي أميركي يقاتل أعداءه من وجهة نظر المطور الأميركي، وتتخذ من بيئات حرب حقيقية واقعها الافتراضي، وبين آخرها البيئة السورية كما في نسختها الأخيرة.
وعلى حين حظرت دول «ببجي» لكونها الأخطر، بعنفها وقدرتها على التسبب بالإدمان، لا تزال دول يعرف عن أبنائها استغراقهم في ألعاب الفيديو كما في دول الخليج العربي، تناقش فكرة الحظر من عدمها خصوصاً، أن سبل التحايل على الحظر باتت في أيادي الكل، ولكن ذلك من باب دعم شكوى الأهل من إدمان أولادهم وبناتهم على هذا النوع من الألعاب.
الأمر الذي يعني أن صراع الأهل صراعنا نحن، مع هذا الغزو الناعم، ليس سهلاً سواءً أخذنا بالحسبان الحظر المحتمل رسمياً، أم المنع البيتي، فإن المطورين ورجال الأعمال الطموحين والطامعين بمزيد من الأرباح، لن ينسحبوا من السباق لتحقيق مزيد من التفوق عبر الاستحواذ على عقول الأطفال والمراهقين وتوجيه رغباتهم.
الحال الذي يعيدنا لحجر الأساس في كل مواجهة «ثقافية، حضارية» من هذا النوع، الحجر الذي يناسب كل الأزمان، وكل العصور، وهو التوعية.
التوعية الهادئة والمتناسبة في أسلوبها ولغتها مع العصر، العصر الحالي لا الغابر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن