ثقافة وفن

قلاع جمهورية التشيك في المتحف الوطني في دمشق … اتفاقية مشتركة لتأسيس بعثة تنقيب للآثار في منطقة الساحل السوري

| سوسن صيداوي ت: طارق السعدوني

الهم السوري اليوم هو الإنسان، تطويره، ترقيته، النهوض به، كي يتمكن من بناء المستقبل المطلوب. هذا ليس شعاراً. بل واجب يقع على كل المؤسسات والأجهزة المعنية، كي نرمّم حالنا ونحيط بما يمكن إنقاذه، إذاً حالنا الثقافي يستدعي ذلك، لكون ما تعرضنا له خلال سنوات الأزمة الماضية، غايته طمس الهوية السورية، عبر تدمير الإنسان السوري وتراثه، فالطغاة والمستعمرون لم يرحموا البشر ولا حتى الحجر. وفي مساع جادة وهادفة من وزارة الثقافة، تم افتتاح معرض صور بعنوان «القلاع في التشيك» في المتحف الوطني بدمشق، بحضور الدكتور فيصل المقداد معاون وزير الخارجية والمغتربين، توفيق الإمام معاون وزير الثقافة، الدكتور ميشيل لوكش المدير العام للمتحف الوطني في جمهورية التشيك، الدكتور محمود حمود المدير العام للآثار والمتاحف في سورية كما تم توقيع اتفاقية- ليست الأولى بين الطرفين- تهدف إلى إنشاء بعثة تنقيب سورية- تشيكية، غايتها التنقيب عن الآثار في الساحل السوري، وتقديم كل دعم ومساعدة من الجانب التشيكي عبر الأجهزة والآلات والمواد. وحول المعرض وبنود الاتفاقية، نترككم مع المزيد من التفاصيل.

عن أهمية العلاقات
بداية عبر د. فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين عن السعادة الغامرة لافتتاح هذا المعرض، الذي يعبر عن المكنون الحضاري للشعبين السوري والتشيكي، متابعاً لابد من القول إن الجمهورية التشيكية وقفت موقفا قويا جدا ضد الإرهاب، وحافظت على علاقاتها مع سورية على أعلى المستويات، وليس ذلك فحسب بل طوال هذه الأزمة ساهمت الحكومة التشيكية بمساعدة الشعب السوري على تجاوز هذه المحنة، كما تابعت باهتمام كبير استمرار البرامج الثقافية بين البلدين. وهنا لابد من تأكيد أنّ الجمهورية التشيكية هي أرض حضارات وأنا أعتقد أنها من أجمل بلدان العالم، ويزورها ملايين الناس عبر فصول السنة كلّها، فهي أرض الجمال وشعبها جميل أيضا. وحول أهمية الاتفاق الذي عقد بين البلدين السوري والتشيكي والذي جاء بمناسبته المعرض الذي تمّ افتتاحه، تابع د. المقداد «نحن نأمل أن تتجاوز سورية الصعاب التي مرت بها في حربها على الإرهاب، وكما ذكرت كان للجمهورية التشيكية يد بيضاء في حربنا ضده، حيث ساهمت في تقديم كل دعم ممكن في الحفاظ على الآثار السورية، وتوقيع الاتفاق الثنائي بين الجانبين ما هو إلا دليل على ذلك، وإننا مستعدون لمقابلة الجانب التشيكي بالمعاملة بالمثل، كما نأمل تطوير العلاقات على كل الصعد: السياسية والاقتصادية والحضارية والإنسانية، فسورية بلد حضاري تلتقي مع الجمهورية التشيكية في هذا الجانب، لذلك لابد من تلاقي هذا البعد من أجل خدمة الإنسانية والأمن والاستقرار في كل العالم».

الجانب التشيكي
من جانبه اعتبر د. ميشيل لوكش المدير العام للمتحف الوطني في جمهورية التشيك أن توقيع الاتفاق بين البلدين هو ضرورة لازمة من أجل الحفاظ بداية على التراث السوري ومن ثم التراث العالمي، لكون التراث السوري هو من التراث الإنساني، والحفاظ عليه من الأولويات لتحقيق التقدم والتطور، قائلاً: «لنا الشرف بتقديم المساعدات لزملائنا السوريين المهتمين والساعين للحفاظ على التراث والآثار السورية، والمساعدات التي قدمناها شملت الآلات والتجهيزات المطلوبة للقيام بهذا العمل، كما أننا نقدّر عاليا الجهد الكبير والمبذول للحفاظ على التراث السوري، لأنه يُغني التراث الإنساني العالمي، ولقد أقمنا العديد من جلسات المشاورات بين الجمهورية السورية والتشيكية، وهنا أؤكد أنّه بتوقيع الاتفاق وإقامة المعرض لا ينتهي عملنا، بل لحظة افتتاح المعرض هي انطلاقة جديدة لاستمرار التعاون بين البلدين، ونحن نقدّر عاليا توقيع اتفاقية إنشاء عمل تنقيب مشترك بين الطرفين السوري والتشيكي، ونأمل أن نباشر العمل هذا العام على الأرض السورية، وأيضا ألفت إلى أننا خلال هذه الزيارة سنناقش مع زملائنا السوريين لتقديم كل ما أمكن من أجل تسهيل الاتفاقية وتسريعها بالشكل الأفضل، لأنني أعتقد أن هذا العمل الذي نقوم به يتطلب وقتاً طويلاً ونحن سعيدون بهذا الاتفاق».
كلمة الثقافة

على حين توجه توفيق الإمام معاون وزير الثقافة بالشكر للحكومة والشعب التشيكي، على هذه المبادرة، مضيفاً «نحن في وزارة الثقافة حريصون على تعزيز العلاقات في كل المجالات الثقافية سواء في الآثار أو السينما والمسرح بين البلدين، وأحب أن أشير إلى أنه تمّ على هامش هذا المعرض، توقيع مذكرة تفاهم بين المتحف الوطني في براغ، ومديرية المتاحف في دمشق، ومن بنود هذه الاتفاقية القيام ببعثة تشيكية للتنقيب عن الآثار في الساحل السوري، ونشدد هنا على أنه بتوجيه من وزير الثقافة ستوضع كل الإمكانيات لإنجاح هذه الاتفاقية ولإنجاح هذا المعرض».

من متحفنا الوطني
وأخيراً لفت د. محمود حمود المدير العام للآثار والمتاحف في سورية إلى أهمية الدعم الذي قدّمته جمهورية التشيك في عمليات الترميم أو التنقيب الهادفة للحفاظ على إرثنا السوري، مشيراً إلى أنه تم توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين في براغ في العام السابق، وأن الاتفاقية تضمنت مجموعة من البنود التي تعزز وتفتح الأفق الثقافي بين البلدين فيما يتعلق بالتراث السوري والتشيكي، وإقامة معرض للآثار السورية التي تعرضت للدمار في براغ، وعن افتتاح المعرض والاتفاق الحالي الذي تم بين البلدين يضيف د. حمود «لقد تضمن المعرض الذي يحتضنه المتحف الوطني بدمشق، صورا للحصون والقلاع والقصور التشيكية، والغاية سواء من المعرض السوري الذي تمّ في براغ، أو المعرض الحالي بدمشق، هي تعريف كلا الشعبين بحضارة الآخر. وهذا التعاون سيكون مثمرا-إن شاء الله-خلال المرحلة القادمة. وعن الاتفاقية التي تم توقيعها بمناسبة افتتاح المعرض أشير إلى أنّ غايتها تأسيس بعثة تنقيب مشتركة سورية وتشيكية، تقوم بعملياتها في منطقة الساحل السوري، للكشف عن آثار الحضارة السورية الإنسانية، وهنا لابد من الإشارة إلى أن أصدقاءنا التشيكيين قدموا لنا مساعدات مهمة ومفيدة جداً في عمليات التنقيب السابقة، سواء من الأجهزة والآلات أم مواد الترميم الأخيرة التي كانت الصعوبات بالغة في توفيرها بسبب الحصار الذي فرض علينا، وفي الختام إننا نشكر الجمهورية والشعب التشيكي على مواقفه الداعمة لنا».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن