قضايا وآراء

جنون وحماقة ترامب

| مصطفى محمود النعسان

تتالى الكتب والتصريحات التي تؤكد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو الأكثر غباء والأكثر حماقة من جميع الرؤساء الأميركيين وأنه غير صالح للموقع الرفيع الذي يشغله فمن أوماروسا مانيغولت نيومان التي نشرت كتابا بهذا الخصوص بعنوان «المعتوه» إلى توصيفات كبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي الذي اعتبر ترامب بمنزلة المعتوه والأحمق، إلى ما تعرض له ترامب من هجوم حاد من وزير الخارجية السابق جون كيري الذي وصفه بأنه أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.
يأتي في هذا السياق كتاب الصحفي الأميركي الشهير بوب ودورد بعنوان «خوف ترامب في البيت الأبيض» حيث وصف ودورد البيت الأبيض في ظل رئاسة ترامب بأنه غارق في انهيار عصبي دائم حيث يسعى الموظفون فيه باستمرار للسيطرة على رئيس يمكن أن يتسبب جنون الارتباك لديه وغضبه بشل العمل لعدة أيام.
ولا يخرج عن هذا المنحى وصف وزير الدفاع الأميركي السابق جيمس ماتيس الذي أعلن أن درجة الفهم لدى ترامب موازية لتلميذ في الصف الخامس أو السادس.
رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي أكدت بدورها أن الرئيس ترامب غير كفؤ لتولي هذا المنصب وقالت لا أعتقد أنه مؤهل لذلك لا أخلاقياً ولا فكرياً.
صحيفة «واشنطن بوست» التي شنت هجوماً لاذعاً على ترامب أكدت أن لا سياسة خارجية في ظل رئيس بلا عقل ونقلت عن الدبلوماسي رون ديفيد ميلر تأكيده أن ترامب لا يمكن أن يغير شخصيته فهو رجل متقلب وغير عقلاني وغير منطقي إلى درجة أنه يتصرف مثل ولد يبلغ من العمر سبعة أعوام.
في معرض بحث وزارة العدل الأميركية عن أسباب توجب عزل ترامب ولاسيما فيما يتعلق بقراره إقالة مدير «إف بي آي» جيمس كومي وكذلك روبرت مولر، ناقشت الوزارة إذا ما كان عليها الطلب من نائب الرئيس أو شخصيات أخرى لعزل ترامب من منصبه استناداً إلى التعديل الخامس والعشرين في الدستور الأميركي، وفي هذا المعرض تساءل مقال نشره موقع «رون بول انستيتيوت» الأميركي على عدم إقالة ترامب على خلفية عمل مستشار التحقيق الخاص روبرت مولر تساءل المقال في الثاني والعشرين من أيار الماضي بالقول: هل هذا يعني أنه لا ينبغي عزل ترامب؟ لا.. بالتأكيد يجب إقالة ترامب لكن فقط للأسباب الصحيحة المتمثلة بشن حروب بشكل غير قانوني ضد الدول الأخرى من دون تفويض من الكونغرس والذي يقتضيه الدستور الأميركي.
وتابع المقال: من المسلم أن ترامب يشن حروباً على أفغانستان وسورية والعراق واليمن ومن المسلم به أيضاً أن الكونغرس لم يصدر عنه إعلان حرب ضد أي من تلك الدول، وأضاف: تلك الحروب تقتل الأبرياء وبالنتيجة من خلال شن الحروب من دون إعلان من الكونغرس عن الحرب فإن ترامب ينتهك الدستور قاصداً أو متعمداً فيما يمثل جريمة عالية تستدعي الإقالة بوضوح.
لقد ضاق الأميركيون ذرعاً بالرئيس ترامب نتيجة سياساته الحمائية والمتعلقة بالحروب التجارية سواء مع الصين أو روسيا أو أوروبا أو بالنسبة لموقفه من جدار الحدود مع المكسيك وكذلك انسحابه من اتفاقية المناخ والاتفاق النووي مع إيران ومعاهدة الصواريخ مع روسيا وكتبت الصحف الأميركية والبريطانية مقالات مفادها أن ترامب يدفع أميركا للهاوية وكذلك بلطجتها لأميركا ستدفعها إلى الهاوية إضافة إلى لعبة العقوبات التي ستضع اقتصادها في عنق الزجاجة.
هكذا يتتالى الاستياء إلى أن وصلت نسبة الأميركيين الذين لا يثقون بترامب إلى النصف وفق استطلاع للرأي أجرته شبكة «أي بي سي» وصحيفة «واشنطن بوست» الأميركيتان مع نهاية كانون الأول الماضي، ووصل الأمر في العاشر من أيار أن أكثر من عشرة ملايين أميركي وقعوا عرائض لعزل ترامب.
الحق أن كل ما تم ذكره صحيح ويوجب عزل ترامب لاتصافه بالحماقة والبعد عن الصواب والحكمة ولكن الأشنع في سجلات ترامب هي سياسته في الشرق الأوسط سواء تجاه إيران أو سورية أو فيما يتصل بالقضية الفلسطينية ومنحه القدس المحتلة عاصمة للكيان الإسرائيلي وكذلك الجولان والسماح بقضم بعض أراضي الضفة الغربية وذلك في إطار صفقة القرن الساعية إلى تصفية القضية في ظل استخفاف عربي قل نظيره وفي ظل خضوع ترامب للوبي الصهيوني الذي لم يجاره خضوع أي رئيس أميركي سابق حيث استسلم لهذا اللوبي استسلاما كاملا هذا إذا افترضنا أنه شخصية أميركية فكيف إذا كان بالأساس أميركي الجنسية ولكنه صهيوني الهوى والانتماء؟ لذلك لا غرابة أن تأتي قراراته لصالح الكيان الإسرائيلي مئة بالمئة بدءا من رفع الدعم الأميركي عن «أونروا» والانسحاب من اليونسكو إلى ما ذكرناه بشأن القدس والجولان.
أخيراً وليس آخراً ما يقال عنها إنها صفقة القرن التي يعمل ترامب مع فريقه لتنفيذها وما يحمله كل ذلك من بعد عن الحكمة والتعقل لأن مصائر الشعوب لا يمكن أن تعامل بهذه الطرق المشينة ولا يمكن أن تساس بهذه السياسات والوسائل العمياء والقمعية ما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن ترامب أحمق وغير مؤهل ليكون على سدة البيت الأبيض رغم مآسي هذا البيت فيما قبل ترامب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن