ورشات نقاش ودراسات كثيرة طرحت سؤالاً واحداً.. أيهما أولاً الديمقراطية أم الخبز؟!
تنوعت الأسئلة لكن مضمونها يعود إلى السؤال الجوهري من يأتي أولاً الديمقراطية أم الخبز؟
من تلك الأسئلة من يسبق من؟ الإصلاح السياسي أم الإصلاح الاقتصادي..؟
أو من يهم المواطن أكثر أن يعيش في بحبوحة معيشية أم في بحبوبة ديمقراطية!
مثلما تعددت الأسئلة أيضاً تعددت الإجابات، ولعل هذا السؤال القديم ما زال يطل برأسه وربما زاد إلحاحاً في الأوقات التي تمّ فيها امتطاء شعارات الديمقراطية لتحويل كثير من البلاد إلى مزارع فوضى وحقول حرائق!
لكن السؤال أصبح في حقول الحرائق مختلفاً.. فهل يصح أن تتحدث عن الديمقراطية في البيت الذي اشتعلت فيه النيران وما زال يحيط به الكثير مما يزيد النار اشتعالاً وكلما أطفئت نار أشعلوا أخرى وأخرى.
وتخيل هذا المشهد والنيران تلتهم ما حولك وتكاد «تلتهمكم» يأتي رأي من هنا ورأي من هناك وآخر من مكان آخر وتتضارب الآراء والنيران تقترب أكثر وتشتعل أكثر!
نحن أمام رأيين مختلفين هنا أيضاً..
البعض يقول إن كل من يتحدث عن «الديمقراطيات» في البيوت المشتعلة بالحروب إنما هو «مشبوه» ومشعل حرائق وإن كان ذلك في أحسن الأحوال يتم عن جهل وحسن نية فإنه يتحدث في غير المكان والزمان المناسبين.
الآن وقت إطفاء الحرائق وليس الحديث عن أي شيء آخر مهما بدا محقاً أو صحيحاً.
الرأي الثاني يرى أن الديمقراطية هي التي تصحح الأخطاء وتصلح الأعطال وبلا ديمقراطية ستبقى البلاد في الأخطاء، والمشكلات تتكرر كلما سنحت الفرصة بلا رادع ومن دون مانع، وأن الدول التي لم تذهب في طريق الديمقراطية حكمت على نفسها بالبقاء في مشكلاتها تعيدها وتعتادها.
لاشك أن لكل رأي أمثلته وشواهده ولعلنا سندور في حلقة مفرغة إذا بقينا نجادل في أي الآراء أكثر صحة وأقرب إلى المنطق.
والقضية الأكثر تعقيداً هنا أن منهاج الديمقراطية ليس مجرد مجموعة قوانين تصدر وحسب بل هو في واقع الأمر ثقافة مجتمع، ولا أظن أن الكثير يختلف حول فكرة أن المجتمع أقل ديمقراطية من غيره وأن العادات والتقاليد أقوى من القوانين وهذا يحتاج إلى تفصيل أكثر.
لكن في الرأي الشخصي هنا أن الديمقراطية مثل السباحة لا يمكن أن تتعلمها من دون أن تمارسها ومن دون أن تنزل إلى الماء، لن تتعلم السباحة لكن من الحماقة فعلاً أن تتعلم السباحة وسط المحيط أو في عرض البحر أو حتى في مسبح كبار «الديمقراطيين».
وقتها لن تأكل الخبز فقط بل تصبح أنت نفسك خبز أسماك القرش وحلفائها!
أقوال:
الشيء المقرف في الديمقراطية أنك تضطر لسماع الأحمق- رينيه ديكارت.
أسوأ ديمقراطية في الدنيا أفضل من أعدل ديكتاتور- محمد الماغوط.
مجتمع يريد الديمقراطية في السياسة ولا يريدها في الفكر ولا على الأخص في الدين، هو مجتمع يستسهل الديمقراطية ويختزلها في آن معاً- جورج طرابيشي.
الحب عاطفة غير ديمقراطية- مصطفى محمود.
عندما تكون الديمقراطية هبة الاحتلال.. كيف لك أن تتعلم الحُريّة من جلادك؟
لا تزيد الديمقراطية عن كونها حكم الغوغاء، حيث يمكن لواحد وخمسين في المئة من الشعب استلاب حقوق تسعة وأربعين في المئة من الآخرين- توماس جفرسون.