محصول الشعير بين إمكانيات «الأعلاف» المتواضعة وجشع التجار.. ولأول مرة فرق 50 ليرة في سعر الشعير بين الخاص والحكومي لمصلحة الدولة … محافظ حلب: عمليات التسويق جيدة وإمكانيات التخزين في حلب مفتوحة
| محمود الصالح
يبدو أن إنتاجنا الوفير في هذا العام من الحبوب التي قد تصل إلى أكثر من 3 ملايين طن من القمح ومليوني طن من الشعير لن ينعكس بالخير على الفلاحين، وهم أصحاب الفضل الأول في وصولنا إلى هذه الأرقام الضامنة من الإنتاج على الرغم من الظروف السيئة جداً التي رافقت هذه الفترة من العملية الزراعية من عدم توافر مستلزمات الزراعة ابتداء من البذار والأسمدة مرورا بالمحروقات اللازمة للفلاحة والري، وانتهاء بمستلزمات الحصاد، لتزداد اليوم معاناتهم من عدم اتخاذ الجهات المعنية الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب.
«الوطن» كانت قد دقت ناقوس الخطر في نهاية آذار الماضي، وطالبت بتوفير مستلزمات هذا الموسم الاستثنائي من حيث كميات إنتاج الحبوب، في حينها اتخذت الحكومة قراراً فوريا بالسماح باستيراد الحصادات بتسهيلات مفتوحة، لكن لم تتم الاستفادة من هذا القرار بالشكل المطلوب، فمازال هناك نقص كبير في عدد الحصادات التي يحتاجها موسم الحبوب بنسبة تتجاوز 50 بالمئة، ما أدى إلى ارتفاع أجور الحصاد لقلة العدد المتوافر من الحصادات، على الرغم من قيام بعض المحافظات ومنها حلب بتحديد أسعار منطقية لعمليات الحصاد، والعمل على متابعة تنفيذها من الجهات المختصة، على حين لم يتم تحديد أجور الحصاد في المحافظات الأخرى وخاصة الحسكة والرقة ودير الزور، وهي المحافظات الأساسية في إنتاج الحبوب.
بدأت عمليات حصاد محصول الشعير في بداية أيار الماضي، لكن عمليات الاستلام من مراكز المؤسسة العامة للأعلاف لم تبدأ إلا في 28 أيار الماضي بسبب عدم جاهزية هذه المراكز.
تلقت « الوطن» العديد من الشكاوى من حلب والرقة والحسكة حول قلة عدد مراكز الاستلام، وبعدها عن مواقع الإنتاج، إضافة إلى عدم وجود أكياس فارغة في مراكز الأعلاف، ما يضطر الفلاحين إلى محاولة تأمين حاجتهم من مؤسسة الحبوب علما أنها غير معنية بتأمين الأكياس الفارغة للشعير.
وحول الأسعار أجمع كل من تواصل معنا من المنتجين على أن تعب الفلاحين على الرغم من الإنتاج الوفير مهدد بالخطر، حيث نشط التجار في استغلال حاجة الفلاحين في عدم امتلاكهم السيولة المطلوبة لدفع تكاليف الحصاد وشراء الأكياس الفارغة ودفع أجور نقل المحصول إلى المراكز البعيدة. وبلغ سعر الشعير في مواقع الإنتاج بين 60 ليرة في الرقة وريف حلب الشرقي و70 ليرة في الحسكة، في وقت تدفع الحكومة قيمة الشعير بسعر مدعوم لتشجيع الفلاحين ودعم الاقتصاد الوطني بسعر 130 ليرة للكغ، ويؤكد عدد من الفلاحين أنهم لا يستفيدون من هذا السعر ومن يجني الربح الذي يصل إلى 50 ليرة هم التجار، والفلاح مضطر لبيع إنتاجه للتاجر لعدم توافر الإمكانية لديه لشراء الأكياس ودفع تكاليف الحصاد والتسويق، ما أدى إلى انتعاش سوق تجارة الشعير في أغلب المحافظات.
محافظ حلب حسين دياب أكد أن عمليات الاستلام لمحصول الشعير تجري بشكل جيد، وعلى الرغم من وجود نقص في كميات الأكياس الفارغة لدى المؤسسة العامة للأعلاف إلا أن مؤسسة الحبوب على استعداد لبيع الأكياس المستعملة للفلاحين ولديها الإمكانية لتوفير هذه الكميات، وقد قامت الأعلاف بتوزيع 40 ألف كيس فارغ للجمعيات الفلاحية والأفراد في حلب، وقد تم حتى العاشر من حزيران تسويق ما يقارب 13 ألف طن من محصول الشعير في مراكز مؤسسة الأعلاف في حلب وعددها أربعة مراكز، وهذه المراكز قادرة على استيعاب كميات كبيرة جداً من المحصول، ولا توجد أي مشكلة في عمليات التخزين.
من جانبه بين مدير زراعة حلب نبيه مراد أن تقديرات الإنتاج لمحصول الشعير في المناطق الآمنة هي بحدود 200 ألف طن، وتقدم المديرية جميع التسهيلات الممكنة للفلاحين لتسويق إنتاجهم، حيث تمت موافقة الحكومة على اعتماد وثيقة ملكية الأرض إضافة إلى الكشف الحسي من اللجنة المختصة لمنح شهادة المنشأ للفلاحين لقطع الطريق على التجار، نظرا لوجود فرق كبير بين سعر الشعير في السوق، والسعر الذي تمنحه الدولة، وذلك بهدف إيصال الدعم الحقيقي للفلاحين. وهناك ضغوط كبيرة على المصالح الزراعية لمنح شهادات المنشأ، لكن لن تمنح أي شهادة منشأ لغير الفلاح الحقيقي، على أن يقدم الفلاح وثيقة الملكية إضافة إلى ثبوت الزراعة من قبل صاحب العلاقة بشكل فعلي بموجب الكشف الحسي، لقطع الطريق على كل من قام بزراعة أرض ليست له، أو من يحاول المتاجرة في الحبوب.
وأوضح معاون مدير الزراعة في الحسكة رجب السلامة أن تقديرات إنتاج الشعير في الحسكة تتجاوز مليون طن، والكميات المسوقة إلى مراكز المؤسسة العامة للأعلاف تصل إلى 50 ألف طن حتى العاشر من حزيران، والسبب هو قلة الأكياس الموزعة على الفلاحين، حيث لم تكن أكثر من 50 ألف كيس، والآن يتم تأمين أكياس مستعملة عن طريق مؤسسة الحبوب، مشيراً إلى أن أسعار السوق تصل إلى 80 ليرة للكغ والسعر الرسمي 130 ليرة.
ولفت رئيس اتحاد الفلاحين في حلب عبدو العلي إلى أن عمليات استلام محصول الشعير تتم من خلال أربعة مراكز في المناطق المحررة وبلغت الكميات المستلمة من هذه المراكز حتى العاشر من حزيران بحدود 12 ألف طن. مشيراً إلى وجود مشكلة في توافر الأكياس الفارغة، حيث قامت مؤسسة الأعلاف بتوزيع كل ما لديها من أكياس، والآن يتم الاستعانة بمؤسسة الحبوب، حيث يتم توزيع أكياس مستعملة، وتتم إعادة نصف قيمة الأكياس المستعملة للفلاحين من قبل الأعلاف، ويستطيع الفلاح الذي يرغب في التسويق الشراء من الاسواق، والأكياس الفارغة متوافرة في الاسواق.
وأعاد رئيس الاتحاد السبب في الازدحام على مراكز استلام الشعير إلى التأخر في البدء باستلام المحصول، وقيام الفلاحين بعمليات الحصاد خلال فترة واحدة ورغبة الجميع في التسويق بسرعة، وقلة الكوادر الموجودة في مراكز الاستلام، كل ذلك أدى إلى هذا الازدحام الكبير على المراكز.
وأكد المدير العام للمؤسسة العامة للأعلاف مصعب العوض توزيع المؤسسة ما لديها من أكياس من خلال مراكزها البالغة 16 مركزاً، حيث تم توزيع 400 ألف كيس فارغ جديد و200 ألف كيس مستعمل، لكن نظرا لجودة الموسم ووجود أسعار مجزية لدى الدولة، لم تكف هذه الأكياس الحاجة المطلوبة، ونظراً لأننا في مؤسسة الأعلاف لا تقوم عادة باستيراد الأكياس الفارغة تم الطلب بتامين الحاجة من خلال السورية للحبوب نظرا لوجود عقد لديها لاستيراد 8 ملايين كيس، فتم الطلب من وزيري المالية والتجارة الداخلية إضافة ربع العقد لمصلحة الأعلاف أي مليوني كيس، وفي حال وصولها تكفي حاجة محصول الشعير وتزيد، لكن بسبب الحصار الاقتصادي حتى الآن لم يتم توريد كميات العقد، مضيفاً: نحن ننتظر أن تصلنا كمية ربع العقد ليتم التوزيع على الفلاحين.
وتابع: خلال اجتماع المتابعة لتسويق الحبوب قلنا للحكومة إننا على استعداد في مؤسسة الأعلاف لدفع قيمة الأكياس الجديدة أو المستعملة للفلاحين في حال قاموا بتأمينها بطريقتهم من الأسواق.
وعن أسباب الازدحام في المراكز أكد العوض أن عمليات الحصاد جاءت خلال فترة قصيرة وهناك ضغط كبير على مراكز الاستلام، وسيتم استلام كامل إنتاج الوطن من الشعير والإمكانية المالية متوافرة، حيث رصدت الحكومة بشكل مبدئي 70 مليار ليرة سورية كمرحلة أولية لشراء الشعير، ولن تتوقف عمليات الاستلام، حتى آخر حبة شعير. وأوضح المدير العام أنه لن يتم استلام أي كمية من غير الفلاحين، مضيفاً: نريد أن يصل الدعم الكبير في سعر الشعير إلى الفلاح الحقيقي، وليس إلى التجار الذين يستغلون وجود فرق كبير بين أسعار السوق والسعر الرسمي، لأن الهدف من هذا السعر هو وصوله إلى الفلاح، ولن نكافئ من زرع أرض غيره ويريد اليوم تسويق إنتاجها إلى المراكز بسعر مشجع، لذلك هناك تشديد كبير على موضوع منح شهادات المنشأ.