الأولى

عرب التيه

| نبيه البرجي

«كفانا تلك الرقصة المجنونة مع الذئاب»!
أن يسأل وزير خارجية خليجي سابق «أشقاءنا السعوديين عما قدمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لكم سوى الإهانة تلو الإهانة، وتحت أنظار الدنيا، وسوى أنه يصرّ على تعريتكم حتى من عباءاتكم»؟
قال: «ماذا يجدي الرثاء لانتشالنا من هذا الواقع الرث؟ قد نحتاج إلى انتفاضة الحجارة ضد «الاستيطان» الأميركي الذي استنزف أجيالنا. الثروة التي أكثر أهمية بكثير من براميل النفط التي تتدحرج على أرصفة روتردام. أكثر أهمية بكثير من خزائن المال التي تبتلعها أروقة وول ستريت».
حين وقع ولي عهد المملكة السعودية محمد بن سلمان على تلك السلسلة من الصفقات التي ناهزت النصف تريليون دولار مع الرئيس الأميركي، الأمر الذي لا يمكن أن يقدم عليه أي حاكم في التاريخ، كان في ظنه أن دونالد ترامب لن يكتفي بتتويجه ملكاً على الخليج بل ملكاً على ملوك العرب.
ولي العهد كان واثقاً من أن الجنرال جوزف فوتيل، قائد القيادة المركزية آنذاك، سيفتح أبواب الدوحة أمام دباباته. جاريد كوشنر صهر ترامب ومستشاره الذي يشاهد وقع أقدامه في الصفقات كافة، كان يدعم ذلك الاتجاه بحجة أن توحيد القرار في ما يتعلق بالنفط والغاز يريح البيت الأبيض الذي لم يلاحظ، يوماً، أي اختلال في التزامات السعودية منذ لقاء الملك السعودي الأسبق عبد العزيز آل سعود والرئيس الأميركي الأسبق فرنكلين روزفلت غداة مؤتمر يالطا في شباط عام 1945.
بدقات القلب تحدث وزير الخارجية السابق عن سورية «منارتنا في الموقف، وفي التاريخ، وفي رفض التوقيع على أي تسوية مع يهوذا. نعلم كم دفع العرب لأولئك المرتزقة الذين تم استجلابهم من أقاصي جهنم لتدمير دولة كانت، ولا تزال، زينة العرب».
يسأل: «أين هم العرب الآن في سورية؟ كل المليارات التي دفعت إلى رئيس تركيا رجب طيب أردوغان ذهبت أدراج الرياح. منذ البداية، قلنا لهم إنكم ستكونون حملة المناجل فقط. الأتراك والإسرائيليون وحدهم يقطفون نتائج انهيار الدولة في سورية. لم يأبهوا بكلامنا، وواصلوا التوغل في مستنقعات النار إلى أن احترقت أقنعتهم، وإلى أن احترقت وجوههم».
الوزير السابق استخدم تعبير «عرب التيه». «لا داعي لأي أدلة إضافية لنرى إلى أي مأزق انتهى أشقاؤنا الذين بدؤوا الآن يرون في دونالد ترامب كل مواصفات المهرج».
حدث ذلك حين بعث بحاملة الطائرات «يو. اس. اس ـ أبراهام لنكولن»، وبالقاذفات العملاقة، إلى المنطقة. جاريد كوشنر اتصل بالبلاط، مبشراً باليوم الكبير الذي تقوم به الإمبراطورية السعودية بتقاطع توراتي مع الإمبراطورية الإسرائيلية. شيء ما يشبه الكوندومينيوم (الحكم الثنائي)، وقد ألمح اليه عبد العزيز آل الشيخ حين جاءته «الرؤيا» حول العناق بين الكعبة والهيكل.
ماذا حدث؟ أحد معلقي «الواشنطن بوست» رأى أن ما فعله ترامب هو التعامل مع حاملة الطائرات كما لو أنها الليدي غاغا تقدم كوميديا غنائية فوق الماء.
وزير الخارجية الخليجي السابق توقف عند «صدمة البلاط». كل ذلك المال الذي نثر على قدمي الإمبراطور وابنته ايفانكا لم يأت بغير الهباء.
الحصيلة مروعة، إن في اليمن، وحيث العيون المقفلة تلاحقه إلى الأبد، أم في سورية حيث السعوديون يغطون نفقات الوجود الأميركي، ويدفعون لذلك الفتات البشري الذي يعمل تحت أحذية جنود الجنرال كينيث ماكينزي.
قال «ذات يوم، قد يماط اللثام عن إحدى الصفقات التي تنضوي في السياق الخاص بصفقة القرن، وحيث الدخول الأعمى في الحالة الإسرائيلية. أن يضع البلاط يده على كل دول مجلس التعاون. ولقد بذلنا جهوداً هائلة لإعادة الأمور إلى نصابها».
الرقصة المجنونة مع الذئاب مستمرة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن