ضاع الكثير من السوريين في الحروب واستثماراتها! … عابد فهد لـ«الوطن»: تصريحات رضوان تعبر عنه والعمل ليس بحاجة لأبعاد فردية
| سارة سلامة
اسم سوري أسس طريقاً مختلفاً أقرب للنهج والمدرسة من خلال امتلاكه أدوات الممثل الحقيقي وكاريزما نابعة من إيمان بموهبته وقدرته لإثبات نفسه كقيمة فنية لم تأت عن عبث.
يخوض بحب الأدوار المركبة فهي ملعبه، غير متعدٍّ ولا متصنّع لنكتشفه مجدداً في كل دور، يباغتنا بموهبة حرص ألا يقدمها كلها دفعة واحدة بل يُخرج من جعبته في كل مرة جانباً منها ببراعة وتمكن متلبساً الشخصية من خلال الدخول في عوالمها وما ورائياتها.
مشواره الفني لم يكن مجرد حلم، بل رواية تحكي قصة نجاح ليست عادية. جعلت من اسمه يندرج ضمن ممثلي الصف الأول في سورية، فهو المقدم رؤوف في «ولادة من الخاصرة» وهو ذاته جساس في «الزير سالم» وهو جابر سلطان في «طريق» وأمير ناصر في «دقيقة صمت». يشرع في هذه الأدوار وغيرها من خلال قدرته الكبيرة على التجدد.
تحدثنا إليه حول مسلسل «دقيقة صمت» الذي حمل عودته إلى الدراما السورية المحلية وأشياء أخرى..
ماذا يعني لك اسم الكاتب سامر رضوان، ولاسيما أنكما قدمتما معاً «الولادة من الخاصرة»، والآن في «دقيقة صمت»؟
مبدئياً لنتحدث عن مساحات السيناريو في الدراما العربية، المتشابه والمحدود والمتاح والممنوع ضمن الرقابة، فالسيناريو أصبح عبئاً حقيقياً على الجميع، والإنتاج يعيقه السيناريو الكثير الحركة والمتعدد المواقع لأن تكلفة إنتاجه كبيرة.
وفي المرحلة التالية الموضوع يقع على كاهل الإخراج للمباشرة في التنفيذ بحال تمت الموافقة عليه من جهة الإنتاج ومن ثم الرقابة. وحقيقة فإن المنطقة العربية لا تحتمل دراما بالمستوى العالمي، ودراما رمضان هي عبارة عن (دعاية وبراند وإعلان). وبعدها يأتي المحتوى ومن سيقوم بتمثيل هذا العمل من أبطال ونجوم أي (التركيبة).
ولهذا السبب فإن التميّز يكون من خلال شركات الإنتاج التي تتبنى الأعمال الأكثر جدلاً وجرأة، أي وضع الإصبع على الوجع وعدم الاختباء وراء أنفسنا، وذلك من خلال حبكة متقنة وصناعة سيناريو يدهش المشاهد ويضعه أمام مرآة يرى حقيقته من دون لف ودوران. لأننا بأمس الحاجة للاعتراف بأخطائنا أو بمرتكبات أخطأت في بناء مجتمع يحلق جيله بحرية نحو نجاح يراه ويعرفه، ولكنه يصطدم بخجل أمام جدران ملأى بالأوهام والمجهول.
لذلك فإن السيناريو لابد أن يكون جلياً من أجل المستقبل الذي بات بعيداً لا يسمعنا مهما ملأنا الكون بالصراخ لنكون أمام دراما المباشر والحقيقة التي لا مفر منها. والمباشر يحتاج إلى الموهبة والذكاء في حياكة السيناريو ويحتاج إلى محترفين لصناعته.
ما سبب الجدل حول «دقيقة صمت» برأيك؟
(دقيقة صمت) يقدم قضية من لب الواقع والحياة، والأمور التي تتعلق بالواقع تعتبر شأناً جدلياً، وتحديداً عند الحديث عن واقع الفساد وهو موضوع ملحّ للغاية ومتشابك وخطير بأبعاده.
سمعت تصريحات رضوان، ما رأيك بما قاله بتسييس العمل؟
التصريحات تعبر عن صاحبها ومواقفه الشخصية، أما العمل فرسالته في داخله وليس بحاجة لمن يضيف أي أبعاد فردية، هو مشروع فني جماعي ويجب أن يبقى هكذا.
ما مقولة العمل؟
العمل فني بالدرجة الأولى ويهدف إلى متعة المشاهد بالمتابعة، ويشدد على ضرورة تحكيم العقل عند التعامل مع الإيمانيات، والضمير عند التعامل مع الإنسان، والقانون عند التعامل مع الشؤون العامة.
لماذا اخترتم التصوير في ريف اللاذقية.. وهل واجهتكم صعوبات في طبيعة تلك المنطقة؟
تلك المناطق تناسب بيئة العمل من حيث الصورة (كضبط حركة الشارع والأصوات والضجيج، وحركة الدراجات وأصوات الباعة، وحركة الرياح. ودرجات البرودة، والعواصف والأمطار والغيوم وتبدل درجات الإضاءة الطبيعية). وجاء نجاح هذا المشروع على الرغم من كل الظروف الصعبة التي نالت منه والأخطاء والحلول التي ألمت به في بعض المشاهد. وذلك لأننا كنا نتصارع مع ظروف صعبة جداً ومناخات تلك الأماكن التي قررنا التصوير فيها. ففي كل ساعة كنا في ملعب العشق والجنون ولا مجال للتراجع.
هل هناك جزء ثان؟
إلى الآن ليس لدي أي علم بذلك.
بعد غياب قرابة 4 سنوات عن الدراما المحلية السورية تعود مجدداً، ماذا يعني لك ذلك؟
إنجاز المشروع في سورية يعني لي الكثير، هذه التجربة والنجاح الذي حققته على الصعيد الجماهيري هما خطوة أولى تحمل مكونات عمل ناجح، من جملة مشاريع لاحقة لنكمل معاً في سورية رحلة نجاح سوريّة بدراما لها تاريخ عربي كبير.
هناك الكثيرون والكثيرات ممن يسطعون بالجمال أو التسويق أو العلاقات، وأحياناً على حساب أو بمساعدة الممثلين الحقيقيين. ما رأيك بهذه المعادلة؟
من يتسلقون على أذرع المجتهدين من دون أن يمتلكوا صدق الموهبة يسقطون من الرواية وتبقى صورهم على أغلفة الشوارع من دون منازع.
هل تعتبر «عندما تشيخ الذئاب» عملاً يتخطى «المسلسل» إلى «المشروع الفني» بمعنى قربه عما يبحث عنه عابد فهد؟
الأمر ينطبق على مسلسل (عندما تشيخ الذئاب). بمكونه الرائع من خلال نص تألق في السيناريو والحوار. للكاتب (حازم سليمان)، وفي الإخراج الذي ابتعد عن الاستعراض المجاني في حركة الكاميرا، وعمل على واقعية الحركة التي تشيح عالم الرواية بسحرها وبساطتها للمخرج (عامر فهد).
متى يوافق عابد فهد على عمل ومتى يرفضه؟
أوافق على العمل عندما تكون عناصره جاهزة للركوب في الحافلة والانطلاق به مع الكثير من الحب والاحتراف والموهبة، إضافة إلى الصدق والتبني.
ما أهمية الشريك في الدراما وتكامل العناصر من أجل إنجاح العمل؟
الشريك هو نصف النجاح لكل من السيناريو والإخراج والممثلين.
هل حققت الدراما المشتركة تكاملاً مع المشهد السوري أم اتكأت عليه؟
بالتأكيد إن الدراما المشتركة استعانت بعناصر سورية مهمة لنجاح المشروع المشترك وحققت الأهداف منه.
برأيك إلى ماذا تفتقد الدراما السورية؟
تفتقد لمن يتعامل معها كقيمة جوهرية وطنية وليست كسلعة فقط تتداول في المحطات بأرخص الأسعار، فهي تحتاج إلى إنتاج يليق بها وأن يكون الأشخاص الذين يعملون فيها على قدر المسؤولية.
أهديت جائزة «موريكس دور» إلى سورية والجيش السوري، ماذا يعني لك هذا؟
قدمت جائزتي لأغلى الرجال والأبطال الذين عرفتهم عن قرب، وسمعت حكاية كل شخص فيهم. في رحلة الصمت التي ألمت بكل أم وأب فيهم. ففي سورية هناك شهداء على مدّ النظر بسهولها وجبالها. وهذه الهدية (الجائزة) لا تزيد في بيت الشهيد سوى الأخذ بالخاطر. إلا أننا نحتاج الكثير كي نتحدث عنهم بروايات وصور وأفلام سينمائية تؤرخ رحلة الانتصار والشهادة.
وفي الضفة الأخرى هناك ضحايا وأطفال غرقوا في البحار أبرياء في هذا العالم المرير ضمن فوضى الحروب واستثماراتها مشردين على أطراف المدن يجب أن نمد لهم يد العون فهم سوريون وسنحتاجهم في يوم من الأيام لنبقى.