رياضة

قبل بدء «الميركاتو» الصيفي.. كرتنا تحتاج إلى تنظيم خطوات عملية مطلوبة من أجل بناء كروي سليم لفرقنا

| ناصر النجار

مع نهاية الشهر الجاري ينتهي الموسم الكروي، وتبدأ الأندية استعداداتها لاستقبال الموسم الكروي الجديد انطلاقاً من (الميركاتو) الصيفي حيث يبدأ السباق بين الأندية لكسب ودّ اللاعبين وخصوصاً المميزين منهم.
وهذا التنافس الذي يدخل في بعض مراحله (اللاوعي) يرفع أسعار اللاعبين بشكل جنوني وقد لا يستحق بعض اللاعبين ربع مبلغ التعاقد ما يؤثر هذا الأمر في خزينة الأندية المالية التي تصاب بالعجز المبكر وتبدأ الإدارات بالبحث عن مصادر الدعم إما من الحكومة متمثلة بالهيئات والاتحاد الرياضي العام وإما من المحبين والداعمين الذين يخولهم مالهم الدخول في صلب القرار الفني.
سبق وأجرينا تحقيقاً حول هذه التعاقدات (المبالغ فيها) مع عدد من رؤساء الأندية المعنية وتوصلنا إلى بضعة مقترحات بعضها كان مجدياً وقدمناها إلى اتحاد الكرة للدراسة، لكن اتحاد الكرة لم يتجاوب مع أي من الطروحات معتبراً أن العقد شريعة المتعاقدين.
وما دمنا في هذا الموضوع فإننا نجد تقصيراً من الأندية بحقوقها تجاه اللاعبين، فلم نعلم على سبيل المثال أن الأندية وضعت في العقود شروطاً لمخالفات اللاعبين سواء عند التقصير في التمارين والمباريات ونيل البطاقات المجانية أم غير ذلك، هذه الشروط يتم وضعها من لجنة كروية خبيرة وهي التي تحاسب اللاعبين وفق بنودها، فاللاعب كما يقبض من النادي ما يريد، عليه أن يلتزم وأن يدفع حال مخالفته لائحة الشروط، أو يتم تخفيض راتبه أو فسخه.. إلخ.

الانضباط الفني
المواسم الماضية أثبتت أن عدم الاستقرار الإداري يولد اضطراباً فنياً، وبالتالي فإن الانضباط الفني المفقود لا يؤدي إلى نتائج جيدة ولا إلى بطولات، وهذا ما تعانيه الشريحة العظمى من أنديتنا والموسم المنصرم خير دليل على تبديلات الأندية المستمرة لمدربيها بحثاً عن نقطة نجاة هنا وفوز يوصل للبطولة هناك.
وأمام التعثر الفني المتكرر، نجد أن الجماهير العاشقة تنظر إلى هذا الوضع غير المستقر نظرة حزن لأنها تريد من فرقها الاستقرار وهي راغبة في ذلك، لأنه يؤدي إلى التطور وإلى البطولات كمحصلة نهائية.
وحتى الآن لم نر هذه الخطوات العملية المدروسة من الأندية قبل انطلاق المواسم السابقة، لذلك نجد الكثير من الأندية موسمها (هش)، وكأنها تؤدي الموسم كواجب فقط.
الخطوات العملية
إذا أردنا الاستفادة من تجارب الماضي أو من تجارب الأندية المتقدمة عربياً على الأقل فمن المفترض أن نبني الموسم الجديد وفق آليات مدروسة معروفة الخطوات، أولها.. تشكيل لجنة كروية متخصصة مهمتها التعاقد مع المدرب المناسب للفريق، والمدرب يختار الطاقم الفني المساعد وهي الخطوة الثانية.
مدربونا معروفون وعدد المدربين الذين اكتسبوا خبرة الدرجة الممتازة لا يزيدون على عشرين مدرباً، ولكل منهم ميزاته وحسناته وسيئاته، وجميع المدربين أوراقهم معروفة ومكشوفة، لذلك فإن اختيار المدرب المناسب للفريق ليس (كيمياء)، المهم أن تضع اللجنة الكروية مصلحة النادي فوق أي اعتبار أما الخطوة الثالثة فهي تحديد النادي واللجنة الكروية هدفها من كرة القدم ومن المشاركة بالدوري الممتاز، فهل ستشارك من أجل المشاركة فقط، أم من أجل تثبيت الأقدام، أم من أجل المنافسة؟ ومتى تحدد الهدف بأن المطلوب، والعرف في كرة القدم أن يتم التعاقد مع المدرب لمدة لا تقل عن سنتين وتمتد لثلاث أو أربع سنوات، وهذه المدة كافية لبناء فريق كروي جيد يخدم النادي لسنوات، أما إذا كان الهدف بطولة مسبقة الصنع، فإن الإستراتيجية تكون غائبة على الأرجح، والخطوات التي ذكرناها غير ضرورية، من جهة أخرى فما يخص المدرب يجب أن تمنحه الإدارات الدعم الكامل وأن تعطيه كامل الفرص ليثبت وجوده، وللأسف فإن كل مدربينا تحولوا إلى مدربي طوارئ لأن الهم والاهتمام هي النتيجة بالدرجة الأولى.
عندما يتم التعاقد مع المدرب المناسب يكون المسؤول عن اختيار اللاعبين المناسبين للفريق، ونلاحظ هنا غياب الفحص الطبي للاعبين، فكم من لاعب تبين أنه مصاب، وستضع اللجنة في حال ظهور لاعبين مصابين أو غير مناسبين أمام مسؤولياتها تجاه إدارات الأندية.
خيارات المدرب تجعلنا ننتهي من مقولات سلبية كان المدربون يطلقونها على الدوام بأنهم لم يختاروا اللاعبين، ولم يجهزوا الفريق، أو أن الفريق ينقصه لاعب ارتكاز أو مهاجم، أو أن دكة الاحتياط خالية من اللاعبين المناسبين، لذلك سيكون المدرب مسؤولاً أمام الإدارة عن هذه الخيارات.
وهناك سلبية واضحة في اختيار اللاعبين حيث وجدنا أن الكثير من الأندية يتعاقد مع اللاعبين لموسم واحد فقط، وهذا الخطأ بعينه لأنها ستضطر إلى تغيير فريق بأكمله كل موسم وهذا التصرف لا يصنع كرة قدم، والمفترض أن يتم التعاقد لموسمين على الأقل.

الفريق الرديف
منذ عقود ونحن نخسر كل موسم كمّاً من اللاعبين الشباب الذين لا يجدون مكاناً بالفريق الأول لزحمة اللاعبين، لذلك نجد أن العديد من هؤلاء ينزحون نحو فرق الدرجات الأدنى التي لا تطور اللاعب أو يشبعون شغفهم الكروي بملاعب الأحياء الشعبية.
واقتراحنا يقتضي العناية بالمواهب الشابة وضم خمسة لاعبين على الأقل لفريق الرجال ليتم صقلهم وتطوير مهاراتهم، إضافة لتشكيل فريق رديف لفريق الرجال يكون عوناً للفريق الأول على مدى السنوات القادمة، وسبق لكرتنا أن خاضت مثل هذه التجربة في الثمانينيات وأظن عودتها اليوم ضرورية من أجل ضخ دماء جديدة بكرتنا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن