ما أهداف الإدارة الأميركية من زعزعة الاستقرار في منطقة الخليج؟ ما الذي يدفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إطلاق تصريحات متناقضة من تهديد بالحرب تارة إلى فتح باب الحوار غير المشروط تارة أخرى؟
يحاول ترامب بهذه الطريقة الوصول إلى أهداف معينة بدت جلية في تغريدته الأخيرة على تويتر منذ أيام عندما قال: إن «على الدول التي تستورد النفط من الخليج مثل اليابان والصين حماية سفنها، وأنه ليس على القوات الأميركية ضمان حرية الملاحة في المياه المحاذية للسواحل الإيرانية من دون مقابل كما كانت تفعله لسنوات طويلة، فمثلا 62 بالمئة من واردات النفط اليابانية تمر عبر الخليج والأمر ينطبق على الكثير من الدول».
إنه ابتزاز واضح للحلفاء، فاليابان مثلاً لا تملك جيشاً، لا حماية بعد اليوم من دون مقابل، و91 بالمئة من واردات الصين النفطية تأتي من منطقة الخليج، وهو أيضاً ابتزاز للصين في إطار المعركة التجارية المحتدمة منذ فترة.
يقوم ترامب بالضغط على إيران بفرض المزيد من العقوبات وبالتهديد بضربات عسكرية مباشرة ما قد يدفع إيران لإغلاق مضيق هرمز دفاعاً عن مصالحها، لكن ماذا تستفيد أميركا إذا تم إغلاق مضيق هرمز؟
قد يكون قول ترامب في تغريدته: إن «أميركا لا تبالي بتهديد إيران بإغلاق المضيق»، دليل واضح على رغبته في إغلاق طهران للمضيق لأنها الطريقة الوحيدة التي يستطيع فيها ترامب دعم سعر الدولار المتهاوي.
كنت قد شرحت في مقال سابق عن أهمية «البترودولار» في سد عجز الخزينة الأميركية، وكيف عمل الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون في بداية السبعينيات على ابتزاز العالم بالحصول على دولارات حقيقية منه تسهم في تغطية الدولار الورقي، عن طريق رفع سعر النفط أضعافاً مضاعفة كي يدفع المستهلكون في العالم كله زيادات في سعر النفط لمصلحة الخزينة الأميركية التي تسيطر على «أرامكو» السعودية وعلى نفط الخليج عموما.
اليوم تشعر أميركا بمشكلة في الحصول على الدولار الحقيقي، أي المغطى بقيمة حقيقية. الاستقراض من الدول الأخرى عبر بيع سندات الخزينة الأميركية لم يعد كافياً، لا بد من سيل جديد لدولارات حقيقية ناتجة عن ارتفاع كبير في سعر النفط، الطريق إلى ذلك هو إيذاء إيران حتى تضطر لإغلاق مضيق هرمز.
في نهاية تغريدته أكد ترامب أن «مصالح أميركا الإستراتيجية في منطقة الخليج محدودة، وأن لا حاجة لأميركا أن تكون موجودة في المنطقة وخاصة بعد أن أصبحت أكبر منتج للنفط في العالم».
يبدو أن ترامب لا يريد اتفاقاً نووياً جديداً وبشروط جديدة مع طهران فقط، بل يبدو أنه يريد فرض شروط جديدة حتى في علاقته مع حلفائه في المنطقة. وبما أن الكثير من الدول كاليابان ودول الخليج الحليفة لأميركا كالسعودية والإمارات تعتمد كلياً في حماية نفسها على واشنطن سيكون عليها أن تدفع أموالاً هائلة مقابلة هذه الحماية، فهل أصبحت أزمة الاتفاق النووي الإيراني وأزمة الخليج الجديدة وسيلة لتقوم أميركا بابتزاز حلفائها؟