ثقافة وفن

رصيد الوطن

| د. اسكندر لوقــا

رصيد أي وطن في العالم هو الإنسان، وأغلى ما في الإنسان هو شبابه، إنه بهذا يقارب غصن شجرة تعطي ثمرا في كل فصول السنة، دائم القدرة على التجدد. ولأن الشباب هو الأغلى بين شرائح الوطن، يزداد الأمل باعتباره ذخيرة الغد، ومن هنا كانت الرعاية التي يوليها أصحاب المسؤولية لهذه الفئة من هذه الشرائح وكانت مساعيهم كي يتجنب أفرادها خطر الانزلاق في طريق الخطأ والخطيئة.
إن رعاية الشباب لا تقل أهمية عن تحصين حدود الوطن تجاه أعدائه، بكل ما في وسعهم من القدرة على العطاء وإلى درجة التضحية، أحياناً، بما يقدرون على التضحية به لجهة المصلحة العامة. ومن المعروف أن الدول الشائخة، حسب علم الاجتماع، هي الدول المرشحة للانقراض أو الهزيمة إذا ما أخذت على حين غرّة ولم تستطع الدفاع عن نفسها، على حين الدول الشابة تكون الأقدر على استخدام وسائل هزم المعتدي والأكثر حظا في الاستمرار على درب البقاء. ولهذه الاعتبارات كثيراً ما يحذر علماء الاجتماع من خطر المجازفة بطاقات الشباب وتعريضها للهدر بلا طائل. وفي حال المجازفة يكون الوطن كمن يكتب على نفسه صكاً مالياً يصعب عليه تسديده مستقبلاً.
إن الشباب ثروة مهما كانت متواضعة تبق أفضل من عدم وجودها. وفي حالات كثيرة حين يقال ما معناه إن القمر يفتقد في الليالي المظلمة، تزداد الحاجة، أحياناً، إلى الشباب ليكونوا العائق بين الوطن وبين أطماع الطامعين فيه، وبالتالي تكون الغلبة لهم بغض النظر عن كمية ونوع السلاح المستخدم في صدّ العدو لأن اليد التي تحمل السلاح هي الأداة الفاعلة في ساعة المواجهة معه وليس غير ذلك.
ولأن الشباب إرادة فكلما أمكن الجمع بينه وبين المعرفة كان ذلك لمصلحة الوطن وتحديدا في الظروف التي تحيط به. وفي وطننا الذي يخوض حربا، في الزمن الراهن، على أعدائه الشرسين الآتين إلينا من كل أصقاع الأرض، تكمن أهمية تسليح الشباب بالمعرفة فضلا عن التنويه بأنهم إرادة وعزيمة وإيمان بل موقف لا يعرف الخطو نحو الوراء مهما بلغ حجم التضحيات وصولاً إلى يوم النصر على أعداء الوطن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن