قضايا وآراء

أغبياء وفاشلون حتى في بيع الأوطان

| أحمد ضيف الله

ذات مرة وقبل بضع سنين. في أحد ملاهي القاهرة ألقى أحد السياح الصهاينة علم إسرائيل على راقصة مصرية لترقص به. الراقصة التي تفاجأت بوجود إسرائيليين في صالة الملهى أمسكت بالعلم الإسرائيلي وداسته بقدميها، وغادرت مسرح الملهى، قاطعة وصلتها الراقصة.
طبيعي غضب شرفاء العرب وانتفاضتهم تجاه مسوقي صفقات بيع فلسطين وقدسهم. فمن الصعب تحمل مشاهد الذل والعار في العاصمة البحرينية. مشاهد تجول الوفود الإسرائيلية في مملكة آل خليفة وهم يشربون نخب ذلك انتصاراً. ومشاهد استقبال وزير خارجية آل خليفة الحار، وبفرح غامر وابتسامة بلهاء مراسل «قناة 13» الإسرائيلية، والقول: إنّ «إسرائيل دولة من دول الشرق الأوسط، وهي تمثل جزءاً من التراث التاريخي لهذه المنطقة، وللشعب اليهودي الحق أن يتواجد بيننا»، وأن لـ«إسرائيل حق الدفاع عن نفسها في مواجهة إيران» في سورية، فإيران «تمثّل التهديد المركزي في المنطقة»! مهاجماً الفلسطينيين لمقاطعتهم ورشة تآمره، لدرجة أن باراك رفيد مبعوث القناة الإسرائيلية الذي قابل وزير خارجية آل خليفة علق على المقابلة في تغريدة له على «تويتر»: «لاحظوا أنّ الذي يقول هذا الكلام، ليس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بل وزير خارجية البحرين».
وكما تظاهر الشرفاء العرب في كل مكان غضباً. عبر شباب عراقيون بشكل طبيعي وعفوي عن غضبهم مما يجري، ممثلين الإرادة العراقية في مواجهة الكيان الصهيوني وأعوانه بالمنطقة العربية، فتظاهروا مساء الـ27 من حزيران الفائت أمام مبنى سفارة البحرين في بغداد، وأنزلوا علمها، رافعين بدلاً عنه علم فلسطين، بعد أن أحرقوا الأعلام الإسرائيلية والأميركية وصور الرئيس الأميركي دونالد ترامب عراب صفقة القرن، قبل استسلامهم للسلطات الأمنية العراقية التي فرقتهم معتقلة 54 منهم من دون أي مقاومة، وهم يرفعون شارات النصر.
وفي موقف شجاع ومسؤول، اعتبر العراق أن «التعبير عن موقف تجاه قضية داخلية أو إقليمية أو دولية حق طبيعي»، معبراً عن أسفه «الشديد لقيام عدد من المتظاهرين بالتجاوز على مبنى سفارة البحرين»، مديناً اقتحامها، مؤكداً على «التزام العراق بأمن البعثات الدبلوماسيّة ومنها سفارة مملكة البحرين»، وكان العراق قبلاً قد امتنع رسمياً هو ولبنان عن المشاركة في حفل المزاد العلني لبيع فلسطين والقدس.
بالمقابل، كان وزير خارجية آل خليفة قد غرد رداً على بيان كان قد أصدره مقتدى الصدر في الـ27 من أيار الماضي تضمن رؤيته في تجنيب العراق من مخاطر «الصراع الإيراني مع الاتحاد الثنائي بين ترامب ونتنياهو، ذلك الاتحاد الذي أخذ على عاتقه تركيع الشعوب وتجويعها بأبشع الطرق وأذلها»، ما فهمه ابن آل خليفة تدخلاً بشؤون البحرين، قائلاً: «مقتدى يبدي قلقه من تزايد التدخلات في الشأن العراقي. وبدل أن يضع إصبعه على جرح العراق بتوجيه كلامه للنظام الإيراني الذي يسيطر على بلده، اختار طريق السلامة ووجه كلامه للبحرين، أعان الله العراق عليه وعلى أمثاله من الحمقى المتسلطين»، ما أدى إلى خروج تظاهرات شعبية غاضبة في معظم المحافظات العراقية، وأمام مبنى السفارة البحرينية ببغداد وقنصليتها في مدينة النجف، وإلى قيام العديد من القوى السياسية والنيابية العراقية بإصدار بيانات شاجبة بحق البحرين لـ«تطاولها» على مقتدى الصدر، معتبرة أن «الكلام الذي صدر من الثور البحريني مرفوض ومردود على أهله..»، مطالبين البحرين بـ«تقديم اعتذار رسمي»، ولم تعتذر.
لقد عبرت أغلب القوى السياسية والنيابية العراقية عن الموقف من صفقة القرن والمزاد العلني لبيع فلسطين والقدس في المنامة، بأنه «شيء غريب أن تصل الأمور إلى قبول ذلة الاعتداءات الصهيونية على مقدسات الأمة في فلسطين والجولان وعدوانها على سورية ولبنان والمقدسات الإسلامية»، مُدينة «الأنظمة والدول المشاركة في المؤتمر باعتبارها متواطئة وشريكة».
ماكنزي بيزوس الصحفية والروائية الأميركية، زوجة رجل الأعمال جيف بيزوس مؤسس موقع «أمازون»، أعلنت في الـ4 من نيسان الماضي، أنها وزوجها السابق جيف أنهيا إجراءات الطلاق، وبذلك ستحصل ماكنزي على نحو 36.6 مليار دولار على الفور، إضافة إلى أسهم مالية في صحيفة الـ«واشنطن بوست» الأميركية، و«بلو أوريجين» و«أمازون» وشركات أخرى ليصل ما يمكن أن تحصل عليه ماكنزي إلى نحو 68 مليار دولار. والسعودية وحكام الخليج يسمسرون على إنهاء القضية الفلسطينية بـ50 مليار دولار، 10 مليارات دولار لفلسطين على هيئة دعم مالي وقروض واستثمارات غير مؤكدة، والباقي يوزع على لبنان والأردن ومصر لقاء دعمهم صفقة القرن والضغط على الفلسطينيين للقبول بها، تسدد الولايات المتحدة من المبلغ المعلن نحو 20 بالمئة، والاتحاد الأوروبي 10 بالمئة، والـ70 بالمئة المتبقية تتكفل به دول الخليج العربي، على حين لا تدفع إسرائيل أي دولار.
سذج وأغبياء وفاشلون حتى في بيع الأوطان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن