من دفتر الوطن

شوارعنا!

| عصام داري

أينما نتجول في مدننا السورية، وخاصة في دمشق وحلب، نصطدم بأسماء شوارع تذكرنا بالعهد الاستعماري العثماني الذي جثم على صدور العرب والسوريين بشكل خاص أكثر من أربعمئة سنة.
وإذا كان مفهوماً وطبيعياً أن يطلق الولاة الأتراك العثمانيون أسماءهم على الشوارع والأسواق والحارات وهم في ظل الاستعمار العثماني، فمن غير الموضوعي والمنطقي أن نحتفظ بتلك الأسماء حتى يومنا هذا لتذكرنا بسنوات من الظلام والتخلف والاستعمار الذي أسهم في ابتعاد سورية عن سكة الحضارة والتقدم حتى سبقتها الشعوب والأمم.
فسوق «مدحت باشا» الذي أطلقه والي دمشق أحمد شفيق مدحت باشا على «الشارع المستقيم» أو الطريق المستقيم يعود تاريخه إلى القرن الأول قبل الميلاد، وقد جاءت التسمية لأن هذا الوالي أمر بتوسيع الشارع على حساب البيوت السكنية عام 1878، فأعلن الحق لنفسه ليغير تاريخ الشارع العريق وطمس حقيقته.
وللتذكير بالحقائق يجب ألا ننسى أن هذا الشارع الذي كان أطول شوارع دمشق القديمة (داخل السور) أطلق عليه بعض المؤرخين اسم شارع بولس الرسول الذي سار فيه وهو في طريق رحلته إلى أوروبا لنشر تعاليم السيد المسيح.
وكذلك الحال فيما يخص «سوق الحميدية» الذي سمي نسبة للسلطان العثماني عبد الحميد الأول، و«السنانية» وشارع «صلاح الدين بن قلاوون» وغيرها من التسميات العثمانية والألبانية، وحتى الغربية.
ولا أدري لماذا لا نطلق أسماء أعلام ومشاهير وحوادث تاريخية مفصلية على أسماء شوارعنا وساحاتنا، وفي تاريخنا القديم والحديث أسماء كثيرة تستحق أن نخلدها، ولنا تجربة مع شارع نزار قباني المتفرع عن شارع أبي رمانة.
ومعروف أن الرئيس الراحل حافظ الأسد كان له الفضل في إطلاق اسم شاعرنا على هذا الشارع، وكتب نزار قباني حينها ومن لندن يقول:
(وأخيراً شرفتني مدينة دمشق، بوضع اسمي على شارعٍ من أكثر شوارعها جمالاً، ونضارةً، وخضرة… هذا الشارعُ الذي أهدتهُ دمشق إليَّ، هو هديّة العمر، وهو أجملُ بيتٍ أمتلكه على تراب الجنّة…
ويشاء الرئيس حافظ الأسد أن يكون أول رئيس للشعر يحتضن هذا الفن الجميل، فيتبنى اقتراحاً نيابياً لتسمية أحد شوارع دمشق، باسم نزار قباني، الشاعر الذي طلع في تراب دمشق، وكان جزءاً من تاريخها الشعري والثقافي. ونقل بياض ياسمينها، وعبق تفَّاحِها، وأزهار مشمشها إلى كل زاويةٍ من زوايا الكرة الأرضية).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن