رياضة

خروج مصر والمغرب من كأس إفريقيا … مفاجأة كبيرة أم واقع حال أم وراء الأكمة؟

| خالد عرنوس

شكل خروج منتخبي مصر والمغرب من العرس الإفريقي صدمة كبيرة لعشاق الكرة العربية وأنصار المنتخبين الكبيرين على وجه الخصوص ولاسيما أنه جاء في وقت مبكر من البطولة قياساً إلى عدد المنتخبات المشاركة فيها وكذلك لأن منافسيهما من المنتخبات الصغيرة وخاصة أن المنتخبين حصدا العلامة الكاملة في الدور الأول، وإذا كان أسود الأطلس افتقدوا للحظ والتوفيق وخسروا بركلات الترجيح فإن أبناء الكنانة خسروا بالوقت الأصلي بعد عرض لم يرتق لمستوى فريق توقع له الخبراء استعادة التاج القاري.

فوارق كبيرة
يمكن القول بداية: إن عنصر المفاجأة كان حاضراً إذا ما قسنا الفارق بين المنتخبين العربيين ومنافسيهما تاريخاً وحاضراً فالفريق الجنوب إفريقي ورغم تتويجه باللقب مرة واحدة ولعبه دوراً كبيراً في البطولة الإفريقية نهاية التسعينيات وبلوغه المونديال مرتين متتاليتين إلا أنه لا يقارن بحال من الأحوال مع نظيره المصري بطل إفريقيا 7 مرات وأول من حضر المونديال من القارة السمراء، وقد تراجع منتخب الأولاد منذ حضوره مونديال 2002 وغاب عملياً عن كوكبة المقدمة في القارة السمراء حتى إنه أخفق بالتأهل إلى النهائيات في ثلاث مناسبات آخرها عن نسخة 2017، على حين المنتخب المصري تجاوز مرحلة الغياب عن العرس الأسمر بخوض نهائي تلك النسخة وكذلك عاد إلى المونديال الأخير.
وعلى الجهة الأخرى يعتبر منتخب بنين من المنتخبات الناشئة إفريقياً، إذ لم يسبق له تجاوز الدور الأول في ثلاث مشاركات سابقة كلها خلال الألفية الثالثة ويمكن تصنيفه ضمن الفرق الضعيفة وتأهله إلى النسخة الحالية جاء بفضل زيادة عدد المنتخبات، أما أسود الأطلس المغربي فهو بطل سابق وخاض النهائي مرة ثانية ورغم تراجعه إلا أنه أحد أكثر المنتخبات الإفريقية حضوراً بالمونديال ولا ننسى عودته إلى النسخة الأخيرة التي وضعته ضمن الصفوة الإفريقية مجدداً.

الضربة القوية
ينطبق المثل العامي على ما حدث مع المنتخبين العربيين العريقين فالضربة كانت قاصمة من فريقين ضعيفين، وخاصة أن المقدمات أوحت بتأهل سهل للمصريين والمغاربة بل إن الأغلبية الساحقة من الخبراء والمحبين حسدهما على قرعة الدور الثاني ولاسيما أن الفريقين تأهلا من الصدارة المثالية بثلاثة انتصارات وشباك نظيفة، وإن كان أصحاب الأرض لم يقنعوا من ناحية الأداء وأرجع البعض ذلك إلا أنهم لم يوضعوا تحت ضغط النتائج، في حين ظهر المغاربة بشكل أكثر تنظيماً وأداءً أعلى رغم عدم تسجيلهم الكثير من الأهداف فجاءت انتصاراتهم الثلاثة بالحد الأدنى مع كم لا بأس به من الفرص المهدرة في كل مباراة.
وهذا بالذات السبب الرئيس في خسارة الفريق المغربي حيث لم يقدر على افتتاح النتيجة وقبل هدفاً جعل اللاعبين يفقدون الكثير من التركيز وحتى عندما جاء التعادل لم يستطيعوا حسم الأمر من دون اللجوء إلى التمديد ومن ثم الركون إلى ركلات الترجيح، أما المنتخب المصري فقد تاه لاعبوه عن مرمى الأولاد وقبلوا التهديد الدائم لمرمى محمد الشناوي ولولا تألق الأخير لكان للنتيجة كلام آخر.

أسباب ومقدمات
بالطبع لم تكن الأجواء مثالية بالكامل بين لاعبي المنتخبين، ففي معسكر الفراعنة كان هناك أحاديث كثيرة عن المدرب أغيري الذي خضع لضغوطات معينة على صعيد انتقاء اللاعبين وأبعد عدداً من النجوم الذين يستحقون الحضور لحساب آخرين وقد ربطت بعض التقارير هذا الأمر بوكيله الذي يعدّ وكيلاً لعدد من اللاعبين الذين كانوا ضمن التشكيلة النهائية وأثار تراجع مستوى بعض هؤلاء تساؤلات كثيرة كعبد اللـه السعيد وأحمد حسن كوكا ومروان محسن ومحمد النني وهذا الأخير يبدو مستواه الأكثر غرابة على اعتبار أنه لم يخض الكثير من المباريات هذا الموسم ويفترض أنه أكثر جاهزية من رفاقه الذين لعبوا ضعف ما ظهر به من المباريات.
من جهة أخرى فقد أثيرت تساؤلات أخرى حول أزمة عمرو وردة الذي أبعد من المنتخب على خلفية أزمة أخلاقية بعد ضجة كبيرة استدعت هجوماً كبيراً من الطيف الأكبر للجمهور المصري وتأييداً لقرار الإبعاد قبل أن يعود الجهاز الفني للمنتخب ومن ورائه الاتحاد المصري عن القرار بعفو سريع والاكتفاء بعقوبة الإيقاف حتى نهاية الدور الأول وبالتالي شارك (وردة) في المباراة الحاسمة بديلاً (قرابة 25 دقيقة) ولم يظهر بالشكل المطلوب.

أزمة حمد الله
هو لاعب المنتخب المغربي ونادي النصر السعودي واسمه الكامل عبد الرزاق حمد اللـه وعمره 29 عاماً ولم يظهر كثيراً مع الليوث رغم بدايته الدولية المبكرة في العشرين من عمره، إلا أن تألقه الكبير مع ناديه هذا الموسم (سجل 45 هدفاً في 34 مباراة مع النصر في كل المسابقات) أجبر المدرب رينار على دعوته إلا أن ذلك لم يرق للبعض وخاصة من المحترفين في أوروبا وربما لعبت الغيرة دورها خاصة مع اللاعب فيصل فجر وظهر ذلك جلياً في مباراة ودية عندما منع لاعب كان الفرنسي زميله من تسديد ركلة جزاء ورغم ذلك لم يظهر رينار أي ردة فعل بل ساند فجر وبين ليلة وضحاها أعلن الجهاز الإداري للمنتخب إبعاد حمد اللـه بداعي الإصابة رغم المساندة الجماهيرية القوية له في المباراة الودية الأخيرة أمام زامبيا وعدم ظهور الإصابة علناً، وهنا يمكن تفسير ادعاء الإصابة لتمكين المدرب من استدعاء لاعب بديل وكان أيضاً تبريراً منطقياً لامتصاص ردة فعل الأنصار، وخرج حمد اللـه بتصريح وحيد: خرجت من المنتخب ليعم الهدوء داخل معسكره.

أمور أخرى
إذاً لم تكن الأجواء مثالية داخل المعسكرين وقد تم نسيانها مع الانتصارات المتتالية للفريقين مع التأكيد أن الحال لم يكن مبشراً على الصعيد الفني للمنتخب المصري الذي لم يقدم ذاك المستوى الذي يليق بفريق حل وصيفاً في النسخة الأخيرة باللاعبين ذاتهم تقريباً وبفريق يضم محمد صلاح النجم الذي كان من الممكن أن ينافس بشراسة على لقب الأفضل ليس في إفريقيا بل في العالم أجمع، وقد أثار صلاح بعض الإشارات حول مستواه في البطولة، حيث لم يكن في الفورمة رغم تسجيله هدفين جميلين بمهارته المعهودة لكنه للأسف لم يلعب دور القائد فعلاً على أرض الملعب وهو النجم الأعلى الذي يجب ألا يقتصر على صناعة اللعب لرفاقه ومحاولات التسجيل، بل يتعدى ذلك لأن تأثيره كبير على زملائه، ويمكن إيجاد العذر لنجم ليفربول بأن نوعية اللاعبين في النادي الإنكليزي غيرها في المنتخب المصري ولذلك فهو لم يظهر كل إمكانياته مع الأخير.

رينار وأغيري
هما من أسباب الإخفاق رغم نوعية اللاعبين الأفضل في الفريق المغربي قياساً إلى ما قدمه الفريقان وإذا كان المدرب المكسيكي لم يفلح في قراءة الكرة الإفريقية جيداً ولم يبدع خلال المباريات والدليل تراجع مستوى الأداء وخاصة في الأشواط الثانية وفشله بالتبديلات المناسبة كما حدث في المباراة الأخيرة عندما أخرج النني والسعيد ليفتح الطريق أمام المنافسين للسيطرة على وسط الملعب وتاه الفريق تماماً فكانت الخسارة المستحقة.
أما رينار الخبير بأحوال القارة السمراء فقد أخفق على ما يبدو في إيجاد التوليفة المناسبة وخاصة في الخط الأمامي الذي لم يفلح بالتسجيل سوى أربعة أهداف (أحدها بالنيران الصديقة) من كم هائل من الفرص (أكثر من 60 فرصة سانحة في المباريات الأربع)، ولا ننسى الإصرار على عدم إشراك اللاعب الأفضل سفيان بوفال إلا بديلاً وكذلك إخفاق زياش بإثبات نجوميته وتراجع عدد آخر من اللاعبين وكذلك الحظ السيئ في بعض الأحيان، فالهدف الوحيد الذي كان سبباً بخروج الفريق جاء من ركلة ركنية وليس من فرصة حقيقية للتسجيل.
انتهى المولد وخرجت مصر والمغرب بلا حمص وجاء قرار الاتحاد المصري بإقالة أغيري امتصاصاً لغضب الشارع وللسبب ذاته جاءت استقالة رئيس الاتحاد وبعض أعضائه، وعلى الضفة الأخرى قد يكون التضحية برينار حلاً مبدئياً إلا أن الأمور حسب اعتقادنا تحتاج لأكثر من ذلك إذا أراد الفريقان العودة السريعة وبلوغ المونديال.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن