ثقافة وفن

عندما يتعدى شخص حدود الاحترام في العمل أغادر فوراً … سومر ديب لـ«الوطن»: كثيراً ما يمرّ الفنان بهفوات وخيارات خاطئة

| أحمد محمد السّح

تفيض الشاشات اليوم بالوجوه الشابة التي حملت أحلامها لتقديم نفسها في عالم الفن، وسومر ديب «السلمية 1991» واحدٌ من المواهب الشابة التي تسعى للاجتهاد في عملها، فبقدر محافظته على المظهر الشبابي اللائق، تسمع منه كلاماً في لبّ اختصاصه ناجماً عن قراءته المكثفة وحرصه ألا يترك الكتاب يده، حاملاً معه رغبته بأن يتشرب المعارف والخبرات من الناس والكتاب، بروح هادئة ونظرة صافية لأنه يعرف تماماً ما يريده من مشروعه الفني. وبسبب هذا الاختلاف وهذه الثقة كان لـ«الوطن» مع هذا الحوار:

من يتابع حواراتك في الإعلام يكتشف صراحتك في قول رأيك بوضوح تجاه ما قدمته من أعمال، ألا تخاف من هذه الصراحة؟
أنا لا أحاسب نفسي على صراحتي أبداً ، فأنا أعمد إلى تقييم نفسي لأنني أعرف تماماً ما أفعله وعندما يكون عملي غير جيد لا يمكن أن أقنع الجمهور قبل نفسي بجودة ما قدمته، فكثيراً ما يمر الفنان بهفوات وخيارات غير صحيحة، وقد خرجت إلى الإعلام وقلت إنني غير راضٍ عن أدائي في أحد الأعمال، وهي شجاعة أن اعترف بما أقترفه من أخطاء لأستدركها في المستقبل.

أنت لست من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية، فهل سبّب ذلك حساسيةً تجاهك في الوسط الفني؟
لا لم أتعرض لأي نوع من الانتقادات لأنني مسرحي أساساً، وعندما بدأت العمل في التلفزيون كان الوسط الفني يعرف ما أنجزته من قبل، فأنا تقدمت إلى المعهد العالي ووصلت إلى مرحلة ورشة العمل (وورك شوب)، ولكن حصل موقف معي دفعني لترك هذا المكان وإيجاد بديل للمعهد، فدرست عند دكاترة المعهد العالي ولكن في معاهد خاصة، ثم تابعت الدراسة في الإمارات وبقيت هناك لمدة سنتين.

في إجابتك السابقة اعتراف بأنك شخص يتخلى عن أي مكان مهما بلغت أهميته نتيجة موقف!
أنا شخص أعرف وجهتي وأهدافي في كل حياتي، وحين أتعرض لموقف لا يشبه هذه الأهداف أغادر بشكل مباشر، وقد حدث معي في مسلسل من قبل، لا أريد أن أسميه، حيث تركت التصوير بسبب موقف، فعندما يتعدى أي شخص حدود الاحترام لا أساير، وأمضي بعيداً من دون أن ألتفت إلى الوراء.

بدأت مسرحياً كما ذكرت، فما شروطك للعمل في المسرح اليوم؟
بدأت التجربة المسرحية مصادفة في عمر الثالثة عشرة واشتغلت في المسرح التجريبي، وبعدها أخذت دور راقص تعبيري أساسي، في مهرجان حماة المسرحي، وتابعت ممثلاً أساسياً في عرض مسرحي، حيث تدربت على أيدي أشخاص يتقدمون علي في العمر والتجربة، فكأنني شربت تجارب الآخرين، وهذا العرض انتقل إلى معظم المحافظات السورية. ونلت جائزةً عليه. وكان هذا يدفعني إلى دراسة ثقافية كبيرة في سن صغيرة. فالمسرح يعيش في داخلي، ثم جاءت العروض للتلفزيون، ولكني اليوم لم أحظَ بظروف مسرحية جيدة، وأنا مستعد للعمل المسرحي ضمن ظروف سليمة لأستطيع أن أصعد الخشبة وأخرج كل شغفي الذي أخبئه في داخلي.

في زمن السوشيال ميديا يعتمد الممثلون والممثلات على أشكالهم أكثر من أدواتهم الفنية، ولكن من خلال مفرداتك يتضح أنك ذو ثقافة عالية، فكيف تستطيع التمايز في أدائك ضمن الزحام اليوم؟
إن موضوع المظهر الخارجي مطلوب اليوم وهذا لا تطالب فيها شركات الإنتاج فقط، إنما الجمهور أيضاً، ولكن يجب إحداث التوازن بين الشكل وتقنيات العمل الفني للتمثيل، والسوشيال ميديا تفيض بالوسيمين لكنه ليس أساسياً رغم أهميته، فحتى تترك بصمتك الفنية عليك أن تبحث عن تقنيات موازية غير الشكل، فمهما كنت جميلاً فالجمهور سينساك إن لم يكن لك أداؤك الفني الخاص، فمن يرد منك مادة فنية قيّمة فسيطالبك بعملك لا بشكلك فقط، وأنا من المؤكد يخيفني أن يتم تأطيري في شخصية الممثل الوسيم فحسب وهذا يزعجني من الأشخاص ضمن المجال أكثر منه عند الجمهور.
وأنا هذا العام يمكن أن أقول لا أعمل إذا ما تكررت الشخصيات التي لعبتها، لأنني أبحث عن الاختلاف في بصمتي الفنية.

أنت من الجيل الذي تأثر بالسنوات الذهبية في الدراما، ولكنك دخلت التمثيل في سنوات انتكاسة الدراما السورية، هل جعلك هذا الأمر تفكر بغير اتجاه في العمل؟
بالتأكيد، فبعد العملين الأول والثاني، وحين تدرس الأمر كحياة ومهنة ، ضمن محاولة البحث عن خط مختلف يصبح الأمر أكثر تعقيداً، فبعد مسلسل «صدر الباز» اعتذرت عن كل الأعمال لأنتظر دوراً ملائماً وبالمستوى نفسه، حيث رفضت ستة أعمال تلفزيونية، فأنا قررت أن أختار خطاً لنفسي ضمن زحمة الوجوه الجديدة، لأستطيع أن أحقق حلمي خطوة بخطوة.

ثمة ممثلون محترفون ذهبوا إلى الدوبلاج أثناء الأزمة، وأنت تملك صوتاً مميزاً فهل فكرت به كمصدر عيش مثلاً؟
فكرت فيه بالتأكيد ولكن ما منعني أنني خفت من الـتأثر، فكثيرون دخلوا هذه المخاطرة ولم يستطيعوا الخروج منها، وما دفعني للتراجع أنني خفت من عدم قدرتي على الفصل بين تقنيات الفنين، فالدوبلاج فن يستهلك الكثير من جهدك، ويحدث أن تنقل روح الدوبلاج إلى التلفاز. والدوبلاج عمل يومي ولساعات طويلة ولكنه عمل مختلف، مع أن نجوماً احترفوا الدوبلاج وابتعدوا عن أي نوع فني آخر، إلا أن خياراتي مختلفة. بالنسبة للصوت فقد عملت مع إذاعة دمشق وقدمت لي روحاً خاصة، فإستديو التسجيل فيه روح أصالة خاصة، وكنت مع المخرج «حسن حناوي»، ولكنني لم أتابع لأن تركيزي ليس على تقنية الصوت فقط إنما كل التقنيات التعبيرية للممثل.

في مشاهدك التلفزيونية تركز على استخدام تعابير وجهك، وهذه من تقنيات السينما، فأين أنت من بوابة الفن السابع؟
أنا شخص يعتمد على تعابير وجهه من دون الكثير من المبالغة في الأداء، فنظرة العين قادرة على إيصال كل التفاصيل، وهو أسلوب سينمائي وهذا صحيح، وأنا أحب السينما وأطمح إليها، ففي أدائي أعتمد بساطة الأداء الذي يصل إلى الجمهور من دون مزايدات، أنتظر الظروف الصحيحة في السينما، فالوجوه السينمائية هنا مكرسة ومعروفة وما من مغامرة بانتقاء وجوه شابة لبطولات مطلقة مثلاً، وقد أكون غير جيّد في تسويق نفسي للاشتغال على السينما، فعدد الأفلام قليل في سورية ولا يمكن أن تضم الجميع.

البيئة التي جئت منها بيئة مثقفة ولكنها بسيطة، كم كان صعباً اختيار المجال الفني الذي يخشاه الأهل عادةً؟
دعمني أهلي في البداية ولكنهم اعترضوا لاحقاً، حين قررت الاحتراف كانوا يفضلون خياراً جامعياً أكاديمياً. ولكنني حين قررت، غامرت وخاطرت وتحملت الكثير من القسوة في الظروف، فكانوا سندي وهم اليوم فخورون بي ومعي في كل خطوة، ويريدون مني الاستمرار لأن التمثيل شغفي وحلم حياتي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن