سورية

إدارة أوباما حصرت التعامل مع روسيا بالجانب الدبلوماسي ورحبت بدورها البناء من ضمن «التحالف الدولي» … موسكو تقدم مطالعة قوية ضد تحالف واشنطن: إنجازاته متواضعة لغاية وزاد تجنيد داعش بين السكان .. جنرال روسي: لا خطط لإنشاء قاعدة جوية في سورية

قدمت روسيا أمس أقوى مطالعة لها ضد التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي في كل من سورية والعراق، واصفةً إنجازاته بـ«المتواضعة للغاية»، مشيرةً إلى تناقض سلوك الدول المنضوية تحت لواء التحالف إذ من جهة توجه الضربات الجوية لداعش، ومن جهة ثانية تمول وتسلح من يقاتل الجيش السوري القوة الرئيسية التي تواجه التنظيم الإرهابي، وطلبت تشكيل جبهة متحدة لمكافحة الإرهاب.
وبينما نفت الأركان الروسية وجود خطط لإنشاء قاعدة جوية في سورية، من دون أن تستبعد هذا الخيار مستقبلاً، أعلن مجلس الدوما الروسي عن مواصلة تقديم المساعدة لسورية، في تأكيد رفض روسيا الخضوع للضغوط الأميركية، التي غرضها ثني موسكو عن مساعدة دمشق، بحجة أنه قد يؤدي إلى «تأجيج النزاع وإطالة أمده».
في المقابل رفضت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تشكيل حلف جديد وحثت روسيا على لعب دور بناء من ضمن التحالف الذي تقوده. وكي تزيد الضغط على روسيا، رفضت واشنطن فتح قنوات الحوار بين العسكريين في البلدين، وحصرتها بوزارتي خارجية البلدين، وذلك على حين يصل رئيس الورزاء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى موسكو «لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن الانتشار العسكري الروسي المتزايد في سورية».
في موسكو قالت وزارة الخارجية الروسية: إن التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش، والذي أسس من دون موافقة مجلس الأمن الدولي، لم يحقق ما يذكر. وأشارت في بيان لها إلى أن دول التحالف تعمل في أراضي العراق على أساس طلب الحكومة العراقية، لكن في سورية من دون أي تنسيق مع حكومتها الشرعية، فضلاً عن أن عدداً من دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة لا تزال تمول وتسلح المعارضة المسلحة التي تقاتل الجيش السوري وهو القوة الرئيسية التي تواجه داعش.
وإذ لفتت إلى أن التحالف وجه أكثر من 5 آلاف ضربة جوية ودمر 7655 هدفاً وأجرى عدداً من عمليات خاصة، تساءلت ساخرةً: «ما النتائج التي حصلنا عليها من إرسالنا لهذه المنطقة قوات عسكرية من تلك الدول المغرمة جداً بإحصاء عدد الطلعات الجوية الأجنبية؟»، قبل أن تجيب: إنها إنجازات تبدو «متواضعة للغاية»، لافتة في المقابل، إلى أن غارات التحالف وسقوط الضحايا بين المدنيين أدت إلى تنامي استياء سكان محليين، ما أدى إلى زيادة عدد المتعاطفين مع داعش بين السكان في المناطق الخاضعة للتنظيم.
وجددت الوزارة دعوتها إلى توحيد الجهود في مجال مكافحة الإرهاب على أساس القانون الدولي وتحت إشراف مجلس الأمن.
في سياق متصل أكد نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أن الخطر الأمني الرئيسي في العالم يتمثل في النشاط الإرهابي بالعراق وسورية، داعياً إلى بدء حوار واسع لتشكيل تحالف لمكافحة الإرهاب يوحد جهود جميع القوى التي ترى خطراً جدياً فيما يحدث في المنطقة وترى كيف يحاول داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية التوسع.
وأشار إلى الوسائل الهمجية التي يستعملها الإرهابيون، بما في ذلك تدمير التراث التاريخي، منوهاً بأنها تتطلب اتخاذ إجراءات حازمة، ومؤكداً استعداد موسكو للمشاركة في ذلك. كما لفت الدبلوماسي الروسي إلى أن بلاده ستعقد اجتماعاً وزارياً خاصاً في مجلس الأمن الدولي يوم 30 أيلول لمناقشة الصراعات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا «في إطار جهود التصدي لخطر الإرهاب».
بدوره أكد رئيس مجلس النواب الروسي سيرجي ناريشكين، أن بلاده كانت وما زالت تقوم بتصدير الأسلحة للقوات الحكومية في سورية، قائلاً: «فعلنا وسنفعل ذلك وفقا لقواعد القانون الدولي»، على حين نفى نائب رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الروسي نيقولاي بوغدانوفسكي مزاعم أميركية عن عزم بلاده نشر قاعدة جوية في سورية، وقال: «في الوقت الراهن، ليس لدينا مثل هذه الخطط»، واستطرد قائلاً: «لكن كل شيء ممكن».
وفي ثالث اتصال هاتفي يجريه مع نظيره الروسي خلال هذا الشهر، أبلغ وزير الخارجية الأميركي جون كيري سيرغي لافروف «بشكل واضح أن استمرار دعم روسيا للرئيس الأسد يمكن أن يؤدي إلى تأجيج النزاع وإطالة أمده وتقويض هدفنا المشترك المتمثل في مكافحة التطرف».
وأوضحت وزارة الخارجية الأميركية أن كيري «أكد أنه ليس هناك حل عسكري للنزاع الشامل في سورية، الذي لا يمكن حله إلا بانتقال سياسي من دون (الرئيس) الأسد»، كما جدد تأكيد «التزام الولايات المتحدة بمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية مع تحالف مكون من أكثر من 60 دولة لا يمكن لـ(الرئيس) الأسد أبداً أن يكون عضواً ذا مصداقية فيه».
كما أكد أن الولايات المتحدة «سترحب بدور بناء تلعبه روسيا في الجهود لمحاربة» تنظيم الدولة الإسلامية.
بدورها أوضحت وزارة الخارجية الروسية أن لافروف أكد الحاجة إلى تشكيل جبهة متحدة لمحاربة الجماعات الإرهابية في سورية.
إلا أن المتحدث باسم البيت الأبيض جوشوا ايرنست اعتبر بأنه «ليست هناك حاجة إلى إنشاء تحالف آخر لضرب تنظيم «داعش» مع وجود تحالف يضم أكثر من 60 دولة بالفعل»، وأضاف: «ما نفضله هو أن نرى الروس يتواصلون بطريقة بناءة بشكل أكبر مع الائتلاف».
وعلى الرغم من قلق واشنطن من وجود عسكري لروسيا داخل سورية، حصرت الولايات المتحدة التواصل مع روسيا حالياً بالشق الدبلوماسي أكثر من المحادثات بين المسؤولين العسكريين. وقال مسؤول كبير بإدارة أوباما: «إذا اعتقدنا أن المحادثات بين العسكريين ستكون مفيدة فإننا لن نتردد. في الوقت الحالي القنوات الدبلوماسية تتيح الفرصة الأفضل لتواصل بناء».
وقالت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»: إن وزير الدفاع آشتون كارتر لم يتحدث مع نظيره الروسي منذ أن تولى منصبه على رأس البنتاغون قبل سبعة أشهر وليس لديه أي خطط لأن يفعل. وقال مكتب رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي: إنه أيضاً لم يجر أي مناقشات مع نظيره الروسي منذ تموز 2014.
وأبلغ بيتر كوك المتحدث باسم البنتاغون الصحفيين: «حالياً فإن الوزير كيري يقوم بالدور القيادي فيما يتعلق بالمناقشات مع روسيا. ونحن سنترك ذلك كما هو».
في الغضون أعلن الكرملين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيزور روسيا الأسبوع المقبل لإجراء محادثات مع بوتين.
وأوضح مسؤول إسرائيلي أن نتنياهو «سيعرض المخاطر التي تهدد إسرائيل نتيجة التدفق المتزايد للأسلحة المتطورة على الساحة السورية ونقل أسلحة فتاكة إلى حزب اللـه وجماعات إرهابية أخرى».
(روسيا اليوم – رويترز – سبوتنيك – أ ش أ – أ ف ب)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن