اقتصاد

قائمة الـ45

| علي محمود هاشم

ها قد أنهينا الخطوة الأسهل بعد وضع قائمة السلع القابلة للإبدال محلياً للتخفيف من «وزنها النسبي» في قائمة المستوردات، ولم يبق أمامنا سوى تلك السلسلة الطويلة والمعقدة من البيروقراطية اللازمة لتوفير البنى اللوجستية والتمويلات، لوضع المبادرة حيز التنفيذ!
لا يجدر بالاقتصاد الوطني أن يشعر بالقنوط وهو يرقب الأشهر التسعة التي أنفقتها «وزارته» على إنجاز مهمة سهلة للغاية كـ«وضع قائمة» السلع التي يمكن إنتاجها محلياً، إحلالاً للمستورد منها، إذ لو حالفنا الحظ قليلاً خلال السنوات العشر القادمة، وهي، بالقياس الموضوعي، المدة المتوقعة لاستكمال المتطلبات الضرورية لحقن تلك السلع في أسواقنا، فقد لا نحتاج إلى هذه المبادرة أصلاً، وخاصة إذا ما قضى الغرب نحبه جراء الضجر، انتظاراً لاستجابة إنتاجية ما مع الحصار الخانق الذي يفرضه على اقتصادنا، لكن، ماذا لو بقي الغرب حيّاً خلال تلك المدة؟
«إحلال المستوردات»، هذه المبادرة التي أطلقتها الحكومة نهاية العام الماضي، تطورت بطريقة «الزحف» من قائمة تحوي 20 سلعة مرشحة للإبدال إلى 45 وفقط، ورغم قتامة هذا الإنجاز، فليس أمام اقتصادنا سوى هذا النوع من «القش» ليتعلق به!
بطبيعة الحال، ولأن اقتصادنا لم يعد قادراً على مجاراة زحف خططنا الخاصة لـ«اقتصاد الحرب» ثمة حاجة ملحة إلى برنامج زمني واضح قابل القياس لجعل مبادرة البدائل الـ45 واقعاً قريباً يختزن بعداً مصيرياً في سياق الإصلاح الهيكلي للتفلّت الرهيب في ميزاننا التجاري، ولتلطيف حصة الطلب الداخلي من التجارة الخارجية، إلى جانب دعم التشغيل بحدود مقبولة تدفع الطلب الفعال من عنق الركود، وقد تبدد –تالياً- الإحجام النفسي عن الاستثمار المحلي.
إذاً من قد يضع ذلك البرنامج الزمني؟
إذا استمرأ وزير الاقتصاد فكرة «المهام الجليلة» فهذه فرصته المؤكدة لتسجيل حضوره التاريخي في التصدي للحرب الاقتصادية، وإذا ما قبل هذا التحدي، فلربما يجد للحكومة منفذاً مناسباً لتفريغ نزوعها الجارف نحو إنفاق الـ40 مليار ليرة التي خصصتها لدعم إقراض «المستثمرين الجادين»، ويضع حداً لحرج البيانات المتضاربة «الموجّهة» التي يصدرها المصرف الصناعي حول كتلة تمويلاته الإنتاجية، لا بل، وما إن يُطعّم قائمة الـ«45» ببعض السلع المتاحة والقادرة على اصطناع سلاسل قيمة، فلربما يؤسس لتحقيق مبادرته السابقة في تنمية قطاع تصديري تلوح أسواقه في الأفق مع تزايد إصرار العبور إلى العراق من خلال المعابر المشتركة.
إن فعل، فحينها قد تصحّ تسميته بـ«رجل اقتصاد الحرب».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن