ثقافة وفن

لماذا تحجب أسماء المبدعين؟

| د. رحيم هادي الشمخي

المبدعون هم أكثر الناس دعوة إلى الحرية، من خلال كتاباتهم ومقولاتهم عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولكن الواقع الذي يمارسونه –ونعيشه الآن- يقول عكس ذلك، فالكثيرون منهم يمارسون ديكتاتورية بشكل يتواءم مع سيكولوجيتهم، وثقافتهم وخوفهم من الآخر، الكل ينفي الكل، هذا ما نراه في الساحة الأدبية السورية، حيث لا مكان إلا لنفر معروف يخرج كل يوم بقصيدته الشعرية من على المنابر أو يكتب مقالاً في هذه الجريدة أو تلك، أما المبدعون الباقون فلن يصيبهم إلا ما كتب اللـه لهم.
هنا في المؤسسات الثقافية والأدبية، ويا للأسف، نسمع مباريات كلامية لا تتناسب مع الكاتب المبدع أو الشاعر المبدع، الكل فيها يتهم الكل، هذا ليس شاعراً، وذاك لا يساوي شيئاً في عالم الكتابة، وأنا فقط الفنان، والكاتب والمبدع والمبهر والمحدث والمعبر والمغير والخلاق والمضيف والمجدد والخارق… ما يحدث في عالم السياسة، يمارسه المبدعون بشكل متطابق، وهم من المفروض، ضمير الوطن والأمة، المعبر والصادق، فلابدّ أن نلتفت إلى تعدد المواهب الإبداعية، فلا نعتمد على روائي واحد، وما عداه لا شيء، وناقد واحد وما عداه لا شيء، وحول قاص واحد وما عداه لا شيء، وشاعر واحد وما عداه لا شيء، وكاتب مسرحي واحد وما عداه لا شيء… وهكذا، وما يحدث الآن في الساحة الثقافية والأدبية هو نفي (الأنا) (الآخر) والعكس، وهذا النفي، وتلك الديكتاتورية يصدران عن أسماء كبيرة وصغيرة معاً، الأمر الذي لم يدخل في دائرة التنافس الشريف، وما يقوله المبدعون ويكتبونه على النقيض تماماً مما يتداولونه سراً وعلانية.
لمصلحة الثقافة والإبداع، أن يكون هناك آلاف من المبدعين في كل فنون الكتابة والقول، والزمن وحده سيصفّي ويفرز الخلاقين والمتفردين وأصحاب المواهب الكبيرة، وكذا النقد الجاد والمستنير، سيواكب الكتابة الخاصة المختلفة بعيداً من الأفكار والمجاملة واتقاء الشر، نحن ضد عبادة الفرد، وهيمنة الشاعر والكاتب الأوحد، وأنا لا أريد أن أسمي أسماء هنا، لأن الوسط الثقافي والأدبي يعرف كل شيء، ولكن النفي الخفي، والديكتاتورية المغلقة بشفافية المبدعين تحجب الأسماء الجديدة لكي تظل أسماء بعينها تحكم وتتحكم، وتبقى في كادر الصورة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن