ثقافة وفن

غالينوس العرب وأبو الطب العربي … الطب كان متفرقاً فجمعه الرازي

في العدد الثالث والثلاثين من «سلسلة أعلام لليافعة» الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب، يروي
د. عمار محمد النهار في كتابه «الرازي أبو الطب العربي» سيرة هذا العالم الذي ضحى ببصره في سبيل اكتشافات قدمها للإنسانية والذي يعد أول طبيب استخدم الكيمياء في الطب، وأول طبيب تحدث عن موانع الحمل، وأول من كتب في تشخيص الأمراض وطرق علاجها، وكذلك مضادات الجراثيم، وعلاج الأمراض النفسية وهو الذي قال عنه كبار علماء الغرب: «إن الطب كان متفرقاً فجمعه الرازي».
وزع الكاتب مؤلفه إلى أربعة فصول بدأها بالتعريف بالرازي، ثم الحديث عن إبداعاته وإنجازاته العالمية، أما الفصل الثالث فعنونه «الرازي ونهج البحث العلمي السليم»، والرابع يتحدث عن مؤلفاته.
يعد الرازي أحد أهم علماء الطب العربي الإسلامي والعالمي، ولم يكن عالماً فقط، بل كان إنساناً خلوقاً واشتهر بالكرم والسخاء، وكان بارّاً بأصدقائه ومعارفه، عطوفاً على الفقراء، وخاصة المرضى، فكان ينفق عليهم من ماله الخاص ويجري لهم أحياناً الرواتب الثابتة.
ومن شدة حرصه على الأخلاق الحميدة ألف كتاباً خاصاً سماه «أخلاق الطبيب» شرح فيه العلاقة الإنسانية بين الطبيب والمريض، وبين الطبيب والطبيب، وضمنّه كذلك بعض النصائح للمرضى في تعاملهم مع الأطباء.

غالينوس العرب
أبو بكر محمد بن زكريا الرازي، المعروف عند الغربيين باسم رازيس، ولد في مدينة الري عام 864 م أو 865 وتوفي عام 925 وقيل 923 و932م.
عمل في بداية حياته بالصرافة وكان يحب الموسيقا وينظم الشعر في صغره، والغريب أنه لم يُقبل على دراسة العلوم الطبية إلا بعد سن الأربعين، وتتلمذ على يد الطبيب علي بن زين الطبري صاحب أول موسوعة طبية عالمية وهي «فردوس الحكمة»، وتعلم الفلسفة على يد البلخي فأتقن مهنة الطب وعرف أوضاعها وقوانينها، وأصبح مرجعاً أساسياً لمعظم الحالات المرضية الصعبة والمستعصية لذلك منح لقب غالينوس العرب.
تسلم رئاسة مستشفى الري، ورئاسة البيمارستان العضدي في بغداد، وكف بصره في أواخر حياته بعد أن سخّر علمه بالطب في سبيل الإنسانية وبسبب عكوفه على تجاربه الكيميائية في معمله، كما كان يكثر من القراءات ليلاً على ضوء السراج وخاصة عند النوم.

كل الأمراض
لم يترك الرازي أياً من أجزاء الجسم إلا درسه ووصفه وشخّص أمراضه، وقدم له العلاجات المناسبة، إذ امتازت مؤلفاته بتناول الأعضاء أو الأمراض من الرأس إلى القدم.
فللرازي إنجازات كثيرة، وزعها الكاتب على سبعة أجزاء هي: الأمراض النفسية، والكيمياء الطبية، وموانع الحمل، ومضاد الجراثيم، وكشف الأمراض وعلاجاتها، والشك العلمي، وأوائل وأسبقيات أخرى.
ويعود له الدور والفضل العظيمان في تقدم الكيمياء حين أولى علم الكيمياء عناية عظيمة، فهو أول طبيب استخدم الكيمياء في الطب، وذكر أن شفاء المريض بفعل الأدوية إنما هو نتيجة لإثارة تفاعل كيميائي في جسم المريض.
حضّر الرازي الكحول بتقطير المواد النشوية والسكرية المتخمرة، وحضّر الجبس من حرق كبريتات الكالسيوم المائية واستخدمه في تجبير العظام بعد مزجه بالبيض، وهو أول من صنع مراهم الزئبق واستخدمها مليّنات، وهو أول طبيب فرّق بين مرضي الجدري والحصبة، واشتهر بالطب السريري والمداواة النفسية والفلسفة الاجتماعية، وهو أول من كشف مرض البول السكري، وهو من الأوائل الذين درسوا ظاهرة انتقال بعض الأمراض بالوراثة، واعتمد بالاستعانة بإجراء التحاليل المخبرية في تشخيص المرض.

مؤلفاته
يذكر الكاتب أشهر مؤلفات الرازي ذات الصفة العلمية، ومنها: «الحاوي في الطب»، و«المنصوري في التشريح»، و«الجدري والحصبة»، و«كتاب الفاخر»، و«كتاب في محنة الطبيب»، و«في طب العيون»، و«سر الأسرار»، و«جراب المجربات وخزانة الأطباء»، و«كتاب التجارب»، و«سر صناعة الطب».

سلسلة الأعلام لليافعة
تتألف «سلسلة الأعلام لليافعة» من ثلاثة وثلاثين عدداً، وشملت كلاً من: محمود درويش، الأمير السعيد (محمد عبد الكريم)، اسحق الموصلي، الملك الظاهر بيبرس، رحلة ابن جبير، عمر الخيام، عباس ابن فرناس، ألبرت أينشتاين، موتسارت، أبو حيان التوحيدي، ليلى الأخيلية، مي زيادة، المسعودي، السيد والسيدة كوري، لوركا، كريستوفر كولومبوس، ابن طفيل الأندلسي، بدوي الجبل، ابن حزم القرطبي، أبو فراس الحمداني، يوسف العظمة، داوود قسطنطين الخوري، إبراهيم هنانو، صالح العلي، سلمى الحفار، أعلام في ريادة الفضاء، الجاحظ، عز الدين القسام، تشايكوفسكي، ابن سينا، أبو الطيب المتنبي، أحمد بن ماجد ملاح، وأخيراً الرازي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن