ثقافة وفن

وللثقافة الإنسانية التوجه..

| إسماعيل مروة

قبل سنوات، وكنت أدرّس في معهد ضمن دمشق القديمة، ضُرب سور من الشبك حول بيوت هناك، وشهدت تهديم بناء حديث كان مدرسة، لتظهر كنوز مهمة وراء الكتل الإسمنتية، أذكر يومها انتقاد بعضهم، حتى من المثقفين لهذا الهدم ولماذا يتم لمصلحة قضايا سياحية قد لا تفيد!
قالوا يومها: إن مؤسسة الآغا خان الثقافية هي التي أخذت على عاتقها عملية الترميم لهذه البيوت، وكانت يومها ثلاثة بيوت في طريق واحد هي «السباعي، القوتلي، نظام» وللحق فإنني لم أكن قد دخلت هذه البيوت، وإن كنت مطلعاً على جماليات البيت الدمشقي وخاصة في هذه المنطقة.
ومع بداية الألفية الثالثة كانت المؤسسة قد باشرت أعمالها غير الربحية في سورية، وأظهرت قبل الحرب على سورية بعض أعمالها التي كانت متقنة، فكنت أسمع من أصدقاء لي عن علمية أعمال الشبكة، وعن أهمية ما تقوم به على المستوى العالمي، وعن أن أعمالها في سورية تشكل إضافة ثقافية وفكرية وإنسانية للتراث السوري الإنساني.
وفي جلسات عديدة ضمتني مع الدكتور علي إسماعيل المشرف على نشاط المؤسسة الثقافي في سورية اكتشفت أشياء وعلى الرغم من أنني لا أعد نفسي جاهلاً تماماً، وأحاول المعرفة، إلا أن زيارتي بصحبته للبيوت الثلاثة في دمشق القديمة، واطلاعي على ورشات العمل وآليات العمل والترميم جعلني أخجل من ذاتي… عمال خبراء بسيطون درسوا الجدران وبنيتها ومواد البناء، يقومون بصنع قوالب من النوع نفسه من أجل الترميم حتى لا تتغير الهوية! مهرة يعملون بريشة الأطفال الصغيرة لشهور من أجل كشف لون حقيقي أو لوحة! قراءة عميقة في تكوينات جمالية تعطيك تاريخ مدينة ومنطقة، مثل قاعة نظام التي يصح أن تسمى قاعة القناصل، سألت الدكتور علي: ماذا تستفيدون كشبكة ومؤسسة من هذا الترميم والإحياء؟
قال: مساعدة الناس لمساعدة أنفسهم من خلال تدريبهم للمحافظة على أصالة هويتهم التراثية، وهذا يشكل حجر الزاوية لتحسين الواقع الحياتي لهم من خلال طريقة ملموسة وعملية حاضرة أمامهم.. لقد وقعنا تفاهمات على هذا الترميم، وبعد الانتهاء يتم استثماره من الجهة المعنية بما يفيد أهل المنطقة ويقدم لهم النفع والمصلحة.
ثلاثة مواقع متجاورة على غاية الأهمية والقيمة، ذات صبغة إنسانية وثقافية وحضارية تؤكد أهمية الاستثمار في ميدان الحضارة والإنسان والتاريخ وهذا ما دفع إلى الإضاءة على أنشطة المؤسسة الثقافية الرائدة التي قدمت بغيرة وحب للثقافة السورية وللإنسان السوري أفضل ما لديها من خبرات محلية مدربة، وعالمية خبيرة لتجلو الصورة الحضارية الحقيقية.
شكراً للمؤسسة، والأمل يحدونا لتعميم هذه الثقافة في الحفاظ على الهوية، وإلى الثقافة الإنسانية التوجه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن