رياضة

بطولة كأس إفريقيا 2019 لم تخرج عن المألوف تهديفياً … بطل جدير ومنافسون مرتبكون والغلبة للنفس الطويل

| خالد عرنوس

انفض عرس الكرة الإفريقية بنسخته الثانية والثلاثين وتوج المنتخب الجزائري بطلاً بالأسلوب المعروف للقارة السمراء بعد منافسة شرسة خاصة من ساحل العاج ونيجيريا والسنغال وشكلت عودة المحاربين بعد 29 عاماً مفاجأة جميلة للعرب الذين غابوا عن التتويج منذ 2010 وكذلك يمكن وصف بلوغ نسور قرطاج نصف النهائي للمرة الأولى منذ 15 عاماً بالمفاجأة السارة إلا أنها لم تكتمل وجاءت عودة نسور نيجيريا موفقة بعد أن غابوا عن النسختين السابقتين لتؤكد أن الخضر مازالوا بين الكبار وبقوا أوفياء للمركز الثالث عندما يفشلون ببلوغ النهائي، ويمكن القول إنها بطولة استثنائية بكل المقاييس لكنها حافظت على بعض تقاليدها، في السطور التالية سنقف على أهم أحداثها وأرقامها.

بطولة أخرى
من تابع بطولات أمم إفريقيا على المدى الطويل لاحظ بلا شك المتغيرات التي طرأت على النسخة المختتمة في مصر 2019 فللمرة الأولى تقام في فصل الصيف بعد نهاية موسم كروي أوروبي طويل وامتدت البطولة لشهر كامل وشهدت 52 مباراة بمشاركة 42 فريقاً وكل هذه الأمور تحدث للمرة الأولى ومن حظ المنتخبات المشاركة أن البطولة أقيمت على الأراضي المصرية حيث الملاعب الجاهزة فكان التنظيم أقرب للمثالية حتى لا نقول إنه كامل، وبالتأكيد فإن أي دولة ستنظم هذه البطولة مستقبلاً ستكون تحت ضغط المقارنة، ويكفي القول إن الملاعب التي أقيمت عليها المباريات لم تتأثر أرضيتها كثيراً بهذا الكم الكبير خلال فترة وجيزة مقارنة مع شكوى اللاعبين من أرضية الملاعب البرازيلية التي استضافت كوبا أميركا بالتزامن مع الكأس الإفريقية وهذا على سبيل المثال.
وتم في البطولة تطبيق التعديلات الجديدة على بعض مواد اللعبة إضافة إلى استخدام تقنية الفيديو المساعد للمرة الأولى التي باتت تعرف بتقنية (VAR) وكذلك أقر نظام استراحة ضمن المباراة لمدة دقيقتين أو ثلاث دقائق لشرب المياه والعصائر بسبب الحر الشديد.

تقارب ومفاجأة
البطولة أظهرت من جديد تقارباً جديداً بين منتخبات القارة السمراء بشكل كبير حيث لم نلحظ فوارق شاسعة بين المنتخبات المصنفة رابعاً والمصنفة أولاً ولذلك كانت النتائج الضئيلة سمة بارزة ولم نشهد نتائج كبيرة (مرة واحدة حضر الفوز بفارق أربعة أهداف) وإن ساد الطابع الدفاعي الحذر الكثير من المباريات وذلك في محاولة الجميع تجنب الخروج المبكر وأيضاً الخوف من الخسارة وحتى في مباريات المجموعات غابت العروض الكبيرة على صعيد الأداء ولذلك يمكن وصف القليل من المواجهات بالممتعة.
إذا غابت الجمالية لكن الإثارة كانت حاضرة بقوة وخاصة في أدوار الإقصاء التي بدأت بمفاجآت كبيرة في حين اقتصرت مفاجآت الدور الأول على تصدر المنتخب الملغاشي لمجموعته على حساب نظيره النيجيري وذلك بعدما فجر أكبر مفاجآت البطولة بفوزه على النسور بهدفين ويمكن وصف صعود المنتخب التونسي وصيفاً لمجموعته برصيد 3 نقاط فقط هو مفاجأة صغيرة، ولذلك لم يكن غريباً أن يقام استقبال شعبي ورسمي للاعبي مدغشقر عند عودتهم لبلادهم خاصة أنهم بلغوا ربع النهائي وهم الذين ظهروا في نهائيات البطولة للمرة الأولى.

شح تهديفي
من يقرأ أن الرقم القياسي للأهداف في بطولة واحدة تم كسره في نسخة 2019 يفاجأ بأن المعدل التهديفي مازال على حاله في البطولة إن لم نقل إنه تراجع، فالبطولة السمراء تراجعت معدلاتها على هذا الصعيد منذ منتصف السبعينيات على غرار كل بطولات اللعبة العالمية والقارية لكنه أكثر قليلاً فيها، فقد شهدت نسخة 1976 ما معدله 3 أهداف ووحدها بطولة 2010 ارتفعت بعدها إلى أعلى من ثلاثة أهداف في المباراة بل باتت نسخة 1988 مضرباً في البطولات ذات الأهداف القليلة عندما بلغ المعدل 1.48 فقط.
ففي مصر بلغ عدد الأهداف 102 وبمعدل 1.89 في المباراة ذلك أن عدد المباريات ارتفع إلى 52 مباراة، وجاء هدفان في مباراتي الترتيب و4 في نصف النهائي و9 أهداف في ربع النهائي و19 في دور الـ16 و68 هدفاً بالدور الأول منها 16 هدفاً في المجموعة الثالثة مقابل 8 أهداف فقط في المجموعة السادسة التي شهدت أربعة تعادلات مقابل 6 انتصارات كاملة في المجموعتين الثالثة والرابعة.
أما الهدف الأسرع في البطولة فكان هدف الجزائري بونجاح وجاء بعد 81 ثانية ويعد أسرع هدف رسمي في مباراة نهائية علماً أن محمد دياب العطار سجل هدفاً في الدقيقة الثانية لنهائي 1957، أما هدف رياض محرز بمرمى نيجيريا في نصف النهائي فقد جاء في الدقيقة 90+5 وهو الهدف الأكثر تأخيراً، وسجلت أربعة أهداف بالنيران الصديقة وهذا رقم قياسي في نسخة واحدة.

الأفضل والأقوى
وشهدت البطولة 18 مباراة انتهت بنتيجة 1/صفر على حين انتهت خمس مباريات من دون أهداف كلها بالدور الأول من أصل 14 تعادلاً بالمجمل في كل الأدوار (بالطبع الترجيح لا يدخل في حسابات الفوز)، أما الفوز الأعلى فقد سجله منتخب الكونغو الديمقراطية على زيمبابوي بنتيجة 4/صفر، وشهدت أربع مباريات تسجيل 5 أهداف ومنها فوز ساحل العاج على ناميبيا ومالي على موريتانيا 4/1 وكذلك كينيا على تنزانيا ونيجيريا على الكاميرون 3/2.
ويعتبر المنتخب الجزائري البطل الأفضل هجومياً بتسجيله 13 هدفاً وقد سجل في جميع مبارياته وأيضاً كان الدفاع الجزائري الأقوى فلم تهتز شباكه سوى مرتين ويتساوى مع وصيفه السنغالي في هذا المجال والطريف أن الهدفين اللذين سجلا بمرمى الأسود كانا أمام المحاربين، ولا يمكن إغفال ما فعلته منتخبات الجزائر والمغرب ومصر بالدور الأول عندما حصدت العلامة الكاملة بشباك نظيفة، وبالمقابل فقد خرجت منتخبات بوروندي وتنزانيا وناميبيا من دون نقاط، واستحق منتخب تنزانيا لقب الدفاع الأضعف بتلقيه 8 أهداف على حين أخفق منتخبا بوروندي وغينيا بيساو بتسجيل أي هدف فاستحقا لقب الهجوم الأسوأ.

بطاقات
وشهدت البطولة إشهار الحكام البطاقة الحمراء في 174 مناسبة أي بمعدل 3.34 بطاقة في المباراة الواحدة وتحولت أربع مرات إلى اللون الأحمر فشهدت البطولة 5 حالات طرد إحداها بشكل مباشر وكانت للاعب بوروندي ندوراروجيرا في مباراة غينيا، على حين خرج لاعبا بنين خالد أدنون أمام المغرب وأوليفيه فيردون أمام السنغال والغاني جون بوي أمام بنين والكيني أوتينو أمام السنغال بعد إنذارين.
ولم تغب الإنذارات عن المباريات الـ52 فشهدت 6 مباريات صفراء واحدة وبلغت الصفراوات الرقم القياسي (7 مرات) في مباراتي المغرب * بنين في دور الـ16 والجزائر * ساحل العاج في ربع النهائي وكلتاهما امتدت إلى 120 دقيقة وشهدت المباراة النهائية 6 صفراوات.

جزاء وترجيح
احتسب في البطولة 14 ركلة جزاء وهذا رقم قياسي وسجل منها 8 وضاعت 6 ركلات وهو كذلك رقم قياسي وكان السنغاليون أكثر من احتسب لهم ركلات جزاء فأهدروا ثلاثاً عبر ساديو ماني أمام كينيا وأوغندا وهنري سايفيه أمام تونس وسجل ماني ركلة رابعة، وأهدر العرب ثلاث ركلات أخرى عبر التونسي فرجاني ساسي أمام السنغال والجزائري بغداد بونجاح أمام ساحل العاج والأهم كانت لحكيم زياش أمام بنين وقد ردها القائم في الدقيقة 90+4.
وامتدت خمس مباريات في البطولة إلى الأوقات الإضافية التي كانت حاسمة في مباراة نصف النهائي بفوز السنغال على تونس بهدف ليرتفع عدد المباريات التي حسمت بالتمديد إلى 21 مباراة بتاريخ البطولة علماً أن مباراة واحدة أعيدت بعد استمرار التعادل بعد 120 دقيقة.
ووصلت أربع مباريات إلى ركلات الترجيح وكلها شهدت أهدافاً ومنها ثلاث في دور الـ16 والرابعة في ربع النهائي ليصل عدد المباريات التي حسمت بهذه الطريقة إلى 34 مباراة منذ إقرار هذا الحل في بطولة 1978.

جوائز
اختير الجزائري إسماعيل بن ناصر أفضل لاعب في البطولة وهو أحد أصغر اللاعبين المتوجين بهذه الجائزة في تاريخ البطولة ويبلغ من العمر 21 عاماً وهو اللاعب رقم 21 الذي يفوز بلقب الأفضل عندما يتوج منتخب بلاده باللقب، واختير بن ناصر أيضاً لجائزة أفضل لاعب شاب إضافة إلى أنه أفضل ممرر حاسم برفقة العاجي فرانك كيسي بواقع 3 تمريرات، واختير الجزائري رايس مبولحي كأفضل حارس مرمى في البطولة وذهبت جائزة اللعب النظيف إلى المنتخب السنغالي.
أما جائزة الهداف فقد نالها النيجيري أوديون إيغالو برصيد 5 أهداف تلاه أربعة لاعبين سجل كل منهم 3 أهداف وهم: الجزائريان رياض محرز وآدم وناس والسنغالي ساديو ماني والكونغولي سيدريك باكامبو، وبالمجمل تناوب 70 لاعباً على تسجيل الأهداف الـ98 إضافة إلى أربعة أهداف عكسية.
وضمت التشكيلة المثالية في البطولة كلاً من: رايس مبولحي (الجزائر) وخاليدو كوليبالي ولامين غاساما ويوسف سابالي (السنغال) وياسين مرياح (تونس) وإدريسا غاي (السنغال) وعدلان قديورة وإسماعيل بن ناصر ورياض محرز (الجزائر) وساديو ماني (السنغال) وأوديون إيغالو (نيجيريا).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن