رياضة

في زمن الترشيد والتقشف طبشور وسبورة لسلتنا المستورة

| مهند الحسني

إذا كان الشح المادي هو المشكلة المزمنة لسلتنا الوطنية لا بل لرياضتنا، فإن معادلة توازن المصاريف بما يتوافق مع واقعنا المالي هي خطوة أولى نحو الخروج من هذه المشكلة، إلا أننا نلمس عكس ذلك تماماً في رياضتنا السورية، ففي جهة نرى فيها التقتير والشح، وضيق ذات اليد، وضعف الإمكانات، وفي جهة أخرى نرى البذخ والإسراف اللامحدودين، ولو توقفت الأمور عند هذه الحدود، لكنا اعتبرنا الأمر مبالغاً فيه، ولو كانت الملايين لا بل مئات الملايين تصرف في مكانها الصحيح، لما تفوهنا بحرف واحد، ولو كانت تعليمات المكتب التنفيذي بترشيد البطولات والحد من الإسراف، وعدم الصرف بشكل عشوائي هنا وهناك منطقية لما انتقدناها، ولكن كيف سنقتنع بأن الترشيد هو الحل، ونحن نرى مئات الألوف تصرف في غير مكانها؟ ولن نذهب إلى جانب افتراض سوء النية، بل سنفترض سوء التصرف، وكلاهما من حيث النتيجة سيان.

لله يا محسنين!
أصبحت لدينا قناعة شبه تامة بأن حماسة المكتب التنفيذي لبعض التفاصيل المتعلقة بألعابنا الرياضية على وجه العموم وسلتنا على وجه الخصوص، تشبه إلى حد بعيد مسألة تناول بعض الأشخاص للمنشطات، والمشكلة ليست في تناول المنشطات، بل في الأمر الذي تتركه، فالحركة والحيوية التي تدب في الشخص بعد تناولها سرعان ما تبدأ بالزوال إذا لم تتابع بواحدة أخرى، وهكذا هو حماس المكتب التنفيذي في بعض القضايا المهمة الموجودة بسلتنا، يبدي اهتماماً كلامياً كبيراً وتصميماً مرعباً على معالجة المشكلات، لكن بعد فترة ليست بطويلة يكتشف الواحد منا أن حماسه الذي تكون مع حماس المكتب التنفيذي وحده الذي بقي، وليس شيئاً آخر، ما طلبه رئيس لجنة الإحصاء في اتحاد السلة بتأمين ثلاثة لابتوبات من أجل تفعيل عمل اللجنة على أرض الواقع، وعملها بات بديهياً في جميع دوريات العالم لما له من فائدة فنية كبيرة وعظيمة في معرفة مدى ما قدمه كل لاعب في كل ناد، غير أن هذا الطلب لم يلق أي آذان مصغية، وكانت الحجة جاهزة (عدم توفر الإمكانات المادية)، ولا نعرف كيف يقرر المكتب التنفيذي مثل هذه القرارات بتلك البساطة، وهو يتحدث عن مفاصل ضرورية وحتمية في سلتنا الوطنية، لذلك اللجنة لم يتم تفعيلها هذا الموسم، ولم يتعد عملها هامش الورقة المكتوب عليها قرار تشكيلها.
كل ما يجري تراه عيون اتحاد السلة الذي بات عاجزاً عن المطالبة بأبسط مقومات اللعبة.
أحد الخبثاء في أروقة السلة غمز في قناة اللجوء إلى بعض الجمعيات الخيرية، ووضع مصاب سلتنا الجلل أمامها عسى ولعل أن تربح سلتنا منها التفاتة حنوناً، ونتمكن من إجراء العملية.. عفواً شراء اللابتوبات، ويتم تفعيل عمل اللجنة على أرض الواقع بعيداً من الأعذار والحجج المكتب التنفيذي التي باتت مستهلكة لم تعد تنطلي على طالب في المرحلة الابتدائية.
خلاصة
إذا كان الفارس بلا جواد، واللاعب بلا كرة، والسباح بلا مسبح، والرامي بلا بندقية، والإحصائي بلا أدواته مظاهر طبيعية في رياضتنا السورية، فإن الرهان أيها السادة على مقدرات الأشخاص، وإمكاناتهم الفردية للنهوض بواقع اللعبة، سيكون رهاناً خاسراً حتماً ما دمنا على هذه الدرجة من الاستخفاف بمقدرات الأمور الواجب توافرها للعبة.
أخيراً وليس آخراً، على اتحاد السلة إلزام كل ناد بجلب لوح خشبي، ومجموعة من الطباشير إلى صالاتنا أثناء المباريات، ويكلف بعض التلاميذ بتسجيل المعلومات الرقمية للاعبين، ولا مانع من نقل تلك المعلومات على ورق البردي، أو سعف النخيل لأن عقليات بعض القائمين على رياضتنا ما زالت تعيش في عصور الظلام والجاهلية، ولا تروق لها الحداثة والعصرية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن